الصين تشكو الولايات المتحدة لمنظمة التجارة العالمية: هل تلغى الرسوم الجمركية؟

مدة القراءة:

خلفية الأزمة: صراع تجاري جديد بقيادة ترامب  

الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين | الرسوم الجمركية الأمريكية | منظمة التجارة العالمية | الفنتانيل | دونالد ترامب

في خطوة تصعيدية جديدة، أعلنت الصين تقديم شكوى رسمية إلى منظمة التجارة العالمية ضد الولايات المتحدة، بعد يوم واحد من فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسوماً جمركية بنسبة 10% على واردات صينية. جاءت هذه الإجراءات تحت ذريعة مكافحة تدفق مخدر الفنتانيل غير المشروع، وهو ما وصفته بكين بـ"الادعاءات الكاذبة" التي تهدف إلى تبرير سياسات حمائية.

وترى الصين أن هذه الرسوم تنتهك قواعد التجارة الدولية، وتمثل إجراء "تمييزياً" يهدد النظام التجاري العالمي. لكن الخبراء يشككون في نجاح الشكوى، خاصة مع تعطل آلية فض النزاعات في منظمة التجارة العالمية.

تفاصيل الشكوى الصينية: انتهاك القواعد أم حماية الاقتصاد؟

في ملف الشكوى، اتهمت الصين الولايات المتحدة باستخدام ذرائع غير مثبتة لتبرير فرض الرسوم، مؤكدةً أن الإجراءات الأمريكية تهدف إلى حماية الصناعات المحلية على حساب الشركاء التجاريين. ووفقاً لوثائق الشكوى، فإن الرسوم "تنتهك المبادئ الأساسية للمنظمة، وتعيق التبادل التجاري العادل".

من جانبها، دافعت الإدارة الأمريكية عن القرار بالقول إنه جزء من استراتيجية أوسع لتقليل العجز التجاري، وتشجيع الشركات على الإنتاج محلياً. وبلغ العجز التجاري الأمريكي مع الصين 25.3 مليار دولار في ديسمبر 2024، وهو الأعلى منذ عامين.

تعطيل منظمة التجارة: معركة بلا حكم؟

رغم سرعة رد الصين، يرى مراقبون أن الشكوى قد تظل حبيسة الأدراج. فـ"هيئة الاستئناف" التابعة للمنظمة، المسؤولة عن الفصل في النزاعات، تعطلت منذ سنوات بسبب رفض الولايات المتحدة تعيين قضاة جدد، مما يجعل إصدار أحكام نهائية مستحيلاً عملياً.

ويوضح توم جراهام، رئيس هيئة الاستئناف سابقاً، لـ"بي بي سي": "حتى لو أصدرت لجنة أولية قرارًا لصالح الصين، فإن عدم وجود هيئة استئناف فعالة يعني أن القضية لن تحسم أبدًا". بينما يرى جيف مون، الخبير السابق في السياسة التجارية الأمريكية، أن أي قرار أولي قد يدعم الموقف الصيني، لكنه سيبقى خبرا على ورق.

تداعيات اقتصادية: صدمات للشركات واستقرار نسبي للاقتصادات

بدأت تأثيرات الرسوم الجمركية تظهر على الشركات العالمية. ففي كندا، أعلنت شركة "شيرتكس" لصناعة الجوارب تسريح 40% من عمالها مؤقتاً، بسبب ارتفاع التكاليف. كما سارعت الشركات الأمريكية إلى تخزين السلع الصينية قبل فرض الرسوم، مما رفع الواردات إلى مستوى قياسي بلغ 293.1 مليار دولار في ديسمبر 2024.

لكن الخبراء يعتقدون أن الآثار على الاقتصاد الصيني ستكون محدودة. ويقول مارك ويليامز من "كابيتال إيكونوميكس": "الصين قادرة على إدارة هذه الأزمة. التأثير الأكبر سيكون على شركات التجزئة الإلكترونية مثل 'شي إن' و'تيمو'، التي تعتمد على الإعفاءات الجمركية للطرود الصغيرة".

العجز التجاري بين الولايات المتحدة والصين (2024)

استراتيجية الصين: انتقام متعدد الجبهات

لا تقتصر ردود فعل الصين على الشكوى الدولية. فقد بدأت بكين في شن هجمات مضادة تشمل:  

  1. تحقيقات احتكار: مثل التحقيق المحتمل في سياسات "أبل" و"غوغل"، وفقًا لتقارير "بلومبرغ".  
  2. رسوم انتقامية: قد تفرضها على سلع أمريكية.  
  3. ضغوط دبلوماسية: عبر حلفاء الصين في المنظمات الدولية.  

ويشير هذا التحرك السريع إلى استعداد الصين لخوض معركة طويلة الأمد، وتعزيز موقفها كمدافع عن النظام التجاري متعدد الأطراف.

المشهد العالمي: مخاوف من حرب تجارية شاملة

لا تقتصر التوترات على الصين والولايات المتحدة. فقد هدد ترامب بتوسيع الرسوم لتشمل كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي، مما يزيد مخاوف اندلاع حرب تجارية تعيق التعافي الاقتصادي العالمي. ووصل العجز التجاري الأمريكي الإجمالي إلى 918.4 مليار دولار في 2024، مدفوعًا بارتفاع الواردات بنسبة 4% في ديسمبر.

وفي المقابل، سجلت الولايات المتحدة فائضاً تجارياً مع المملكة المتحدة بلغ 2.3 مليار دولار، مما قد يمنحها حليفاً ي معركتها التجارية.

تأثير الرسوم الجمركية على التجارة الأمريكية والصينية (2024)

الولايات المتحدة

العجز التجاري: 25.3 مليار دولار

زيادة الواردات: 4%

الصين

حجم الصادرات المتأثرة: 293.1 مليار دولار

الشركات المتضررة: التجزئة الإلكترونية (مثل "شي إن" و"تيمو")

توقعات المستقبل: نظام تجاري على المحك

مع استمرار الجمود في منظمة التجارة العالمية، يتساءل الكثيرون عن مصير النظام التجاري القائم على القواعد. فتعطيل هيئة الاستئناف يضعف قدرة المنظمة على حل النزاعات، ويعطي الدول الكبرى ضوءًا أخضر لفرض إجراءات أحادية الجانب.

ويختتم جراهام تحليله بالقول: "الصين لديها حجة قوية، لكن النظام لم يعد يعمل. النتيجة النهائية ستكون مزيداً من الفوضى في التجارة العالمية".

الخلاصة: صراع قوى في عالم بلا شرطي 

تجسد هذه الأزمة تحولاً جوهرياً في السياسة التجارية العالمية، حيث تتصاعد القومية الاقتصادية، وتتراجع ثقة الدول في المنظمات الدولية. وبينما تتصارع القوتان العظميان، يبقى السؤال: هل سيتمكن المجتمع الدولي من إصلاح النظام التجاري قبل أن ينفجر الوضع تمامًا؟ الإجابة، للأسف، قد تأتي متأخرة جدًا.

للاستماع للبودكاست اضغط هــنــا 


Share/Bookmark

الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين | الرسوم الجمركية الأمريكية | منظمة التجارة العالمية | الفنتانيل | دونالد ترامب

النشرة البريدية

تعليقات

الموضوعات الأكثر قراءة في" علىّْ الدين الإخباري"

تراجع كبير في أسعار الحديد والأسمنت.. انخفاض يصل إلى 1353 جنيهاً للطن

هبوط مفاجئ.. الذهب المصري يفقد 60 جنيهاً في ساعات فهل تنقلب الموازين؟

تصريحات ترامب المثيرة: هجوم على زيلينسكي ومفاوضات سرية قد تشعل حرباً عالمية