سيناريوهات التصعيد بين إسرائيل والحوثيين: حرب كلامية أم مواجهة عسكرية شاملة؟

مدة القراءة:

في تصعيد لافت، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن "الحرب ضد الحوثيين قد بدأت للتو"، مما يثير تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين الجانبين وإمكانية تحول التوترات الحالية إلى صراع أوسع نطاقاً. يأتي هذا التصريح في ظل تبادل مستمر للقصف والهجمات بين الطرفين، حيث يطلق الحوثيون صواريخ باليستية بشكل شبه يومي باتجاه إسرائيل، في حين تستعد الأخيرة لشن هجمات "أكثر عنفاً" وتوسيع نطاق أهدافها في اليمن، وفقاً لتقارير إعلامية إسرائيلية.

سيناريوهات التصعيد بين إسرائيل والحوثيين: حرب كلامية أم مواجهة عسكرية شاملة؟

تصعيد عسكري متبادل

خلال الأسابيع الأخيرة، تصاعدت وتيرة الهجمات المتبادلة بين الجانبين. أطلق الحوثيون صواريخ باليستية باتجاه إسرائيل بشكل شبه يومي، مما أدى إلى إرسال ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ. من جهتها، ردت إسرائيل بغارات جوية استهدفت مواقع عسكرية للحوثيين في اليمن، وفقاً لمقاطع فيديو نشرها الجيش الإسرائيلي. وتشير تقارير إعلامية إسرائيلية إلى أن تل أبيب تخطط لشن هجمات "أكثر عنفاً" وتوسيع "بنك الأهداف"، مما يعني أن التصعيد العسكري قد يتخذ أبعاداً أوسع في الفترة المقبلة.

الحوثيون: قوة صاعدة بتقنيات متطورة

لم يعد الحوثيون مجرد جماعة متمردة تقليدية، بل تحولوا إلى قوة عسكرية منظمة تمتلك أسلحة متطورة، وفقاً للمحلل السياسي عبد الكريم الأنسي. تشير تقارير إلى امتلاكهم منظومات صاروخية قادرة على مواجهة أنظمة دفاع جوي متقدمة، مما يثير قلق إسرائيل بشأن قدراتهم المتنامية. ويضيف الأنسي أن الاستخبارات اليمنية حققت "نجاحاً وتقدماً يفوق الاستخبارات الإسرائيلية"، مستشهداً باستهداف إسرائيل لمناطق "غير هامة" تثير "سخرية واستهزاء الشعب اليمني".

في المقابل، يرى المحلل السياسي الإسرائيلي إيلي نيسان أن الدعم الإيراني هو المحرك الرئيسي لقوة الحوثيين، على الرغم من الحديث عن تطورهم الذاتي في مجال الأسلحة. هذا يقود إلى نقاش داخلي في إسرائيل حول ما إذا كان يجب استهداف الحوثيين مباشرة أم توجيه ضربة لإيران، التي تعتبرها إسرائيل "رأس الأخطبوط". ويرى نيسان أن "الجبهة اليمنية فقط" هي المتبقية لإسرائيل، مما يعني تركيزاً سياسياً وعسكرياً مكثفاً على التعامل مع الحوثيين في الفترة المقبلة.

التحديات الجغرافية والاستخباراتية

البعد الجغرافي يلعب دوراً محورياً في هذا الصراع. تقع اليمن على بعد ألفي كيلومتر من إسرائيل، مما يشكل تحدياً استخباراتياً وعسكرياً لتل أبيب. يقول المحلل السياسي عامر السبايلة إن إسرائيل كانت تركز في السابق على الجبهات القريبة، مثل لبنان وسوريا، لكنها الآن تواجه تهديدات من جبهات أبعد جغرافياً، مثل اليمن.

