الكونجرس الأمريكي يتحرك لكبح جماح ترامب.. هل تتحول فنزويلا إلى ساحة حرب جديدة؟

--

الكونجرس الأمريكي يتحرك لكبح جماح ترامب.. هل تتحول فنزويلا إلى ساحة حرب جديدة؟

تصاعدت حدة التوتر بين السلطة التنفيذية والتشريعية في الولايات المتحدة، مع اتجاه مجلس الشيوخ الأمريكي للتصويت الأسبوع المقبل على مشروع قانون تاريخي يهدف إلى تقييد سلطة الرئيس دونالد ترامب في شن عمليات عسكرية ضد فنزويلا. هذا التحرك يأتي رداً على تصريحات أدلى بها ترامب لمجلة "بوليتيكو" أثارت قلقاً عميقاً في أروقة السلطة التشريعية، حيث لم يستبعد إرسال قوات برية إلى الأراضي الفنزويلية في المرحلة المقبلة.

تصريحات نارية تهدد بتصعيد عسكري

في مقابلة مطولة مع الصحفية داشا بيرنز استمرت 45 دقيقة، أعلن ترامب ثقته بأن الغارات الجوية التي نفذها الجيش الأمريكي في البحر الكاريبي ضد قوارب يشتبه بارتباطها بمهربي مخدرات "أنقذت أرواحاً أمريكية". لكنه لم يتوقف عند هذا الحد، بل توعد بالتصعيد: "لم يعد أحد يجرؤ على الإبحار باتجاه أمريكا محملاً بالمخدرات، وسنضربهم قريباً جداً على البر أيضاً".

هذه التصريحات شكلت نقطة تحول في الخطاب الأمريكي تجاه كاراكاس، حيث رأى مشرعون من الحزبين أنها تمثل تجاوزاً خطيراً للإطار القانوني الذي يسمح للرئيس باستخدام القوة العسكرية. تقول مصادر "بوليتيكو" إن المشرعين يعتبرون هذه التصريحات دفعة قوية لجهودهم لحشد مزيد من الدعم الجمهوري قبل التصويت الثالث على مشروع قانون صلاحيات الحرب.

مشروع القانون: رغبة في استعادة صلاحيات الحرب

يقود المبادرة التشريعية السيناتور تيم كاين (الديمقراطي عن ولاية فرجينيا) بالتعاون مع زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، والسيناتور آدم شيف (الديمقراطي عن كاليفورنيا)، إضافة إلى السيناتور الجمهوري راند بول عن ولاية كنتاكي. الهدف: فرض التصويت على قرار يحظر أي عمل عسكري ضد فنزويلا دون تفويض صريح من الكونجرس.

قال كاين في مقابلة مع "بوليتيكو": "الضغوط التي يمارسها ترامب ترفع من آمالنا في الحصول على أكبر عدد من الأصوات عند طرح القانون للتصويت الأسبوع المقبل". لكن المبادرة تواجه تحدياً رغم الدعم الحزبي المشترك، إذ تحتاج لاستقطاب المزيد من الجمهوريين للتمرد على موقف الرئيس. المرة السابقة، نالت المبادرة تأييد جمهوريين اثنين فقط: السيناتور راند بول والسيناتورة ليزا موركوسكي عن ألاسكا.

يقول بول: "لا أعتقد أن الإدارة تريد عرض حقائق هذه القضية أمام الشعب الأمريكي، ولذلك حان الوقت لأن يقوم الكونجرس بذلك".

إحاطة سرية تفجر الغضب

تزامن التحرك التشريعي مع إحاطة سرية قدمها مسؤولون في إدارة ترامب لكبار قادة الكونجرس من الحزبين الثلاثاء، حول ضربة مزدوجة نفذت في 2 سبتمبر الماضي في البحر الكاريبي وأدت إلى مقتل ناجين كانوا يتشبثون بحطام قاربهم. الإحاطة أثارت غضباً ديمقراطياً حاداً، إذ اعتبرها المشرعون "غير مرضية" ولم تجب على أسئلتهم الحاسمة.

قال شومر بعد الإحاطة: "كانت غير مرضية للغاية". أضاف أنه سأل وزير الدفاع بيت هيجسيث عما إذا كان سيسمح لجميع أعضاء الكونجرس بمشاهدة الفيديو غير المحرر للضربة، فكانت إجابته: "علينا أن ندرس الأمر". رد شومر: "من وجهة نظري، لقد درسوا الأمر بما فيه الكفاية. ينبغي للكونجرس أن يكون قادراً على مشاهدته".

السيناتور كريس كونز (الديمقراطي عن ديلاوير) يقول: "لقد تجاوز الرئيس بكثير الإطار الزمني الذي يتيحه قانون صلاحيات الحرب. جنودنا وقواتنا العسكرية يستحقون أن يعرفوا ما إذا كانوا يحظون بدعم الكونجرس والشعب الأمريكي في هذا الأمر".

100 يوم من العمليات وأكثر من 90 قتيلاً

يؤكد المشرعون أن الولايات المتحدة تعيش "خضم عمل عسكري" منذ 100 يوم في المنطقة، أدى إلى مقتل نحو 90 شخصاً، وأجبر قائد القيادة الجنوبية الأمريكية (ساوثكوم) على التقاعد، ودفع المملكة المتحدة -أحد أبرز حلفاء واشنطن- إلى تقليص مشاركة المعلومات الاستخبارية.

يقول كاين: "لم نعقد حتى الآن جلسة استماع علنية واحدة حول هذا الأمر". بينما كشف أميرال بالبحرية الخميس الماضي أن وزير الدفاع لم يصدر أي توجيه يحمل عبارة "اقتلوهم جميعاً"، في نفي ضمني لاتهامات سابقة.

صراع على الفيديو والشفافية

تحول الفيديو غير المحرر لضربة 2 سبتمبر إلى أداة ضغط رئيسية. دعا النائب الديمقراطي حكيم جيفريز -زعيم الأقلية في مجلس النواب- الإدارة إلى نشر الفيديو الكامل أمام الشعب الأمريكي، قائلاً: "يجب أن تتاح للشعب فرصة تحديد ما إذا كانت تلك الضربة، التي قتلت أشخاصاً كانوا في حالة غرق ولم يشكلوا أي تهديد، تتسق مع القيم الأمريكية".

أضاف جيفريز: "إذا كان بيت هيجسيث والإدارة يعتقدان أن أفعالهما مبررة، فما الذي يخفونه عن الشعب الأمريكي؟ انشروا الفيديو".

من جهته، طلب السيناتور مارك وارنر -كبير الديمقراطيين في لجنة الاستخبارات- من الإدارة تسليم أوامر التنفيذ والوثائق المتعلقة بالاتصالات والآراء القانونية. قال وارنر: "لم أحصل على إجابات كافية. إذا لم تتم مشاركة كل هذا مع الشعب الأمريكي، فعلى أعضاء الكونجرس اتخاذ قرارهم".

المستقبل: معركة دستورية محتدمة

مع اقتراب موعد التصويت، يبدو المشهد في الكابيتل معقداً. يقول زعيم الأغلبية الجمهورية جون ثون إنه لم يشاهد الفيديو بعد، بينما يصر الديمقراطيون على أن الكونجرس يستحق إجابات واضحة. وفي حال نجح المشروع، سيشكل سابقة نادرة في تقييد صلاحيات الرئيس العسكرية. أما إذا فشل، فقد يفتح ذلك الباب أمام تصعيد قد تكون فنزويلا ثمنه.

لكن السؤال الأكبر يبقى: هل يريد الجمهوريون التمرد على ترامب في سياق حربه على المخدرات؟ يجيب السيناتور بول: "تصريحات ترامب ستدفع زملائي الجمهوريين إلى النظر في القضية بعيون جديدة".


المصادر:

الوسوم

الكونجرس الأمريكي | ترامب وفنزويلا | صلاحيات الحرب | ضربة البحر الكاريبي | الفيديو غير المحرر

النشرة البريدية

تعليقات

الموضوعات الأكثر قراءة في" علىّْ الدين الإخباري"

"ضربة العقرب" وتغيير المعادلة.. واشنطن تنشر أول سرب مسيرات "انتحارية" في الشرق الأوسط

مقتل ياسر أبو شباب.. زعيم المليشيات المتعاونة مع إسرائيل في غزة

الذهب يتألق مدعوماً بتراجع الدولار وترقب بيانات التضخم الأمريكية