قنبلة الديون المصرية: أرقام تفجّر المخاوف من الإفلاس السيادي

--

قنبلة الديون المصرية: أرقام تفجّر المخاوف من الإفلاس السيادي

تحولت أزمة الديون الخارجية في مصر إلى كابوس اقتصادي يهدّد مستقبل الأجيال القادمة، مع تسارع وتيرة الاستدانة بأدوات مالية قصيرة الأجل ومكلفة، وفقاً لأحدث بيانات البنك الدولي والجهات الرسمية المصرية.

أرقام تدق ناقوس الخطر

كشف تقرير الديون الدولية الصادر عن البنك الدولي (World Bank International Debt Report 2025) أن مصر دخلت نادي "الدول الأكثر مديونية" عالمياً، مع دين خارجي صافٍ بلغ 155.97 مليار دولار بنهاية العام المالي 2024-2025 في يوليو/تموز الماضي، قبل أن يقفز إلى 161 مليار دولار في أكتوبر/تشرين الأول 2025.

المؤشرات الأكثر إثارة للقلق تكمن في:

  • نسبة الدين إلى الصادرات: 233% (أعلى بكثير من المستوى الآمن)
  • خدمة الدين إلى الصادرات: 49% (ما يعني أن نصف عائدات التصدير تذهب للدائنين)
  • الديون قصيرة الأجل: 30.99 مليار دولار (تستحق خلال 12 شهراً)
  • الأموال الساخنة: 46.3 مليار دولار (استثمارات قابلة للهروب فوراً)

وتوقع التقرير أن يتجاوز الدين الخارجي 200 مليار دولار بنهاية 2027، وهو ما يضع مصر في "دائرة جهنمية" من الاستدانة لسداد الديون القديمة.

المصدر: تقرير الديون الدولية 2025 - البنك الدولي

تطور الدين الخارجي المصري (بالمليارات دولار)

المصدر: تقرير البنك الدولي 2025 والبيانات الرسمية المصرية

الاعتماد المفرط على التمويل القصير الأجل

حذّر خبراء البنك الدولي من أن 30% من الديون الخارجية المصرية تستحق السداد خلال عام واحد فقط، ما يجعل الاقتصاد عُرضة لصدمات مالية حادة. فكل انخفاض في إيرادات العملة الصعبة - سواء من تراجع الصادرات أو إيرادات قناة السويس أو تحويلات المصريين بالخارج - يهدد القدرة على تلبية الالتزامات.

مقارنة مؤشرات الديون المصرية مع المستويات الآمنة

المصدر: تقرير البنك الدولي 2025 - المستويات الآمنة حسب معايير البنك الدولي

وأرجع التقرير أسباب التدهور إلى:
  • إصدار سندات "يوروبوند" و"باندا" و"ساموراي" بأسعار فائدة مرتفعة
  • تراجع المصادر الدولارية التقليدية بسبب الظروف الأمنية والإقليمية
  • الاعتماد على "الأموال الساخنة" لتغطية العجز بدلاً من الاستثمارات الإنتاجية

تضليل الأرقام وديون الظل

انتقد طلعت خليل، رئيس لجنة الدين العام بالحوار الوطني، ما وصفه بـ"نهم الحكومة للاقتراض"، مؤكداً أن الدولة أصبحت عاجزة عن تمويل البنود الأساسية في الموازنة (الأجور والاستثمارات العامة) بعدما امتصت أقساط الديون وفوائدها أغلب الإيرادات.

وكشف خليل لـ"العربي الجديد" عن وجود ثغرات هائلة في إعلان الديون، حيث تقترض الهيئات الاقتصادية (البترول والكهرباء والنقل والإسكان) بضمان الخزانة العامة دون تسجيلها رسمياً في تقارير البرلمان أو المؤسسات الدولية.

وقال: "الحكومة فتحت باب الضمانات بقوة حتى بلغت قيمتها حدوداً مرعبة، وأدخلت البلاد في دائرة مغلقة يصعب الفكاك منها إلا بمزيد من الاقتراض أو بيع الأصول العامة والأراضي".

التناقض بين التحذيرات والتفاؤل الحكومي

فيما يحذر صندوق النقد الدولي من استمرار الاقتراض ويطالب بـ"وقف القروض الجديدة" باستثناء تمويل السداد، وتسريع بيع الأصول العامة، تبدو الحكومة متفائلة.

صرح وزير المالية أحمد كوجك بأن بلاده "تعمل على تقليل الاعتماد على الديون قصيرة الأجل وتوسيع قاعدة الصادرات وإعادة هيكلة آجال الدين"، دون أن يقدم تفاصيل ملموسة عن كيفية الخروج من المأزق.

المصدر: تصريحات وزير المالية - بوابة الأهرام

فاتورة 2026-2027 المرعبة

هيكل الديون الخارجية المصرية حسب نوع الدائن (مليار دولار)

المصدر: تقرير البنك الدولي 2025 والبيانات الرسمية المصرية

يقدر البنك المركزي المصري مدفوعات الأقساط والفوائد بـ33 مليار دولار في 2026، ترتفع إلى 35 مليار دولار في 2027. لكن خبراء يؤكدون أن الرقم الحقيقي أعلى بـ15 مليار دولار إضافية بسبب ديون الهيئات الاقتصادية والشركات العامة التي تحصل على قروض بضمانات الخزانة العامة.

هل أصبح مستقبل مصر مرهونا بالديون؟

يؤكد أحمد خزيم، خبير التمويل والاستثمار، أن تكلفة الدين تفرض ضغوطاً هائلة على التعليم والصحة، مشيراً إلى أن الحكومة اتجهت لخصخصة تلك الخدمات التي يجب توفيرها مجاناً كحق دستوري.

وقال لـ"العربي الجديد": "مستوى الديون يرتفع وخدمته أصبحت تمثل جزءاً كبيراً من الميزانية. نحتاج لإدارة ذكية تشمل إعادة هيكلة آجال السداد وتقليل الاعتماد على أدوات التمويل المكلفة".

المصدر: البنك المركزي المصري - بيانات الدين الخارجي

خاتمة

باتت مصر في مواجهة خيارات صعبة: إما الاستمرار في الاقتراض بكلفة باهظة، أو بيع الأصول الوطنية، أو التفاوض لإعادة هيكلة الديون. مع تحذيرات البنك الدولي وصندوق النقد من "الدائرة الجهنمية"، تبقى العبرة في تحويل القروض إلى مشروعات إنتاجية حقيقية، لا في تمويل عجز عملة أو استثمارات ساخنة تغادر عند أول أزمة.


المصادر:

  1. تقرير الديون الدولية 2025 - البنك الدولي
  2. بيانات الدين الخارجي - البنك المركزي المصري
  3. تصريحات وزير المالية - بوابة الأهرام

الوسوم

الديون المصرية الخارجية | البنك الدولي تقرير 2025 | نسبة الدين إلى الصادرات مصر | الأموال الساخنة مصر | صندوق النقد الدولي مصر

النشرة البريدية

تعليقات

الموضوعات الأكثر قراءة في" علىّْ الدين الإخباري"

من الذهب إلى النفط.. 10 دول أفريقية تجهز القارة لقيادة الاقتصاد العالمي في 2025

تريليون دولار فائض تجاري.. الصين تعيد توجيه بوصلة الصادرات وتتحدى الضغوط الأميركية

الكونجرس الأمريكي يتحرك لكبح جماح ترامب.. هل تتحول فنزويلا إلى ساحة حرب جديدة؟