ويشير الصحفي وهيب النصاري إلى أن الوضع في اليمن يختلف عن لبنان، حيث أن حزب الله يتواجد في مناطق حدودية مع إسرائيل، مما يسهل عمليات الاستهداف. أما في اليمن، فإن البعد الجغرافي يجعل من الصعب على إسرائيل جمع المعلومات الاستخباراتية الدقيقة حول قادة الحوثيين وأماكن تواجدهم.

سيناريوهات مستقبلية

يتوقع المحللون أن الصراع بين إسرائيل والحوثيين قد يمتد لفترة طويلة، خاصة في ظل عدم وجود مؤشرات على وقف إطلاق النار في المدى القريب. يقول السبايلة إن إسرائيل لن تترك الجبهة اليمنية إلا بعد أن تختفي التهديدات القادمة منها، مشيراً إلى أن لكل جبهة مفاجآتها، ويتوقع أن تنقل إسرائيل الأزمة إلى الداخل اليمني لاستهداف الحوثيين بشكل مباشر.

من جهته، يرى نيسان أن السيناريو الأهم في المرحلة الحالية هو ضرورة وقف إطلاق النار على جميع الجبهات، بما في ذلك اليمن. ومع ذلك، يشير إلى أن إسرائيل لن تقبل بمطالب الحوثيين، خاصة تلك المتعلقة برفع الحصار عن قطاع غزة، والتي قد تهدف إلى إنشاء خط إمداد مباشر لإيران لتسليح حركتي حماس والجهاد الإسلامي.

مستقبل الصراع: هل من أفق لوقف إطلاق النار؟

يرى عبد الكريم الأنسي أن الخيار الأمثل يكمن في إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، مشيراً إلى أن "نتنياهو لا يريد أن يظهر وكأنه فشل في هذه الحرب ولكن أنصار الله وأسلحتهم تصفعه كل يوم".

في المقابل، يؤكد نيسان أن إسرائيل لا يمكنها قبول مطالب الحوثيين، وأن الحرب ستستمر حتى يتضح موقف الولايات المتحدة تجاه الحوثيين وما إذا كانت ستواصل دعمها. ويعتبر نيسان أن السيناريو الأهم في المرحلة الحالية هو وقف إطلاق النار على جميع الجبهات، مشيراً إلى أن إسرائيل تراقب عن كثب محاولات حزب الله لإعادة بناء قوته وتستهدف محاولات تهريب الأسلحة. ويرى أن مطالب الحوثيين برفع الحصار عن غزة تشير إلى نية إيران إنشاء خط إمداد مباشر لحماس والجهاد الإسلامي.

ويختتم السبايلة بالإشارة إلى أن إسرائيل ليست معنية بالبقاء في حالة قصف جوي مستمر، وأن هذه المسؤولية تقع على عاتق بريطانيا والولايات المتحدة في إطار تحالفات التعاون الإقليمي.

الخلاصة

يبقى مستقبل العلاقة بين إسرائيل والحوثيين غامضاً ومليئاً بالسيناريوهات المحتملة. فتصريحات نتنياهو تشير إلى نية إسرائيلية لتصعيد المواجهة، بينما يمتلك الحوثيون قدرات عسكرية متنامية ودوافع أيديولوجية قوية. وبين خيار استهداف القيادات والتركيز على البنية التحتية، تواجه إسرائيل تحديات جغرافية واستخباراتية في التعامل مع هذا الخصم الجديد. وفي ظل تعقيدات المشهد الإقليمي وتداخل المصالح، يبقى السؤال قائماً حول إمكانية التوصل إلى تهدئة أو الانزلاق نحو مواجهة عسكرية أوسع نطاقاً.

المصدر: BBC


Share/Bookmark

إسرائيل|الحوثيين|تصعيد عسكري|إيران|وقف إطلاق النار

النشرة البريدية

تعليقات

الموضوعات الأكثر قراءة في" علىّْ الدين الإخباري"

الدولار يبدأ عام 2025 بقوة وسط توقعات باستمرار ارتفاع الفائدة الأمريكية

وظائف أهرام الجمعة 3-1-2025 لكل المؤهلات والتخصصات بمصر والخارج