جرس إنذار حول الديون المصرية: زيادة قياسية بـ 800 مليار جنيه في 3 أشهر تثير قلق الخبراء

مدة القراءة:

القاهرة: أثارت قفزة كبيرة في حجم الدين العام المصري خلال الربع الثالث من العام الماضي، بلغت حوالي 800 مليار جنيه، موجة من التساؤلات والمخاوف بين الاقتصاديين والمراقبين. هذه الزيادة القياسية، التي كشفت عنها بيانات رسمية، دفعت الخبير الاقتصادي البارز هاني توفيق إلى دق ناقوس الخطر، مؤكدًا أن الوضع يستدعي "إصلاحات اقتصادية هيكلية" جذرية وليست مجرد حلول مؤقتة.

جرس إنذار حول الديون المصرية: زيادة قياسية بـ 800 مليار جنيه في 3 أشهر تثير قلق الخبراء

أرقام مقلقة تكشف حجم التحدي

وفقًا لبيانات وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، ارتفع إجمالي الدين العام المستحق على الحكومة المصرية (بشقيه المحلي والأجنبي) بنحو 810 مليارات جنيه خلال الفترة من يوليو إلى سبتمبر 2024. قفز الدين من 12.52 تريليون جنيه في نهاية يونيو 2024 إلى 13.33 تريليون جنيه بنهاية سبتمبر من العام نفسه.

الرسم البياني لتطور الدين العام المصري

تطور الدين العام المصري (2022-2024)

توفيق ينتقد الحلول "الترقيعية"

عبر الخبير هاني توفيق عن قلقه الشديد إزاء هذا الارتفاع الحاد في الدين، واصفاً إياه بأنه "يحتاج إلى إصلاحات اقتصادية هيكلية وليس قرارات ترقيعية". وأوضح توفيق عبر صفحته على فيسبوك أن معظم هذه الزيادة يعود إلى سداد ديون مستحقة، مما اضطر الحكومة إلى الاقتراض مجددا لسدادها، وهو ما وصفه بأنه "حلقة مفرغة". وتوقع توفيق أن يرتفع الدين بتريليون جنيه أخرى خلال الأشهر الثلاثة القادمة إذا استمر الوضع على ما هو عليه.

الحكومة تسعى لخفض الدين.. ولكن

في المقابل، تسعى الحكومة المصرية جاهدة لخفض حجم الدين العام. أعلن وزير المالية أحمد كجوك في وقت سابق عن استهداف خفض الدين العام إلى 80% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية يونيو 2027. وقد شهد الدين العام بالفعل تراجعاً من 96% في العام المالي 2022-2023 إلى 89% في العام المالي الماضي 2023-2024، وهو ما عزته الحكومة إلى الدعم الذي قدمته صفقة "رأس الحكمة" الاستثمارية الضخمة.

سداد الديون وجهود لتخفيف الأعباء

تشير التقارير إلى أن مصر قامت بسداد حوالي 38.7 مليار دولار من الديون خلال عام 2024، بما في ذلك 7 مليارات دولار تم سدادها في شهري نوفمبر وديسمبر، وفقًا لتصريحات رئيس الوزراء مصطفى مدبولي. وتأمل مصر في الحصول على دفعة قدرها 1.2 مليار دولار من صندوق النقد الدولي بموجب اتفاقية قائمة، وهو ما قد يساعد في تخفيف بعض الضغوط الاقتصادية.

جدول الديون والقروض

حجم الديون المسددة والقروض المتوقعة خلال عام 2024

التفاصيل المبلغ (مليار دولار) ملاحظات
إجمالي الديون المسددة 38.7 تم السداد خلال عام 2024
ديون نوفمبر وديسمبر 2024 7.0 جزء من إجمالي الديون المسددة
القروض المتوقعة من صندوق النقد الدولي 1.2 متوقع استلامها في يناير 2024

تحليل وتوقعات

لا شك أن الزيادة الكبيرة في الدين العام خلال فترة قصيرة تمثل تحدياً كبيرًا للاقتصاد المصري. إن اعتماد الحكومة بشكل كبير على الاقتراض لسداد الديون القائمة يخلق حلقة مفرغة تزيد من الأعباء المستقبلية. يرى الخبراء أن الحل يكمن في تبني إصلاحات هيكلية حقيقية تهدف إلى تنويع مصادر الدخل القومي، وتعزيز الإنتاج المحلي، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتقليل الاعتماد على الاقتراض الخارجي.

ما هي الإصلاحات الهيكلية المطلوبة؟

يقصد بالإصلاحات الهيكلية مجموعة من الإجراءات والسياسات الاقتصادية التي تهدف إلى تغيير جذري في هيكل الاقتصاد وتحسين كفاءته وقدرته على النمو المستدام. تشمل هذه الإصلاحات عادة:

  • تحسين مناخ الاستثمار: تسهيل الإجراءات، وتبسيط القوانين، وتوفير بيئة جاذبة للمستثمرين المحليين والأجانب.
  • تنمية القطاعات الإنتاجية: دعم الصناعة والزراعة والقطاعات الخدمية ذات القيمة المضافة العالية.
  • ترشيد الإنفاق الحكومي: التحكم في المصروفات غير الضرورية وتوجيه الموارد نحو المشروعات ذات العائد الاقتصادي والاجتماعي.
  • مكافحة التهرب الضريبي: توسيع القاعدة الضريبية وتحسين آليات التحصيل لزيادة الإيرادات العامة.
  • تطوير التعليم والتدريب: تأهيل الكوادر البشرية لتلبية احتياجات سوق العمل المتغيرة.

الخلاصة

تبقى الزيادة الكبيرة في الدين العام المصري خلال الأشهر الأخيرة بمثابة جرس إنذار يتطلب تحركاً سريعًا و حاسماً من الحكومة. بينما تسعى الحكومة جاهدة لإدارة الدين وسداد الالتزامات، يؤكد الخبراء أن الحلول قصيرة الأجل لن تكون كافية. المطلوب هو رؤية اقتصادية شاملة تعتمد على إصلاحات هيكلية جذرية تضمن تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتخفيف أعباء الديون للأجيال القادمة. يبقى السؤال: هل ستنجح مصر في كسر هذه الحلقة المفرغة والاتجاه نحو مسار اقتصادي أكثر استقراراً؟ هذا ما ستكشف عنه الأشهر والسنوات القادمة.

المصدر: RT (مع الإشارة إلى بيانات وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي وتصريحات المسؤولين المصريين ومنشور هاني توفيق على فيسبوك)

للاستماع للبودكاست اضغط هــنــا 


Share/Bookmark

الدين العام المصري | اقتصاد مصر | زيادة الدين في مصر | هاني توفيق خبير اقتصادي | إصلاحات اقتصادية مصر

النشرة البريدية

تعليقات

الموضوعات الأكثر قراءة في" علىّْ الدين الإخباري"

الدولار يبدأ عام 2025 بقوة وسط توقعات باستمرار ارتفاع الفائدة الأمريكية

قفزة بـ 1443 جنيهاً! ارتفاع صارخ في أسعار الحديد اليوم وتراجع للأسمنت (السبت 4 يناير 2025)

فيروس HMPV: ما حقيقة "الفيروس الجديد" الذي يثير مخاوف العالم؟