قفزة في تدفقات النقد الأجنبي لمصر رغم تراجع إيرادات قناة السويس.. كيف تحققت؟

في ظل التحديات الاقتصادية العالمية والإقليمية، نجحت مصر في تحقيق قفزة ملحوظة في تدفقات النقد الأجنبي خلال الربع الأول من العام المالي 2024-2025 (يوليو - سبتمبر 2024)، حيث ارتفعت بنسبة 17% مقارنة بالربع الأول من العام المالي السابق. وبلغ إجمالي تدفقات النقد الأجنبي نحو 25.877 مليار دولار، مقارنة بنحو 22 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي. 

لكن المفارقة تكمن في أن هذه الزيادة جاءت رغم تراجع كبير في إيرادات قناة السويس، أحد أهم مصادر النقد الأجنبي للبلاد، بنسبة 61% بسبب اضطرابات البحر الأحمر الناجمة عن هجمات جماعة الحوثي على سفن الشحن العالمية. فما الذي عوض هذا التراجع، وكيف حققت مصر هذه القفزة؟

مصادر تدفقات النقد الأجنبي لمصر

تعتمد مصر على خمسة مصادر رئيسية للنقد الأجنبي، وهي:

1. تحويلات المصريين العاملين بالخارج
2. الصادرات
3. السياحة
4. الاستثمار الأجنبي المباشر
5. إيرادات قناة السويس

تحويلات المصريين العاملين بالخارج: المحرك الرئيسي

شهدت تحويلات المصريين العاملين بالخارج نمواً قوياً بنسبة 84.3%، حيث بلغت قيمتها 8.326 مليار دولار مقارنة بنحو 4.516 مليار دولار في الربع الأول من العام المالي السابق. وتمثل هذه التحويلات 32.1% من إجمالي تدفقات النقد الأجنبي.

ويرجع هذا النمو إلى قرار البنك المركزي المصري بتحرير سعر الصرف في مارس 2024، مما أدى إلى القضاء على السوق السوداء للعملة وعودة تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلى القنوات الرسمية (البنوك والصرافات). كما ساهم تحسين ثقة المغتربين في النظام المصرفي المصري في زيادة هذه التحويلات.

الصادرات: نمو مطرد

حققت الصادرات المصرية نمواً بنسبة 9.1%، حيث بلغت قيمتها 9.1 مليار دولار مقارنة بنحو 8.326 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي. وتمثل الصادرات 35.1% من إجمالي تدفقات النقد الأجنبي.

ويعكس هذا النمو تحسن القدرة التنافسية للصادرات المصرية في الأسواق العالمية، بالإضافة إلى الجهود الحكومية لتنويع القاعدة التصديرية وزيادة الإنتاج المحلي.

السياحة: انتعاش مستمر

شهد قطاع السياحة نمواً بنسبة 8.2%، حيث بلغت إيراداته 4.815 مليار دولار مقارنة بنحو 4.451 مليار دولار في الربع الأول من العام المالي السابق. وتمثل السياحة 18.6% من إجمالي تدفقات النقد الأجنبي.

ويعود هذا النمو إلى تحسن الأوضاع الأمنية في مصر، بالإضافة إلى الحملات التسويقية المكثفة التي تقوم بها الحكومة لجذب السياح من مختلف أنحاء العالم. كما ساهمت زيادة عدد الرحلات الجوية المباشرة إلى المدن السياحية المصرية في تعزيز هذا القطاع.

الاستثمار الأجنبي المباشر: زيادة ملحوظة

ارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 17%، حيث بلغت قيمته 2.717 مليار دولار مقارنة بنحو 2.321 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي. وتمثل هذه الاستثمارات 10.4% من إجمالي تدفقات النقد الأجنبي.

ويعكس هذا النمو تحسن بيئة الأعمال في مصر، بالإضافة إلى الجهود الحكومية لجذب الاستثمارات الأجنبية في قطاعات مثل الطاقة المتجددة والصناعة والبنية التحتية.

إيرادات قناة السويس: تراجع كبير

على الجانب الآخر، تراجعت إيرادات قناة السويس بنسبة 61%، حيث بلغت قيمتها 931 مليون دولار مقارنة بنحو 2.399 مليار دولار في الربع الأول من العام المالي السابق. وتمثل هذه الإيرادات 3.5% من إجمالي تدفقات النقد الأجنبي.

ويرجع هذا التراجع إلى اضطرابات البحر الأحمر الناجمة عن هجمات جماعة الحوثي على سفن الشحن العالمية، مما أدى إلى انخفاض حركة الملاحة في القناة. ومع ذلك، نجحت مصر في تعويض هذا التراجع من خلال الزيادة الكبيرة في تحويلات المصريين العاملين بالخارج والصادرات والسياحة.

الخلاصة

رغم التحديات التي تواجهها مصر، خاصة في ظل تراجع إيرادات قناة السويس بسبب الأزمات الإقليمية، تمكنت البلاد من تحقيق قفزة كبيرة في تدفقات النقد الأجنبي بفضل النمو القوي في تحويلات المصريين العاملين بالخارج والصادرات والسياحة. وتعكس هذه النتائج تحسناً في الثقة بالاقتصاد المصري، بالإضافة إلى نجاح السياسات الحكومية في تعزيز مصادر النقد الأجنبي.

ومع استمرار الجهود لتحسين بيئة الأعمال وجذب المزيد من الاستثمارات، يمكن لمصر أن تحافظ على هذا الزخم الإيجابي في تدفقات النقد الأجنبي، مما يدعم استقرار الاقتصاد الكلي ويعزز قدرتها على مواجهة التحديات المستقبلية.

قفزة في تدفقات النقد الأجنبي لمصر رغم تراجع إيرادات قناة السويس.. كيف تحققت؟

تدفقات النقد الأجنبي لمصر | تحويلات المصريين العاملين بالخارج | إيرادات قناة السويس | الصادرات المصرية | السياحة في مصر

النشرة البريدية