"هدية فراق" أم تعزيز للشراكة؟ صفقة أسلحة أمريكية ضخمة بين الولايات المتحدة ومصر تثير جدلاً في إسرائيل

مدة القراءة:

في خطوة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الإسرائيلية، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية عن موافقتها على صفقة أسلحة ضخمة لمصر تتجاوز قيمتها 5 مليارات دولار. تشمل الصفقة تحديث دبابات أبرامز، وشراء صواريخ هيلفاير وذخائر موجهة بدقة. تأتي هذه الخطوة في ظل تصاعد التوترات الإقليمية ودور مصر المتنامي كوسيط في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مما أثار تساؤلات حول دوافعها وتأثيراتها المحتملة على توازن القوى في المنطقة.

"هدية فراق" أم تعزيز للشراكة؟ صفقة أسلحة أمريكية ضخمة بين الولايات المتحدة ومصر تثير جدلاً في إسرائيل

تفاصيل الصفقة الضخمة

تتضمن الصفقة ثلاثة جوانب رئيسية:

1. تحديث 555 دبابة M1A1 أبرامز: بقيمة 4.69 مليار دولار، سيتم ترقية هذه الدبابات إلى الطراز M1A1SA الأحدث. تشمل التحسينات:

   - تحسين الوعي الإدراكي: تعزيز قدرة الدبابة على اكتشاف الأهداف والتعامل معها بسرعة وكفاءة.

   - أنظمة رؤية متطورة: تشمل أنظمة تحسين رؤية السائق والمدفعي بتقنيات التصوير الحراري، مما يحسن الأداء في ظروف الإضاءة المنخفضة والليلية.

   - تعزيز الحماية الهيكلية: زيادة مقاومة الدبابة للأسلحة المضادة للدروع والألغام، مع دمج أنظمة دفاعية تفاعلية حديثة.

   - تحسين نظام المحرك: تمكين الدبابة من العمل بكفاءة في البيئات القاسية والمتنوعة.

  من المميز في هذه الصفقة أن عمليات التحديث ستتم بالكامل داخل مصر، في المصنع العسكري رقم 200، مما يعزز قدرات الصناعة العسكرية المصرية. وتُعد مصر الدولة الوحيدة خارج الولايات المتحدة التي تنتج دبابات أبرامز.

2. شراء 2183 صاروخا من طراز هيلفاير AGM-114R جو-أرض**: بقيمة 630 مليون دولار، ستعزز هذه الصواريخ المتطورة القدرات الجوية الهجومية للقوات المسلحة المصرية، خاصة في مجال الضربات الدقيقة ضد الأهداف الأرضية.

3. ذخائر موجهة بدقة: بقيمة 30 مليون دولار، ستُحسن هذه الذخائر من دقة وفعالية العمليات العسكرية المصرية.

ردود فعل إسرائيلية غاضبة ومخاوف متصاعدة

أثارت الصفقة ردود فعل سلبية في وسائل الإعلام الإسرائيلية، حيث وصفتها بـ"هدية فراق" من الرئيس الأمريكي جو بايدن لمصر. وقد تساءلت "القناة العاشرة" الإسرائيلية عمّا إذا كانت هذه الصفقة "ثمن وساطة مصر في غزة" بين إسرائيل وحماس.

أعربت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن قلقها من تعزيز القدرات العسكرية المصرية، خاصة في ظل تصاعد التوترات الإقليمية. فرغم اتفاقية السلام الموقعة بين البلدين عام 1979، يظل هناك تخوف من أن يُوجّه هذا التحديث العسكري الواسع يومًا ما ضد إسرائيل.

لماذا الآن؟ دوافع وتوقيت الصفقة

تأتي الصفقة في سياق دولي وإقليمي معقد، حيث تلعب مصر دورا متزايد الأهمية كوسيط في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وخاصة في غزة. وأشارت وزارة الخارجية الأمريكية إلى أن مصر "أصبحت شريكاً وثيقا بشكل متزايد في الوساطة في الأزمة في غزة"، مما يعزز من أهمية دعمها عسكرياً.

من جانب آخر، تعتبر مصر حليفا استراتيجياً مهما للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وتساهم هذه الصفقة في تعزيز القدرات الدفاعية المصرية، مما يخدم المصالح الأمريكية في استقرار المنطقة ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة.

مخاوف إسرائيلية من تنامي القوة العسكرية المصرية

أبرزت وسائل الإعلام الإسرائيلية التخوفات من أن يؤدي تعزيز الجيش المصري إلى تغيير في توازن القوى بالمنطقة. فمصر، خلال السنوات الأخيرة، وسّعت من مصادر تسليحها، حيث أبرمت صفقات مع دول مثل روسيا وفرنسا إلى جانب الولايات المتحدة. هذا التنوع في مصادر السلاح يمنح مصر استقلالية ومرونة أكبر في قراراتها العسكرية، ويقلل من إمكانية التأثير عليها عبر ضغوط خارجية.

هل هي حقا "هدية فراق"؟ وجهات نظر متباينة

بينما يرى البعض في إسرائيل أن الصفقة هي "هدية فراق" من إدارة بايدن لمصر، تشير وجهات نظر أخرى إلى أنها تأتي في إطار تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين. فدعم القدرات العسكرية لمصر يعتبر استثمارا في استقرار المنطقة، خاصة مع دورها المحوري في قضايا الشرق الأوسط، سواء في الوساطة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل أو في مكافحة الإرهاب.

تأثيرات الصفقة على المدى القصير والطويل

على المدى القصير:

- تعزيز القدرات العسكرية المصرية: ستساهم الصفقة في تحديث وتطوير القوات المسلحة المصرية، مما يُعزز من جاهزيتها وكفاءتها.

- تكثيف الدور المصري في القضايا الإقليمية: قد يدعم ذلك دور مصر كوسيط نشط وفاعل في الصراعات الإقليمية، خاصة في غزة.

على المدى الطويل:

- استقرار إقليمي محتمل: تعزيز الجيش المصري قد يُسهم في تحقيق توازن ردعي واستقرار أكبر في المنطقة.

- تعميق الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة: يُمكن أن تُشكّل الصفقة أساسا لمزيد من التعاون العسكري والتنسيق السياسي بين البلدين.

- تغيير ديناميكية التوازن العسكري: رغم تأكيد البنتاجون أن الصفقة لن تؤثر على التوازن العسكري الأساسي، إلا أن تعزيز قدرات مصر قد يدفع بدول أخرى في المنطقة لإعادة تقييم سياساتها الدفاعية.

تعزيز التعاون العسكري وتنوع مصادر التسليح

تظهر الصفقة حرص مصر على تنويع مصادر تسليحها وتطوير قدراتها الذاتية في مجال التصنيع العسكري. فمع امتلاكها لقدرات إنتاجية محلية، خاصة في مجال الدبابات، تُصبح مصر أقل اعتماداً على الخارج وأكثر قدرة على تلبية احتياجاتها الدفاعية.

ختاما

تُعد صفقة الأسلحة الأمريكية لمصر تحوّلا مهما في العلاقات الإقليمية والدولية. فهي من جانب، تُعزّز القدرات العسكرية المصرية وتُمكّنها من لعب دور أكثر فاعلية في تحقيق الاستقرار الإقليمي. ومن جانب آخر، تُثير مخاوف وتساؤلات في إسرائيل حول توازن القوى ومستقبل العلاقات في المنطقة.

بينما يراها البعض "هدية فراق" من إدارة بايدن، قد تكون في الواقع خطوة استراتيجية لتعزيز شريك مهم في منطقة مضطربة. في كل الأحوال، ستظل هذه الصفقة محور نقاش وتحليل لفترة طويلة، نظرًا لتداعياتها المحتملة على الأمن الإقليمي وموازين القوى في الشرق الأوسط.

للاستماع للبودكاست اضغط هــنــا 

المصادر:

- القناة العاشرة الإسرائيلية

- صحيفة "معاريف"

- صحيفة "يديعوت أحرونوت"

- وزارة الخارجية الأمريكية

- وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)


Share/Bookmark

صفقة أسلحة مصر | دبابات أبرامز | صواريخ هيلفاير | العلاقات المصرية الأمريكية | الصراع الفلسطيني الإسرائيلي

النشرة البريدية

تعليقات

الموضوعات الأكثر قراءة في" علىّْ الدين الإخباري"

مصرع 42 شخصاً في تحطم طائرة أذربيجانية بكازاخستان ونجاة العشرات (فيديو)

غارات إسرائيلية عنيفة تضرب اليمن بالتزامن مع خطاب للحوثي: تصعيد يهدد المنطقة

هبوط كبير يلامس 800 جنيه: تراجع ملحوظ في أسعار الحديد والأسمنت بمصر اليوم الأربعاء