شات جي بي تي وحرائق لوس أنجلوس: هل هناك علاقة؟

مدة القراءة:

مع استمرار اشتعال حرائق الغابات المدمرة في لوس أنجلوس، والتي أدت إلى نزوح الآلاف وتدمير الممتلكات، ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي مزاعم تربط بين روبوت الدردشة "شات جي بي تي" والحرائق. هذه الاتهامات أثارت تساؤلات حول تأثير الذكاء الاصطناعي على البيئة، وكيف يمكن لتقنيات المستقبل أن تساهم في تفاقم أزمات الحاضر.

شات جي بي تي وحرائق لوس أنجلوس: هل هناك علاقة؟

الذكاء الاصطناعي والبصمة الكربونية

"شات جي بي تي"، الذي طورته شركة "OpenAI"، يعتمد على مراكز بيانات ضخمة تستهلك كميات هائلة من الطاقة والمياه لتشغيلها وتبريد خوادمها. هذه العمليات تساهم في انبعاثات الكربون، التي ترتبط بشكل مباشر بتغير المناخ. وفقًا لتحقيقات أجرتها وكالة "أسوشيتد برس" في عام 2023، فإن مراكز بيانات "مايكروسوفت" المستخدمة لتدريب نموذج "GPT-4" استهلكت 11.5 مليون غالون من المياه في مركز واحد فقط لتبريد الخوادم. هذا الرقم يعكس الاستهلاك الضخم للموارد الطبيعية، مما يضع تساؤلات حول استدامة الذكاء الاصطناعي.

كيف يساهم تغير المناخ في الحرائق؟

تغير المناخ يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة والجفاف، مما يخلق بيئة مثالية لحرائق الغابات. ورغم أن "شات جي بي تي" ليس مسؤلاً بشكل مباشر عن إشعال الحرائق، إلا أن استهلاك الطاقة الهائل المرتبط بتشغيله وغيره من أنظمة الذكاء الاصطناعي يساهم في تفاقم أزمة المناخ، مما يزيد من احتمالات حدوث الكوارث الطبيعية مثل حرائق الغابات.

استهلاك المياه: التكلفة الخفية للذكاء الاصطناعي

إحدى القضايا الأقل شهرة هي استهلاك المياه الهائل الذي تتطلبه عمليات تشغيل الذكاء الاصطناعي. وفقًا لدراسة أجرتها صحيفة "واشنطن بوست" بالتعاون مع جامعة كاليفورنيا في ريفرسايد، فإن إنشاء رسالة بريد إلكتروني مكونة من 100 كلمة باستخدام "شات جي بي تي" يتطلب ما يعادل زجاجة ماء كاملة (حوالي 519 مليلتر). وبحساب بسيط، إذا استخدم 16 مليون شخص "شات جي بي تي" مرة واحدة أسبوعياً لمدة عام، فإن ذلك سيستهلك أكثر من 435 مليون لتر من الماء.

التحديات البيئية للذكاء الاصطناعي

تشير تقديرات جامعة كاليفورنيا في ريفرسايد إلى أن استهلاك المياه المرتبط بالذكاء الاصطناعي قد يصل إلى ما بين 4.2 و6.6 مليار متر مكعب بحلول عام 2027. هذا الرقم يعادل تقريبًا كمية المياه التي تستهلكها نصف المملكة المتحدة سنوياً. بالإضافة إلى ذلك، فإن انبعاثات الكربون الناتجة عن تشغيل مراكز البيانات تساهم في تفاقم أزمة المناخ، مما يجعل الذكاء الاصطناعي جزءًا من المشكلة البيئية الأكبر.

غياب الشفافية والمسؤولية

عادة ما تكون شركات التكنولوجيا مثل "غوغل" و"مايكروسوفت" و"OpenAI" مراوغة بشأن استخدامها للطاقة والمياه. ومع ذلك، يمكن الوصول إلى استهلاك المياه من خلال السجلات العامة وتقديره من خلال الحسابات التي أجراها الباحثون. هذا الغياب للشفافية يزيد من المخاوف بشأن استدامة هذه التقنيات، ويطرح تساؤلات حول مدى استعداد هذه الشركات لتحمل المسؤولية البيئية.

هل يمكن للعالم الاستمرار في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي؟

مع مشاهدة الدمار الناتج عن حرائق لوس أنجلوس، يصبح من الضروري إعادة التفكير في كيفية تقليل البصمة الكربونية والمائية لتقنيات الذكاء الاصطناعي. يمكن تحقيق ذلك من خلال استخدام مصادر الطاقة المتجددة، وتحسين كفاءة مراكز البيانات، واعتماد تقنيات تبريد أكثر استدامة. كما أن زيادة الشفافية حول استهلاك الطاقة والمياه في عمليات الذكاء الاصطناعي ستساعد في زيادة الوعي العام ودفع الحكومات والشركات نحو تبني ممارسات أكثر مسؤولية.

الخلاصة

رغم أن "شات جي بي تي" ليس مسؤولاً بشكل مباشر عن حرائق لوس أنجلوس، فإن تكاليف الذكاء الاصطناعي البيئية تثير قلقاً متزايداً. التحدي الآن هو كيفية تحقيق التوازن بين التقدم التكنولوجي والحفاظ على البيئة، وهو أمر يتطلب جهوداً مشتركة من الحكومات والشركات والمجتمع المدني. السؤال الأكبر الذي يجب أن نواجهه هو: هل يمكن أن تصبح تقنيات الذكاء الاصطناعي صديقة للبيئة في المستقبل؟ وما الذي يجب أن تفعله الحكومات والشركات لتحقيق ذلك؟

للاستماع للبودكاست اضغط هــنــا 


Share/Bookmark

شات جي بي تي | حرائق لوس أنجلوس | الذكاء الاصطناعي | البصمة الكربونية | استهلاك المياه

النشرة البريدية

تعليقات

الموضوعات الأكثر قراءة في" علىّْ الدين الإخباري"

وظائف الوسيط الجمعة 10-1-2025 لكل المؤهلات والتخصصات بمصر والخارج

صدمة اقتصادية هائلة: حرائق كاليفورنيا قد تكلف 60 مليار دولار وتترك تداعيات طويلة الأمد

ارتفاع حصيلة ضحايا حرائق لوس أنجلوس إلى 24 قتيلاً وتوقعات بارتفاع العدد (فيديو)