عجز ميزان المعاملات الجارية في مصر يقفز إلى 5.9 مليار دولار.. ما السبب؟
مدة القراءة:
في ظل التحديات الاقتصادية العالمية والإقليمية، أعلن البنك المركزي المصري، أمس الخميس، عن تراجع كبير في إيرادات قناة السويس، أحد أهم مصادر الدخل القومي للبلاد، حيث انخفضت الإيرادات بنسبة 61.2% خلال الفترة من يوليو/تموز إلى سبتمبر/أيلول 2024، لتصل إلى 931.2 مليون دولار مقارنة بـ 2.4 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي. هذا التراجع الكبير جاء نتيجة انخفاض عدد السفن المارة عبر القناة بنسبة 51%، وذلك بسبب التوترات الجيوسياسية في منطقة البحر الأحمر.
%20(2).jpg "عجز ميزان المعاملات الجارية | قناة السويس | تحويلات المصريين في الخارج | الاستثمار الأجنبي المباشر | السياحة في مصر")
التوترات في البحر الأحمر وتأثيرها على قناة السويس
%20(2).jpg "عجز ميزان المعاملات الجارية | قناة السويس | تحويلات المصريين في الخارج | الاستثمار الأجنبي المباشر | السياحة في مصر")
أشار البنك المركزي إلى أن التوترات في البحر الأحمر، والتي تشمل هجمات جماعة "أنصار الله" اليمنية على السفن، أدت إلى تحويل العديد من شركات الشحن العالمية لمساراتها بعيداً عن القناة. هذه الهجمات، التي وصفتها الجماعة بأنها تضامناً مع الفلسطينيين في غزة، أثرت بشكل مباشر على حركة الملاحة الدولية، مما أدى إلى تراجع كبير في عدد السفن التي تمر عبر قناة السويس، والتي تعد واحدة من أهم الممرات المائية في العالم.
عجز ميزان المعاملات الجارية
إلى جانب تراجع إيرادات قناة السويس، أظهرت بيانات البنك المركزي زيادة في عجز ميزان المعاملات الجارية، حيث بلغ العجز 5.9 مليار دولار في الربع الثالث من عام 2024، مقارنة بعجز قدره 2.8 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي. ويعكس هذا العجز الضغوط التي تواجهها الاقتصادات الناشئة، بما في ذلك مصر، في ظل الظروف الاقتصادية العالمية الصعبة.
تحويلات المصريين في الخارج: عامل تعويضي
على الرغم من التحديات، أشار البنك المركزي إلى أن تحويلات المصريين العاملين في الخارج ساهمت بشكل كبير في تعويض جزء من التراجع في إيرادات قناة السويس. حيث ارتفعت هذه التحويلات إلى 8.3 مليار دولار في الفترة من يوليو/تموز إلى سبتمبر/أيلول 2024، مقارنة بـ 4.5 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي، أي بزيادة تقارب الضعف. وتعد هذه التحويلات مصدراً مهماً للنقد الأجنبي، مما يساعد في دعم الاحتياطيات الأجنبية للبلاد.
زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر وعائدات السياحة
من ناحية أخرى، أظهرت البيانات زيادة في صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر، حيث ارتفعت إلى 2.7 مليار دولار في الربع الثالث من عام 2024، مقارنة بـ 2.3 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي. كما ارتفعت عائدات السياحة إلى 4.8 مليار دولار، مقارنة بـ 4.5 مليار دولار في الربع الثالث من عام 2023. هذه الزيادة تعكس تحسناً في قطاع السياحة، الذي يعتبر أحد الركائز الأساسية للاقتصاد المصري.
إصلاحات اقتصادية ودعم صندوق النقد الدولي
في سياق متصل، أشاد صندوق النقد الدولي بمسار الإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها مصر، حيث أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن هذه الإصلاحات تسير في الاتجاه الصحيح. جاءت هذه الإشادة خلال اجتماعات مع مسؤولي الصندوق، حيث تمت مناقشة التقدم المحرز في برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تتبناه الحكومة المصرية.
مستقبل قناة السويس: مشروع الازدواج
في محاولة للتغلب على التحديات التي تواجهها قناة السويس، أعلنت مصر عن نجاح التشغيل التجريبي لمشروع ازدواج قناة السويس، والذي يهدف إلى زيادة قدرة القناة على استيعاب المزيد من السفن وتقليل وقت العبور. هذا المشروع، الذي وصف بأنه "نقلة نوعية"، يأتي في إطار الجهود المبذولة لتعزيز مكانة القناة كأحد أهم الممرات المائية العالمية.
الخلاصة
في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجهها مصر، يبقى تراجع إيرادات قناة السويس أحد أبرز القضايا التي تحتاج إلى معالجة عاجلة. ومع ذلك، فإن زيادة تحويلات المصريين في الخارج، وارتفاع الاستثمار الأجنبي المباشر، وتحسن عائدات السياحة، تشكل عوامل إيجابية تساعد في تعويض جزء من هذه الخسائر. كما أن مشروع ازدواج قناة السويس يعد خطوة مهمة نحو تعزيز القدرة التنافسية للقناة على المدى الطويل.
في النهاية، يتطلب الوضع الحالي تعزيز الجهود لتحقيق الاستقرار في منطقة البحر الأحمر، بالإضافة إلى مواصلة الإصلاحات الاقتصادية التي تعزز من قدرة الاقتصاد المصري على مواجهة التحديات الخارجية والداخلية.
للاستماع للبودكاست اضغط هــنــا
عجز ميزان المعاملات الجارية | قناة السويس | تحويلات المصريين في الخارج | الاستثمار الأجنبي المباشر | السياحة في مصر
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار