مقدمة: تهديدات ترامب تعيد النقاش حول هيمنة الدولار
أعاد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إشعال الجدل حول هيمنة الدولار في النظام المالي العالمي، عبر تحذير صريح لدول مجموعة "بريكس" (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب إفريقيا) من مغبة التخلي عن العملة الأمريكية في التجارة الدولية، مهدداً بفرض تعريفات جمركية بنسبة 100% عليها إذا حاولت إصدار عملة موحدة أو دعم بديل للدولار. جاءت التصريحات عبر منشور على منصة "تروث سوشال"، في إطار حملته الانتخابية للعودة إلى البيت الأبيض عام 2025.
تفاصيل التهديد: "وداعاً للاقتصاد الأمريكي"
وصف ترامب محاولات دول "بريكس" لإضعاف هيمنة الدولار بأنها "مغامرة غير مقبولة"، مشدداً على أن الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي. وأكد:
مطالبة دول المجموعة بالتزام بعدم إصدار عملة موحدة أو دعم عملات منافسة.
فرض تعريفات جمركية قاسية (100%) على صادراتها إلى أمريكا في حال الرفض.
أن أي محاولة لاستبدال الدولار ستواجه "وداعا للاقتصاد الأمريكي الرائع".
تعكس تصريحات ترامب مخاوف أمريكية متزايدة من تحولات جيوسياسية تقودها الصين وروسيا لتقليل الاعتماد على الدولار، خاصة بعد العقوبات الغربية على موسكو بسبب الحرب في أوكرانيا. وتتمثل دوافع دول "بريكس" في:
تقليل التعرض للعقوبات الأمريكية: كما حدث مع روسيا وإيران.
تعزيز مكانة اقتصاداتها الناشئة: عبر نظام مالي متعدد الأقطاب.
توسيع نطاق التبادل التجاري بعملات محلية: مثل الصفقات الصينية-الروسية باليوان والروبل.
توسع "بريكس": تحالف يهدد النظام الغربي؟
تشهد المجموعة توسعاً غير مسبوق، بانضمام 5 دول جديدة في يناير 2024: مصر، إثيوبيا، إيران، الإمارات، ونيجيريا (كشريك)، ما يرفع عدد أعضائها إلى 10 دول تمثل نحو 37% من الناتج العالمي و46% من سكان العالم. هذا التمدد يعزز قدرة "بريكس" على خلق تكتل اقتصادي موازٍ، خاصة مع تزايد الحديث عن:
إصدار عملة موحدة مدعومة بالذهب (مقترح روسي صيني).
إنشاء نظام تسويات مالية بديل لـ"سويفت".
التحديات العملية: هل يمكن لدول "بريكس" استبدال الدولار فعليًا؟
رغم الطموحات الواضحة لمجموعة "بريكس"، فإن تحقيق استقلال مالي عن الدولار يواجه عقبات جسيمة، أبرزها:
التباين الاقتصادي والسياسي: تختلف أولويات الأعضاء؛ فبينما تدفع الصين وروسيا بقوة نحو تقويض الهيمنة الأمريكية، تبدو دول مثل الهند والبرازيل أكثر حذرًا بسبب علاقاتهما الاقتصادية مع واشنطن.
غياب البنية التحتية المالية الموحدة: إنشاء عملة مشتركة أو نظام تسويات بديل يتطلب مستوى غير مسبوق من التكامل النقدي، يشبه ما حدث مع اليورو، لكن دون وجود سوق موحدة أو سياسات مالية مشتركة.
-هيمنة الدولار في النظام العالمي: لا يزال الدولار يشغل 59% من احتياطيات النقد الأجنبي العالمية، ويستخدم في 88% من المعاملات التجارية الدولية، وفق صندوق النقد الدولي.
*
الدول الجديدة في "بريكس": تعزيز القوة أم تعقيد القرار؟
مع انضمام إيران ومصر والإمارات وإثيوبيا ونيجيريا، تزداد قدرة المجموعة على خلق شبكة تجارية بديلة، لكن ذلك يأتي بتحديات:
الانقسامات الجيوسياسية: مثل التوترات بين إيران والإمارات، أو الخلافات حول سد النهضة بين مصر وإثيوبيا.
التباين في الحجم الاقتصادي: تمثل الصين وحدها 70% من إجمالي ناتج دول "بريكس"، مما يثير مخاوف من هيمنة بكين على القرارات.
مخاطر العقوبات الأمريكية: قد تدفع التهديدات دولًاً مثل نيجيريا أو مصر إلى التريث خشية فقدان الاستثمارات أو المساعدات الغربية.
سيناريوهات المستقبل: ماذا لو نجحت "بريكس" في تحدي الدولار؟
يرسم الخبراء عدة احتمالات بناءً على تطورات الأزمة:
السيناريو الهادئ: تتبنى المجموعة نظاماً هجيناً يستخدم العملات المحلية في تبادلات ثنائية، مع بقاء الدولار مهيمناً على المستوى العالمي.
السيناريو المتصاعد: إطلاق عملة افتراضية مدعومة بالذهب أو السلع، كبديل جزئي في تجارة الطاقة (مثل النفط الروسي أو الإيراني).
