تباين في الأسواق العالمية: الذهب ينحني أمام سندات الخزانة والنفط يحتمي بالتوترات الجيوسياسية
لندن - سنغافورة | خاص
شهدت الأسواق العالمية يوم الثلاثاء، 2 ديسمبر 2025، حالة من التباين الواضح في أداء السلع الاستراتيجية. فبينما واجه المعدن الأصفر ضغوطاً بيعية أفقدته مكاسبه الأخيرة نتيجة انتعاش عوائد السندات الأميركية، نجح النفط في الحفاظ على استقراره مدعوماً بمخاوف نقص الإمدادات القادمة من روسيا وفنزويلا.
يرسم هذا المشهد صورة معقدة للمستثمرين الذين يوازنون حالياً بين "الملاذات الآمنة" التقليدية وبين المخاطر الجيوسياسية المتصاعدة.
الذهب: ضحية عوائد السندات وجني الأرباح
تراجع الذهب عن أعلى مستوياته في 6 أسابيع، متأثراً بشكل مباشر بارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية. يؤدي ارتفاع العائد على السندات عادةً إلى زيادة "تكلفة الفرصة البديلة" لحيازة الذهب الذي لا يدر عائداً دورياً، مما يدفع المستثمرين للتحول نحو السندات.
ووفقاً لبيانات السوق، انخفض السعر الفوري للذهب بنسبة 0.4% ليصل إلى 4216.13 دولار للأوقية، كما تراجعت العقود الآجلة تسليم ديسمبر بنسبة 0.7%.
ويشير تيم ووترر، كبير محللي السوق في شركة "كي سي إم ترايد"، إلى أن الصورة الأساسية لم تتغير رغم هذا التراجع، قائلاً:
"يشهد الذهب أداءً ضعيفاً اليوم، لكن التخفيضات المتوقعة في أسعار الفائدة الأميركية من المفترض أن تدعم الذهب لاحقاً".
وتترقب الأسواق بيانات اقتصادية حاسمة هذا الأسبوع لتقييم تحركات "الاحتياطي الفيدرالي"، أبرزها:
-
تقرير التوظيف (ADP): يصدر الأربعاء.
-
مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE): مقياس التضخم المفضل للفيدرالي، ويصدر الجمعة.
وعلى صعيد السياسة النقدية، برز اسم كيفن هاسيت، المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض، كمرشح محتمل لرئاسة "الاحتياطي الفيدرالي"، وهو ما قد يعزز توجهات خفض الفائدة التي يفضلها الرئيس دونالد ترمب، مما قد يعيد البريق للذهب مستقبلاً.
النفط: الجغرافيا السياسية تفرض كلمتها
في المقابل، استقرت أسعار النفط، حيث وازنت المخاطر الجيوسياسية المخاوف المتعلقة بمخزونات الوقود. ارتفع خام برنت بنسبة طفيفة (0.1%) ليصل إلى 63.24 دولار للبرميل، بينما صعد خام غرب تكساس الوسيط إلى 59.42 دولار.
وتتلخص العوامل المؤثرة في سوق الطاقة حالياً في نقطتين رئيسيتين:
-
الأزمة الروسية الأوكرانية: أدى هجوم أوكراني بطائرات مسيرة على محطة نفطية روسية في البحر الأسود إلى توقف جزئي وتضرر نقاط التحميل، مما يهدد تدفقات الطاقة. ويرى محللون في شركة "ريتربوش" أن التصعيد العسكري يقلل من فرص التوصل لسلام قريب.
-
الملف الفنزويلي: صعدت إدارة الرئيس ترمب لهجتها تجاه فنزويلا، حيث أشار ترمب إلى اعتبار المجال الجوي الفنزويلي "مغلقاً بالكامل"، مما يهدد إنتاج وصادرات كاراكاس النفطية.
وعلق سوفرو ساركار، من بنك "دي بي إس"، مؤكداً أن "الضجيج حول فنزويلا" وتصريحات مجموعة "أوبك بلس" بشأن ضبط المعروض تشكلان داعماً قوياً للأسعار في الوقت الراهن.
العلاقة بين السلعتين: الدولار والمخاطر
يرتبط الذهب والنفط في هذا المشهد الاقتصادي بعلاقة معقدة تتأثر بعاملين:
-
قوة الدولار وعوائد السندات: يؤثر ارتفاع عوائد السندات سلباً على الذهب (كما حدث اليوم)، لكنه قد يضغط أيضاً على النفط لأنه يجعل السلعة أغلى لحاملي العملات الأخرى. ومع ذلك، طغى العامل الجيوسياسي على النفط اليوم فحافظ على استقراره.
-
المخاطر الجيوسياسية: عادة ما يرتفع الذهب والنفط معاً في أوقات الحروب. لكن في تداولات الثلاثاء، تفاعل النفط بحدة أكبر مع التهديدات المادية للإمدادات (ضرب محطات وتانكرز)، بينما ركز متداولو الذهب أكثر على البيانات المالية وأسعار الفائدة.
الخلاصة
بينما ينتظر مستثمرو الذهب إشارات الفيدرالي وبيانات التضخم لتحديد القاع السعري الجديد، يراقب تجار النفط الخرائط العسكرية في البحر الأسود وكاراكاس. يبقى العامل المشترك هو ترقب قرارات الإدارة الأميركية الجديدة سواء في السياسة النقدية أو الخارجية.
المصادر:
تم الاعتماد في صياغة هذا التقرير على البيانات الواردة في التقارير المنشورة عبر صحيفة "الشرق الأوسط":
الوسوم
الذهب | النفط | السندات الأميركية | المخاطر الجيوسياسية | الاحتياطي الفيدرالي

تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار