طبول الحرب التجارية تدق: هل تنزلق أمريكا والصين إلى هاوية صراع اقتصادي شامل؟
مدة القراءة:
يبدو أن شبح الحرب التجارية الشاملة بين الولايات المتحدة والصين بات يلوح في الأفق، مهدداً الاقتصاد العالمي بمزيد من الاضطرابات وعدم اليقين. فبعد فترة من الهدوء النسبي، عادت التوترات لتتصاعد بين أكبر اقتصادين في العالم، مدفوعة بتبادل الرسوم الجمركية والتهديدات المتبادلة. فهل نشهد بداية جولة جديدة من الصراع الاقتصادي المدمر، أم أن هناك فرصة لنزع فتيل الأزمة قبل فوات الأوان؟
شرارة الأزمة: رسوم جمركية متبادلة
اندلعت شرارة الأزمة الأخيرة عندما كشف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 10% على سلع صينية بقيمة 14 مليار دولار، مبرراً ذلك بضرورة الضغط على بكين لبذل المزيد من الجهود لمكافحة تدفق مادة الفنتانيل المخدرة إلى الولايات المتحدة. لم تتأخر الصين في الرد، حيث أعلنت عن فرض رسوم إضافية تتراوح بين 10 و15% على صادرات أمريكية من الطاقة والمعدات الزراعية.
تكتيكات ترامب "الصادمة": هل تؤدي إلى نتائج عكسية؟
يرى خبراء في بكين أن تكتيكات ترامب "الصادمة"، والتي تهدف إلى إجبار الصين على تقديم تنازلات سريعة، قد تأتي بنتائج عكسية. فالإعلان المفاجئ عن الرسوم الجمركية وتنفيذها في غضون يومين فقط، لم يترك للصين متسعاً من الوقت للتفاوض، وهو ما قد ينظر إليه على أنه إهانة وعدم احترام للطرف الآخر.
مخاوف من تصعيد غير محسوب
يخشى المحللون من أن يؤدي هذا التصعيد المتبادل إلى حلقة مفرغة من الإجراءات الانتقامية، ما قد يدفع بالعلاقات الاقتصادية بين البلدين إلى حافة الهاوية. ويشير تشانج يانشين، الخبير في مركز الصين للتبادلات الاقتصادية الدولية، إلى أن هذه قد تكون "مجرد بداية" لمرحلة جديدة من الحرب التجارية، وأن الوضع قد يتدهور بشكل كبير.
هل هناك مجال للتفاوض؟
على الرغم من التصعيد الأخير، لا يزال هناك بصيص من الأمل في إمكانية العودة إلى طاولة المفاوضات. فالنطاق المحدود للرد الصيني، والذي استهدف نطاقاً أضيق من السلع مقارنة بالرسوم الأمريكية، يشير إلى وجود مجال للمناورة.
مطالب أمريكية تتجاوز التجارة
يشير بعض الخبراء إلى أن مطالب الولايات المتحدة تتجاوز مجرد معالجة قضية الفنتانيل، وأنها قد تشمل قضايا أخرى مثل الضغط على روسيا بشأن غزوها لأوكرانيا، أو التنازل عن ملكية منصة "تيك توك".
الصين تلعب "لعبة أطول"
على عكس كندا والمكسيك، اللتين خضعتا لضغوط أمريكية مماثلة في الماضي، يبدو أن الصين مستعدة للعب "لعبة أطول". وتتبنى بكين نهج "الانتظار والترقب"، في انتظار مزيد من التوضيح بشأن الخطوات الأمريكية المقبلة.
تأثير الرسوم الجمركية على الاقتصاد الصيني
على الرغم من أن الصين أصبحت أقل اعتمادًا على الصادرات إلى الولايات المتحدة مقارنة بالماضي، إلا أن الرسوم الجمركية لا تزال تشكل تهديداً للاقتصاد الصيني. وتشير تقديرات خبراء الاقتصاد إلى أن كل زيادة بنسبة 20 نقطة مئوية في الرسوم الجمركية الأمريكية قد تخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين بنسبة 0.7 نقطة مئوية.
خاتمة
يبدو أن العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين تقف على مفترق طرق. فإما أن ينجح الطرفان في نزع فتيل الأزمة والعودة إلى طاولة المفاوضات، أو أن ينزلقا إلى حرب تجارية شاملة قد تكون لها تداعيات كارثية على الاقتصاد العالمي. يبقى السؤال: هل ستسود الحكمة والدبلوماسية، أم أننا على موعد مع جولة جديدة من الصراع الاقتصادي المدمر؟
للاستماع للبودكاست اضغط هــنــا

حرب تجارية | رسوم جمركية | الولايات المتحدة | الصين | ترامب
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار