الدولار يضرب الجنيه مجدداً.. فما السبب؟
مدة القراءة:
خلال الأيام الأخيرة، ارتفع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري في البنوك المحلية بشكل ملحوظ، حيث سجل زيادات متتالية بلغت نحو 41 قرشاً منذ بداية شهر نوفمبر، وتزامن هذا الارتفاع مع زيارة وفد من صندوق النقد الدولي لمراجعة البرنامج الاقتصادي الذي تنفذه الحكومة المصرية بتمويل من الصندوق. وبهذا السياق، أصبح الشارع المصري متسائلاً عن أسباب هذا الارتفاع وأبعاده المستقبلية.
العوامل وراء ارتفاع الدولار
يشير عدد من الخبراء والمحللين إلى أن الزيادة الحالية في سعر الدولار ترجع إلى عدة عوامل، منها آليات العرض والطلب على العملة الأمريكية في السوق المحلي، فضلاً عن توجيهات البنك المركزي المصري التي تشجع البنوك على توفير الدولار لاستيراد مختلف السلع، بما في ذلك السلع غير الأساسية، وليس فقط السلع الضرورية كما كان معمولاً به سابقاً. وتعتبر هذه التوجيهات جزءًا من استراتيجية تهدف إلى زيادة مرونة سعر الصرف، حيث تسمح للسوق بتحديد السعر بناءً على حركة العرض والطلب.
التوترات الجيوسياسية وأثرها على الجنيه
إلى جانب العوامل المحلية، كانت للتوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط تأثيرات كبيرة على الاقتصاد المصري، وخاصة على إيرادات قناة السويس. ووفقًا لتصريحات المسؤولين المصريين، تسببت الأوضاع المتوترة في جنوب البحر الأحمر في انخفاض الإيرادات من قناة السويس، ما أفقد الاقتصاد المصري نحو 6 مليارات دولار خلال الفترة الأخيرة. ولأن قناة السويس تُعتبر مصدراً أساسياً للعملة الأجنبية، فإن أي تراجع في إيراداتها يؤثر بشكل مباشر على قيمة الجنيه المصري.
ويشير أحمد شوقي، الخبير المصرفي، إلى أن زيادة الطلب على الدولار في السوق، مقترنة بالتوترات الإقليمية، أدت إلى تراجع قيمة الجنيه. وأضاف أن هذا التراجع في الإيرادات يعزز من الضغوط على سعر صرف الجنيه، خاصة مع خروج الأموال الساخنة، وهي الأموال الأجنبية التي تُستثمر في البلاد لفترة قصيرة ثم تُسحب سريعًا، مما تسبب في فقدان جزء كبير من السيولة الدولارية التي كانت تعتمد عليها مصر.
تحليل السوق وآراء الخبراء
يرى الخبراء أن التحركات الأخيرة في سعر الدولار تأتي ضمن التوجهات الجديدة للسياسات النقدية المصرية، والتي تعتمد على مرونة سعر الصرف استجابة لتقلبات السوق. ووفقًا لمحمد أنيس، الخبير الاقتصادي، فإن الارتفاع في سعر الدولار طبيعي ضمن نطاق السوق، ولا يعد أمراً مقلقاً في ظل مرونة سعر الجنيه مقابل الدولار. ويؤكد أنيس أن هذا الارتفاع ليس نتاجاً لأحداث استثنائية بل يعكس التوجهات الطبيعية للسوق، مشيرًا إلى أن السعر التوازني للدولار يتراوح بين 46 و 50 جنيهاً.
ويتفق ناصر حسن، خبير مصرفي آخر، على أن التوجيهات الأخيرة للبنك المركزي أسهمت في زيادة الطلب على الدولار، مؤكداً أن فتح الباب أمام استيراد السلع غير الأساسية قد يؤدي إلى ضغوط على العملة المحلية، ما قد يؤدي إلى مزيد من الانخفاض في قيمة الجنيه إذا استمرت سياسة الاستيراد المفتوح.
التوقعات المستقبلية
بحسب بعض التقارير المحلية، من المتوقع أن يواصل الدولار ارتفاعه أمام الجنيه المصري في المستقبل القريب، لكن الخبراء يتوقعون ألا يتجاوز حاجز الـ 50 جنيهاً. ويرجع ذلك إلى سياسات المركزي المصري التي تهدف إلى الحفاظ على استقرار السوق، وإدارة موارد العملة الأجنبية بفعالية مع مراعاة التحولات الإقليمية والدولية.
تأتي هذه الزيادة بعد فترة من الثبات النسبي في سعر الدولار، الذي استقر منذ يونيو الماضي بمتوسط 48 جنيهاً، مع بعض الاستثناءات كما حدث في أغسطس عندما تجاوز السعر حاجز الـ 49 جنيهاً لفترة قصيرة.
التأثير على المواطن المصري
من الواضح أن أي ارتفاع في سعر الدولار ينعكس بشكل مباشر على أسعار السلع والخدمات في مصر، ما يزيد من الأعباء المالية على المواطن المصري، خاصة في ظل التضخم وارتفاع أسعار السلع الأساسية. ولذا، يُنتظر أن يستمر الترقب الشعبي للتطورات الاقتصادية، مع توقع مزيد من القرارات والسياسات التي قد تساعد في تخفيف الضغوط عن المواطن المصري.
ختاماً، يظل المشهد الاقتصادي في مصر تحت تأثير عوامل داخلية وخارجية، ويتطلب استراتيجيات متوازنة للتعامل مع تغيرات السوق، بما يحافظ على استقرار العملة ويخفف من وطأة الأزمات على الاقتصاد المحلي.
الدولار | الجنيه المصري | التوترات الجيوسياسية | البنك المركزي | الاستيراد
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار