انقسام في الفيدرالي ومعارضة نادرة.. هل يضحي الاقتصاد الأميركي بالوظائف في 2026 لسحق التضخم؟
كتب: فريق التحليل الاقتصادي
لم يعد السؤال في أروقة الاحتياطي الفيدرالي يدور حول "كم نخفض الفائدة؟"، بل أصبح "أي الشرين نختار؟". يواجه صناع السياسة انقساماً حاداً حول التهديد الرئيسي لعام 2026: هل هو التضخم الذي يرفض الاختفاء تماماً، أم سوق العمل الذي بدأ يظهر شروخاً مقلقة؟
هذا الانقسام لم يعد سراً، بل طفا على السطح بعد قرار البنك المركزي الأخير، والذي شهد تصويتين معارضين لأول مرة منذ أشهر، في سابقة تنبئ بعام ساخن.
قرار ديسمبر والإجماع المفقود
في اجتماعه الأخير يوم 10 ديسمبر 2025، خفض الفيدرالي سعر الفائدة الرئيسي بمقدار ربع نقطة مئوية (25 نقطة أساس) للمرة الثالثة على التوالي، ليستقر في نطاق 3.5% إلى 3.75%. لكن ما لفت الأنظار لم يكن القرار نفسه بقدر ما كانت الأصوات المعارضة؛ فقد صوت "أوستن غولسبي" رئيس بنك الاحتياطي في شيكاغو و"جيف شميد" رئيس بنك الاحتياطي في كانساس سيتي ضد الخفض، معتبرين أن الأجدر كان الانتظار لتحليل المزيد من البيانات.
الأمر الذي زاد التوتر هو أن توقعات المسؤولين التي نشرت بالتزامن مع القرار أظهرت أن التوقع المتوسط يقف عند خفض فائدة واحد فقط في 2026، لكن هذه النقطة المتوسطة تخفي انقساماً غير مسبوق؛ فقد أشار 3 مسؤولين إلى احتمال رفع الفائدة العام المقبل، بينما يرى مسؤولان آخران خفضاً بمقدار نقطة مئوية كاملة على الأقل.
صراع المعسكرين: التضخم مقابل الوظائف
لفهم المشهد القادم، يجب النظر إلى الجبهتين المتصارعتين داخل البنك:
معسكر التضخم: "العدو لم يمت بعد"
يمثل هذا المعسكر الجانب الأكثر تشدداً. يقول جيف شميد في بيانه إن "التضخم لا يزال مرتفعاً أكثر من اللازم، والاقتصاد يظهر زخماً مستمراً". ويرى أن سياسة الفيدرالي الحالية "تقييدية بشكل طفيف فقط، إن كانت تقييدية أصلاً".انضم إليه بيث هاماك (رئيسة بنك كليفلاند والتي ستصوت في 2026)، قائلة بوضوح في سينسيناتي: "حالياً لدينا سياسة تقترب كثيراً من المستوى المحايد. أفضل أن نكون عند وضع أكثر تقييداً قليلاً" لضمان سحق التضخم.
معسكر سوق العمل: "البطالة هي الخطر الحقيقي"
في الجانب الآخر، تقف آنا بولسون (رئيسة بنك فيلادلفيا، وتصوت في 2026)، التي ترى أن "المخاطر التي تواجه سوق العمل تمثل مصدر القلق الأكبر". تستند بولسون في تفاؤلها إلى اعتقادها بأن التضخم سيتراجع تلقائياً العام المقبل، مما يستوجب التركيز على دعم التوظيف قبل فوات الأوان.ميزان المخاطر: لمن الغلبة؟
الإجابة على سؤال "ما هو الخطر الأكبر؟" تعتمد على الزاوية التي تنظر منها:
🔴 حجة المتشددين (مخاطر التضخم):
- التضخم لا يزال فوق هدف 2% الأساسي
- الاقتصاد يحافظ على زخم نمو قوي (توقعات بـ 2.3% لعام 2026)
- سوق العمل لا تزال "متوازنة" ولا تدعو للهلع
🔵 حجة الميسرين (مخاطر الركود):
- معدل البطالة ارتفع فعلياً منذ الصيف
- التضخم في مسار هبوطي طبيعي
- خطر التأخر في إنقاذ الوظائف أصعب في المعالجة من تضخم مؤقت
"المعارضة الصامتة" وتغير قواعد اللعبة
عزز الإغلاق الحكومي الأخير في أكتوبر ونوفمبر 2025 من تعقيد المشهد، حيث حجب بيانات حيوية مثل الناتج المحلي للربع الثالث، مما جعل المسؤولين يتخذون قراراتهم "في ظل غيوم كثيفة من عدم اليقين" بتعبير جولسبي.
ومع دخول عام 2026، ستتغير الدماء في لجنة التصويت؛ سيخرج جولسبي وشميد، وتدخل هاماك (المتشددة) وبولسون (القلقة على الوظائف). ومع وجود 6 من أصل 19 مسؤولاً يفضلون تجميد الفائدة حتى نهاية 2025، فإن ما يسميه المحللون بـ "المعارضة الصامتة" ستتحول إلى قوة ضاربة قد تفرض سيناريو "الخفض اليتيم" في 2026.
خاتمة: عام 2026 تحت مظلة الحذر
يتوقع بنك جولدمان ساكس خفضين فقط العام المقبل، في حين تراهن مؤسسة مورنينجستار على 5 خفوضات مجمعة في 2026 و2027، مما يعكس مدى عدم اليقين الحالي.
لن يكون هناك إجماع داخل الفيدرالي قبل وضوح الصورة الاقتصادية. ومع انتهاء ولاية جيروم باول كرئيس للفيدرالي في مايو 2026، فإن الاقتصاد الأمريكي مقبل على عام انتقالي بامتياز، حيث الخطر الأكبر قد لا يكون التضخم أو البطالة، بل "عدم اليقين" السياسي والاقتصادي ذاته.
المصادر:
- تغطية مباشرة لقرار الفيدرالي وتوقعات 2026
- الخلافات داخل الفيدرالي حول مخاطر التضخم مقابل سوق العمل
- بيان الفيدرالي الرسمي حول قرار ديسمبر 2025
الوسوم
الاحتياطي الفيدرالي الأميركي | أسعار الفائدة الأميركية | التضخم في الولايات المتحدة | سوق العمل الأميركي | السياسة النقدية الأميركية

تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار