النشاط التجاري السعودي غير النفطي يسجل أسرع نمو في 10 أشهر خلال نوفمبر

--

النشاط التجاري السعودي غير النفطي يسجل أسرع نمو في 10 أشهر خلال نوفمبر

الرياض – "الشرق الأوسط"

سجل القطاع الخاص غير النفطي في المملكة العربية السعودية نمواً قوياً خلال شهر نوفمبر 2025، مع تسارع وتيرة الإنتاج إلى أعلى مستوياتها في عشرة أشهر، رغم تباطؤ المؤشر العام مقارنة بالشهر السابق.

المؤشر الرئيسي يظل في منطقة النمو

تطوّر مؤشر مديري المشتريات (PMI) خلال 12 شهراً

أظهر مؤشر بنك الرياض لمديري المشتريات قراءة بلغت 58.5 نقطة في نوفمبر، مسجلةً انخفاضاً طفيفاً من 60.2 نقطة في أكتوبر، التي كانت ثاني أعلى قراءة في أكثر من 11 عاماً. ورغم هذا التراجع، يبقى المؤشر فوق مستوى 50 نقطة الذي يفصل بين النمو والانكماش، مما يشير إلى استمرار التوسع القوي في القطاع غير النفطي.

يقيس المؤشر، الذي يعد من أهم المؤشرات الاقتصادية لقياس أداء القطاع الخاص، ظروف التشغيل في 5 مؤشرات رئيسية هي: الطلبات الجديدة (30%)، الإنتاج (25%)، التوظيف (20%)، مواعيد تسليم الموردين (15%)، ومخزون المشتريات (10%) .

إنتاج يتسارع رغم التباطؤ العام

حقّق مؤشر الإنتاج أداءً استثنائياً في نوفمبر، إذ سجل أسرع وتيرة نمو في عشرة أشهر. أفادت 30% من الشركات المشاركة في الدراسة عن زيادة إنتاجها، بينما استمرت مستويات النشاط في الارتفاع مدفوعة بالطلب المستمر والمشاريع الجارية .

ويرجع هذا الأداء القوي إلى عدة عوامل، أبرزها:

  • ارتفاع المبيعات المحلية والأجنبية
  • زيادة معدلات التوظيف
  • توسع الأعمال غير المكتملة للشهر الخامس على التوالي

الطلبات الجديدة والصادرات تسجل أداءً متبايناً

استمر نمو الطلبات الجديدة لأكثر من خمس سنوات متتالية، على الرغم من تباطؤ وتيرته قليلاً عن الارتفاع القياسي المسجل في أكتوبر. ويعكس هذا الاستمرار قوة الطلب المحلي والثقة في الاقتصاد السعودي.

على صعيد الصادرات، ارتفعت الطلبات للشهر الرابع على التوالي، لكن بوتيرة أكثر اعتدالاً مقارنة بالأشهر السابقة. وتعكس هذه البيانات قدرة الشركات السعودية على التوسع في الأسواق الخارجية والمنافسة بفعالية .

التوظيف والمخزون تباطؤ بعد ذروة أكتوبر

تباطأ نمو عدد الموظفين والمخزون بعد أن بلغ ذروته في أكتوبر. لكن البيانات لا تزال تعكس زيادة كبيرة في أعداد القوى العاملة، حيث وسعت الشركات قدرتها التوظيفية لتلبية متطلبات الإنتاج المتزايدة والأعمال غير المكتملة المتنامية.

وكان نمو المخزون أكثر انضباطاً، مسجلاً أصغر زيادة له في ما يقارب ثلاث سنوات، مما يدل على كفاءة إدارة سلسلة التوريد .

ضغوط التكاليف تتراجع

ارتفعت النفقات التشغيلية بأبطأ معدل منذ شهر مارس (آذار)، مما يشير إلى انخفاض الضغوط على تكاليف الشراء. وتراجع تضخم تكاليف مستلزمات الإنتاج ليسجل أبطأ معدل في ثمانية أشهر، مما يخفف الأعباء عن الشركات ويعزز هوامش الربح .

توقعات إيجابية للمستقبل

قدمت الشركات غير المنتجة للنفط أقوى توقعاتها لمستويات النشاط المستقبلي خلال خمسة أشهر. وارتبطت هذه الثقة بوجود قنوات طلب قوية وتفاؤل بشأن الاستثمارات التجارية.

وقال الدكتور نايف الغيث، الخبير الاقتصادي الأول في بنك الرياض: "ظل القطاع الخاص غير المنتج للنفط في نطاق التوسع خلال نوفمبر، رغم أن الزخم تراجع قليلاً بعد الارتفاع الحاد في أكتوبر. تحسن النشاط الإجمالي بأسرع وتيرة له في عشرة أشهر، مدفوعاً بارتفاع المبيعات وتسارع معدل التوظيف وزيادة المشتريات" .

رؤية 2030 تدفع التنويع الاقتصادي

يعكس الأداء القوي للقطاع غير النفطي تقدم المملكة في تنفيذ رؤية 2030 التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل. ووفق وكالة ستاندرد آند بورز، من المتوقع أن ترتفع مساهمة الأنشطة غير النفطية إلى 57% من الاقتصاد السعودي في 2025 .

وتستمر الإصلاحات الاقتصادية في تعزيز النمو عبر زيادة مشاركة النساء في سوق العمل ورفع نسب ملكية المنازل وتوسع برامج التمويل الحكومي.

تحديات وفرص

رغم النتائج الإيجابية، يواجه القطاع بعض التحديات، أبرزها:

  • تباطؤ نمو الطلبات الجديدة مقارنة بأكتوبر
  • ارتفاع تكاليف الإنتاج رغم التراجع النسبي
  • المخاوف من المنافسة في السوق

لكن الفرص تبقى واسعة، خاصة مع استمرار المشاريع الكبرى مثل نيوم والبحر الأحمر، وتوسع صندوق الاستثمارات العامة الذي يستهدف إدارة تريليون دولار من الأصول قبل نهاية 2025 .

خاتمة

تؤكد بيانات نوفمبر أن الاقتصاد السعودي غير النفطي يحافظ على قوته الدافعة، مع تسارع الإنتاج وزيادة التوظيف وتوقعات إيجابية. ورغم بعض التباطؤ في المؤشر العام، يبقى النمو قوياً ومستداماً، مما يعزز مسيرة التحول الاقتصادي في المملكة.

المصادر:

الوسوم

نشاط غير نفطي | اقتصاد السعودية | مؤشر مديري المشتريات | نمو الإنتاج | رؤية 2030

النشرة البريدية

تعليقات

إرسال تعليق

اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار

الموضوعات الأكثر قراءة في" علىّْ الدين الإخباري"

"عامل نوفو": كيف أعادت شركة أدوية واحدة رسم خريطة اقتصاد دولة بأكملها؟

صورة
في سابقة نادرة في الاقتصاد الحديث، لم تعد ثروات الأمم تعتمد على الموارد الطبيعية أو التكتلات الصناعية، بل أثبتت الدنمارك أن المعرفة حين تتحول إلى منتج دوائي ناجح يمكنها أن تقود اقتصاد دولة كاملة . بين عامي 2023 و2025، تحول الاقتصاد الدنماركي بشكل جذري ليصبح مرهوناً بأداء عملاق واحد هو شركة نوفو نورديسك. بفضل النجاح الساحق لعلاجات السكري والسمنة GLP-1 ، لم تكتف الشركة بملء خزائن الدولة، بل أصبحت الحصن الذي حمى الدنمارك من الركود الذي ضرب دول أوروبا. اقتصاد ثنائي السرعة: النمو مقابل الركود لفهم حجم تأثير الشركة يجب النظر إلى الأرقام التي تفصل بين اقتصاد نوفو وباقي الاقتصاد. تشير البيانات الرسمية إلى أن الدنمارك سجلت نمواً بنسبة 1.9% في 2023. يبدو الرقم جيداً، لكن الواقع مختلف. يؤكد المحللون أنه لولا قطاع الأدوية وتحديداً نوفو نورديسك لكان النمو صفرياً أو سالباً. قفزت مساهمة قطاع الأدوية في نمو الناتج المحلي من 10% قبل 2021 إلى ما بين 50% و90% من النمو في عامي 2022 و2023. هذا ما دفع الاقتصاديين لإطلاق مصطلح عامل نوفو، وهو تأثير قوي أجبر وزارة المالية وهيئة الإحصاء الدنماركية على إصد...
إقرأ المزيد »

ترامب يغلق المجال الجوي الفنزويلي وسط استعدادات عسكرية أمريكية متصاعدة

صورة
في تصعيد غير مسبوق للضغوط الأمريكية على كاراكاس، أعلن الرئيس دونالد ترامب، السبت 29 نوفمبر 2025، إغلاق المجال الجوي فوق فنزويلا "بشكل كامل"، محذراً شركات الطيران والطيارين وتجار المخدرات والمتاجرين بالبشر من دخوله. هذا الإعلان يأتي بعد ساعات من إشارته إلى أن عمليات برية ستبدأ "قريباً جداً" ضد شبكات تهريب المخدرات، وسط تحركات عسكرية أمريكية ضخمة قبالة سواحل فنزويلا ترصدها CNN . إعلان الإغلاق الجوي كتب ترامب على منصته "تروث سوشيال" (Truth Social) رسالة قصيرة وصارمة: "إلى جميع شركات الطيران والطيارين وتجار المخدرات والمتاجرين بالبشر، يرجى اعتبار المجال الجوي فوق فنزويلا ومحيطها مغلقاً بشكل كامل، شكراً لاهتمامكم بهذا الموضوع!". هذا القرار يوسع بشكل كبير نطاق العمليات الأمريكية التي كانت تركز حتى الآن على المسار البحري. فبعد أن نجحت القوات الأمريكية في "ردع" المهربين البحريين بحسب ترامب، يبدو أن الولايات المتحدة تستهدف الآن المسارات الجوية التي قد يستخدمها مهربو الكوكايين. تقرير CNN يشير إلى أن هذا القرار يأتي في سياق تصاعد التوترات التي...
إقرأ المزيد »

الناتج المحلي الإجمالي.. المقياس الذهبي للقوة الاقتصادية العالمية

صورة
مقدمة: لماذا يهتم العالم بهذا الرقم؟ في كل نقاش عن القوة الاقتصادية للدول، يبرز سؤال واحد بشكل حاسم: "ما حجم ناتجها المحلي الإجمالي؟". هذا المؤشر لا يمثل رقماً جافاً في تقارير المالية الدولية، بل يشبه "البطاقة الصحية" للاقتصاد الوطني، حيث يكشف مدى قدرة الدولة على الإنتاج والاستهلاك والاستثمار والتأثير في الساحة الدولية. يعتبر الناتج المحلي الإجمالي (GDP) المقياس الأشهر والأوسع انتشاراً لتصنيف اقتصاديات العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ويستخدمه صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمات دولية أخرى لمقارنة القدرات الاقتصادية بين الدول وتحديد الأولويات في منح القروض والمساعدات والتصويت في المؤسسات المالية العالمية. ماهية الناتج المحلي الإجمالي ببساطة، الناتج المحلي الإجمالي يمثل القيمة النقدية الإجمالية لكل السلع والخدمات التي تنتجها دولة خلال فترة زمنية محددة (عادة عام واحد). يشمل هذا المؤشر أربعة محركات أساسية للنشاط الاقتصادي: الاستهلاك الخاص: إنفاق الأسر على السلع والخدمات الاستثمار: إنفاق الشركات على المصانع والآلات والبنية التحتية الإنفاق الحكومي: م...
إقرأ المزيد »