السيناريو الكارثي: اندلاع حرب تجارية عالمية إذا فرضت الولايات المتحدة تعريفات جمركية جماعية، مما يعطل سلاسل التوريد ويرفع معدلات التضخم.
*
تحليل: هل تهديدات ترامب واقعية؟
يرى خبراء اقتصاد أن تصريحات ترامب، رغم صداميتها، تعكس إدراكاً أمريكياً لمخاطر حقيقية، لكنها تثير تساؤلات حول جدواها العملية وقدرة واشنطن على تنفيذها. وفيما يلي أبرز محاور النقاش:
1. قوة التهديدات الجمركية: سلاح ذو حدين
تاريخ العقوبات الأمريكية: فرضت الولايات المتحدة تعريفات بنسبة 25% على واردات الصلب الصيني عام 2018، مما أدى إلى حرب تجارية كلفت الاقتصاد الأمريكي 17 مليار دولار وفقًا لدراسة من صندوق النقد الدولي. لكن تطبيق تعريفات بنسبة 100% على دول "بريكس" (التي تمثل معًا 23% من الواردات الأمريكية) قد يشعل أزمة تضخم عالمية، خاصة مع اعتماد واشنطن على سلع أساسية مثل الإلكترونيات الصينية أو النفط الإيراني.
ردود الفعل المتسلسلة: قد ترد دول "بريكس" بفرض عقوبات مماثلة، أو تسريع خططها لاستبدال الدولار، مما يفاقم الخسائر الأمريكية.
2. هشاشة تحالف "بريكس": الوحدة مستحيلة أم مؤجلة؟
التناقضات الداخلية: تظهر الهند تحفظا علنيًا على فكرة العملة الموحدة خوفاً من هيمنة الصين، بينما تعتمد البرازيل على الاستثمارات الأمريكية في قطاع الزراعة. هذه الانقسامات قد تجعل التهديدات الأمريكية فعالة في تفكيك التضامن المزعوم.
محدودية البدائل: حتى الآن، لم تُظهر المجموعة سوى خطوات رمزية نحو تقليل الاعتماد على الدولار، مثل اتفاقيات المقايضة الثنائية (كصفقات النفط الروسي الإيراني باليوان)، والتي لا تتجاوز 5% من تجارتها الخارجية وفقًا لـ"معهد بروكينغز".
3. الدولار كـ"أداة سلطة": هل يمكن تعويضه؟
مزايا الهيمنة الأمريكية: يتمتع الدولار بسيولة غير مسبوقة، ويستخدم في 80% من تمويل التجارة العالمية، مما يجعل التحول إلى عملات أقل سيولة (كالروبل أو الروبية) مكلفا للدول الناشئة.
التحدي الصيني: تقدم الصين اليوان كبديل، لكنه لا يشكل سوى 3% من الاحتياطيات العالمية، كما أن سيطرة بكين على سعر الصرف تثير مخاوف الشركاء.
4. السيناريو الأسوأ: ماذا لو نفذ ترامب تهديداته؟
انهيار الثقة بالدولار: قد تدفع العقوبات المبالغ فيها دولًا أخرى (كتركيا أو السعودية) إلى تنويع احتياطياتها، مما يُسرع من تآكل الهيمنة الأمريكية.
صعود نظام مالي موازٍ: قد تستغل الصين وروسيا التصعيد لتعزيز أنظمة دفع بديلة (كـ"نظام الدفع عبر الحدود باليوان" الصيني)، مستفيدتين من شبكة "بريكس" الموسعة.
الخبراء ينقسمون: بين "فزاعة" و"تحذير مشروع"
المتشائمون: يشير محللون في "وول ستريت جورنال" إلى أن تهديدات ترامب قد تكون حملة انتخابية لاستقطاب الناخبين، خاصة مع افتقادها آليات تنفيذ واضحة حال فوزه.
الواقعيون: يحذر "جوزيف ستيجلتز"، الحائز على نوبل للاقتصاد، من أن تجاهل تحركات "بريكس" سيهدد النظام المالي العالمي، داعيًا واشنطن إلى إصلاحات داخلية بدلاً من التهديدات.
ردود الفعل الدولية: دعم غربي وتأييد من الجنوب العالمي
الولايات المتحدة وحلفاؤها: دعمت دول الاتحاد الأوروبي بشكل غير مباشر موقف ترامب، خشية تأثير أي انهيار للدولار على اقتصاداتها.
الصين وروسيا: هاجمتا التصريحات الأمريكية ووصفتاها بـ"الاستعمار المالي"، بينما تعملان على تسريع اتفاقيات المقايضة بعملات محلية.
الدول النامية: عبرت جنوب إفريقيا والهند عن رغبتهما في نظام مالي أكثر إنصافاً، لكن دون مواجهة مباشرة مع الغرب.
الخلاصة: معركة العملات.. صراع الهيمنة و التعددية
تهديدات ترامب تعكس مرحلة انتقالية في النظام المالي العالمي، حيث تحاول القوى الصاعدة كسر احتكار الدولار، بينما تصر الولايات المتحدة على أنه "الملاذ الآمن" الوحيد. رغم أن خلق عملة بديلة يبدو بعيدًا اليوم، إلا أن التوسع المستمر لـ"بريكس" وتعزيز التبادلات بعملات محلية قد يفتح الباب لنظام مالي متعدد الأقطاب على المدى الطويل. السؤال الأكبر: هل ستنجح واشنطن في قمع هذه التحولات بقوة الاقتصاد، أم أن العقوبات نفسها ستسرع من انهيار هيمنة الدولار؟
تابعنا لمزيد من التحليلات حول الصراعات الاقتصادية وتأثيرها على الأسواق العالمية.
في تطور دراماتيكي قد يعيد تشكيل ملف غزة برمته، كشفت صحيفة معاريف الإسرائيلية أن زعيم المعارضة يائير لابيد قدّم إلى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطة "ثورية" تقضي بأن تتولى مصر إدارة قطاع غزة لمدة 15 عاماً، مقابل إلغاء كامل لديونها الخارجية البالغة 155 مليار دولار من قِبَل المجتمع الدولي. ما الذي يقترحه لابيد؟ بحسب مصادر صحيفة معاريف، فإن الخطة التي قُدّمت رسمياً في واشنطن، الثلاثاء، تتضمن ثلاثة محاور رئيسية: نقل السيادة الإدارية لقطاع غزة إلى مصر لمدة 15 عاماً قابلة للتمديد. إلغاء الديون الخارجية المصرية بالكامل، عبر آلية دولية تشرف عليها الولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي. إنشاء آلية أمنية مشتركة بين مصر وإسرائيل وأمريكا لضمان عودة "الهدوء" إلى القطاع ومنع عودة حماس. "بعد عام ونصف من القتال، لم يُقدّم أحد في الحكومة الإسرائيلية بديلاً واقعياً لحماس.. الحل يكمن في جار عربي قادر على تحمل المسؤولية"، قال لابيد في مؤتمر معهد أبحاث FDD بواشنطن . ردود فعل مصرية سريعة رغم أن الخطة لم تُعرض رسمياً على القاهرة، فإن مصادر دبلوماسية مصرية أكدت لـ ...
مقدمة في تطور جديد يلقي الضوء على الطبيعة الاقتصادية للصراع الاوكراني، كشف وزير الخزانة الامريكي سكوت بيسنت عن آلية تجارية معقدة تحقق من خلالها الولايات المتحدة ارباحا مباشرة من الاسلحة المرسلة الى اوكرانيا. هذا الكشف يأتي في وقت تتزايد فيه المناقشات حول التكلفة الحقيقية للدعم العسكري الامريكي وتوزيع الاعباء بين الحلفاء. آلية الربح: نموذج جديد لتمويل الحروب الهيكل التجاري تعتمد الآلية على قيام الولايات المتحدة ببيع الاسلحة للدول الاوروبية بهامش ربح يصل الى 10%، والتي تقوم بدورها بنقل هذه الاسلحة الى اوكرانيا. هذا النموذج يحول الدول الاوروبية الى وسطاء تجاريين في سلسلة التوريد العسكرية، بدلا من كونها مانحين مباشرين. التبرير الاقتصادي وفقا لتصريحات بيسنت، فان هذا الهامش الربحي قد يساعد في تغطية تكاليف اخرى مثل انشاء انظمة الدفاع الجوي وحماية الاجواء الاوكرانية. ويشير هذا الى استراتيجية شاملة تهدف الى توزيع التكاليف مع الحفاظ على الربحية. الصفقة الكبرى: 100 مليار دولار تفاصيل الاتفاق المقترح تشير تقارير صحيفة فاينانشال تايمز الى ان اوكرانيا تخطط لتقديم تعهد بشراء اسلحة امريكية بق...
مقدمة: سياق الأزمة المتصاعدة تشهد منطقة الشرق الأوسط تطورات خطيرة في قطاع غزة، حيث تتواصل العمليات العسكرية الإسرائيلية رغم الدعوات الدولية المتزايدة لوقف إطلاق النار. في هذا السياق المتوتر، أصدرت وزارة الخارجية المصرية بياناً قوياً يوم الخميس 21 أغسطس 2025، محذرة من "نهج غطرسة القوة" الإسرائيلي، بينما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن مواصلة العمليات العسكرية حتى لو وافقت حماس على اتفاق وقف إطلاق النار. تأتي هذه التطورات في ظل تصاعد العنف والتوتر في المنطقة، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الجهود الدبلوماسية وإمكانية التوصل لحل سلمي للأزمة الممتدة. الموقف المصري: تحذير دبلوماسي من التصعيد الإدانة المصرية الشاملة حذرت مصر من "نهج غطرسة القوة" الإسرائيلي، معربة عن قلقها البالغ من استمرار الحكومة الإسرائيلية في تنفيذ خطط الهجوم التي تستهدف السيطرة على مدن قطاع غزة. واعتبرت الخارجية المصرية هذا المسعى "انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني". أشار البيان المصري إلى أن هذه السياسات التصعيدية تمثل محاولة لـ"تكريس احتلالها ...
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار