التجارة الخارجية لمصر تسجل قفزة بنسبة 8% في 10 أشهر مع تفاقم عجز الميزان التجاري
مدة القراءة:
القاهرة: أظهرت أحدث البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، والتي حصلت "أموال الغد" على نسخة منها، تسجيل التجارة الخارجية لمصر قفزة ملحوظة خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2024، حيث ارتفعت بنسبة 8% لتصل إلى 113.922 مليار دولار، مقارنة بـ 105.49 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي. ويعكس هذا النمو النشاط المتزايد في حركة الاستيراد والتصدير.
نمو التجارة يتصاعد في أكتوبر
لم يقتصر النمو على الفترة الإجمالية، بل امتد ليشمل شهر أكتوبر الماضي، الذي شهد ارتفاعاً في قيمة التجارة بنسبة 6.6%، لتصل إلى 11.794 مليار دولار، مقابل 11.062 مليار دولار في أكتوبر 2023.
ولكن.. عجز الميزان التجاري يتفاقم
على الرغم من هذا النمو الإيجابي في حجم التجارة، كشفت البيانات عن جانب سلبي يتمثل في تفاقم عجز الميزان التجاري لمصر بنسبة كبيرة بلغت 18.5% خلال الفترة من يناير إلى أكتوبر 2024. وقد بلغ العجز 40.648 مليار دولار، مقارنة بـ 34.304 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي، بزيادة قدرها 6.344 مليار دولار.
الصادرات غير البترولية تقود النمو
على صعيد الصادرات، سجلت مصر نموًا بنسبة 2.9% في إجمالي قيمة الصادرات خلال الأشهر العشرة الأولى من العام، لتصل إلى 36.637 مليار دولار، مقابل 35.593 مليار دولار في الفترة المقابلة من العام الماضي. ويعود هذا النمو بشكل كبير إلى الأداء القوي للصادرات غير البترولية، التي ارتفعت بنسبة 11.2% لتصل إلى 32.307 مليار دولار، مقابل 29.048 مليار دولار. كما ساهمت المنتجات البترولية في النمو، حيث ارتفعت صادراتها بنسبة 43.3% لتصل إلى 2.864 مليار دولار.
تراجع حاد في صادرات الغاز الطبيعي
في المقابل، شهدت بعض القطاعات التصديرية تراجعاً ملحوظاً، أبرزها صادرات الغاز الطبيعي والمسال التي انخفضت بنسبة كبيرة بلغت 86.9%، لتصل إلى 303 مليون دولار فقط، مقارنة بـ 2.317 مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي. كما انخفضت صادرات البترول الخام بنسبة 47.8% لتسجل 1.163 مليار دولار.
الواردات تقفز.. والغاز الطبيعي يتصدر
على جانب الواردات، سجلت مصر نموًا بنسبة 10.6%، لتصل قيمة الواردات إلى 77.285 مليار دولار، مقابل 69.897 مليار دولار في الفترة المقابلة. وبرز الارتفاع الكبير في واردات الغاز الطبيعي بنسبة 93.7%، لتصل إلى 3.836 مليار دولار، مقارنة بـ 1.98 مليار دولار. كما زادت واردات المنتجات البترولية بنسبة 45.8% لتصل إلى 8.716 مليار دولار.
تأثيرات متباينة على واردات النفط
في حين ارتفعت واردات المنتجات البترولية، تراجعت واردات البترول الخام بنسبة كبيرة بلغت 71.4%، لتصل إلى 447 مليون دولار. أما الواردات غير البترولية، فقد سجلت نموًا بنسبة 6.5% لتصل إلى 64.286 مليار دولار.
تحليل وتوقعات
تشير هذه الأرقام إلى ديناميكية معقدة في التجارة الخارجية المصرية. فمن ناحية، يعكس الارتفاع في حجم التجارة النشاط الاقتصادي المتزايد والرغبة في تلبية الاحتياجات المحلية وتوسيع نطاق الصادرات. ومن ناحية أخرى، يثير تفاقم عجز الميزان التجاري تساؤلات حول القدرة التنافسية للصادرات المصرية وحجم الاعتماد على الاستيراد.
رسم بياني يوضح قيمة التجارة الخارجية لمصر (أول 10 أشهر 2023 و 2024)
رسم بياني يوضح تطور عجز الميزان التجاري لمصر (أول 10 أشهر 2023 و 2024)
رسم بياني يوضح نسبة النمو في الصادرات غير البترولية (أول 10 أشهر 2024)
الأسباب المحتملة
يمكن تفسير الارتفاع الكبير في واردات الغاز الطبيعي بزيادة الطلب المحلي على الطاقة، خاصة خلال فصل الصيف، وربما بالتزامن مع انخفاض الإنتاج المحلي. كما يعكس ارتفاع واردات المنتجات البترولية حاجة السوق المحلي للمشتقات النفطية المختلفة.
أما التراجع الحاد في صادرات الغاز الطبيعي، فقد يعود إلى توجيه الإنتاج لتلبية الاحتياجات المحلية المتزايدة أو تغيرات في الأسعار العالمية. كما أن انخفاض صادرات البترول الخام قد يرتبط بتقلبات الإنتاج أو الطلب العالمي.
توصيات
يتطلب تفاقم عجز الميزان التجاري اتخاذ إجراءات فعالة لتعزيز الصادرات وتنويعها، وتقليل الاعتماد على الاستيراد في بعض القطاعات. يمكن تحقيق ذلك من خلال:
- دعم الصناعات المحلية: تقديم حوافز وتسهيلات للمصانع المصرية لزيادة إنتاجها وقدرتها التنافسية في الأسواق الخارجية.
- تسهيل إجراءات التصدير: تبسيط الإجراءات وتقليل التكاليف لتشجيع المصدرين.
- تنويع الأسواق التصديرية: استهداف أسواق جديدة لتقليل الاعتماد على الأسواق التقليدية.
- ترشيد الاستيراد: تشجيع الإنتاج المحلي من السلع التي يتم استيرادها بكميات كبيرة، والبحث عن بدائل محلية.
- الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة: لتقليل الاعتماد على استيراد الوقود الأحفوري.
ختاماً
تظهر بيانات التجارة الخارجية لمصر خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2024 صورة مختلطة. ففي حين يشير النمو في حجم التجارة إلى نشاط اقتصادي متزايد، فإن تفاقم عجز الميزان التجاري يستدعي اتخاذ إجراءات جادة لضبط هذا الخلل وتحقيق توازن مستدام في التجارة الخارجية. ستكون المتابعة الدقيقة لمؤشرات التجارة الخارجية خلال الفترة المقبلة ضرورية لتقييم فعالية السياسات المتخذة وتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية.
للاستماع للبودكاست اضغط هــنــا
التجارة الخارجية لمصر | صادرات مصر | واردات مصر | عجز الميزان التجاري | الصادرات غير البترولية
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار