هل تملك مصر خيار الضربة العسكرية ضد سد النهضة؟
عاد ملف سد النهضة الإثيوبي إلى واجهة المشهد السياسي والأمني، بعد تصريحات رسمية مصرية أكدت أن القاهرة تحتفظ بحق استخدام كل الوسائل المتاحة للدفاع عن أمنها المائي. هذا التلويح أعاد طرح السؤال الأهم: هل يمكن أن تتجه مصر فعليا إلى الخيار العسكري؟ أم أن الأمر يندرج ضمن سياسة الردع والضغط السياسي؟
لماذا يمثل سد النهضة تهديدا وجوديا لمصر؟
تعتمد مصر على نهر النيل في أكثر من 90 في المئة من احتياجاتها المائية، بحسب بيانات وزارة الموارد المائية والري. أي تغيير جوهري في تدفق المياه أو أسلوب إدارتها ينعكس مباشرة على:
- مياه الشرب
- الزراعة والأمن الغذائي
- توليد الكهرباء
- الاستقرار الاجتماعي
سد النهضة مقام على النيل الأزرق، الذي يوفر نحو 85 في المئة من إيراد نهر النيل الواصل إلى مصر. لذلك ترى القاهرة أن غياب اتفاق قانوني ملزم لتنظيم ملء وتشغيل السد يضع أمنها القومي في دائرة الخطر.
-
2011
إطلاق مشروع السد
-
2015
إعلان المبادئ
-
2020
مفاوضات واشنطن
-
2021–2024
الملء الأحادي
-
2025
إعلان اكتمال المشروع
لماذا فشلت المفاوضات؟
على مدار 13 عاما، شاركت مصر في مسارات تفاوضية متعددة شملت:
- مفاوضات ثلاثية مع إثيوبيا والسودان
- رعاية الاتحاد الإفريقي
- وساطة أميركية بمشاركة البنك الدولي عام 2020
- إحالة الملف إلى مجلس الأمن الدولي أكثر من مرة
ورغم ذلك، لم تصل الأطراف إلى اتفاق نهائي. السبب الرئيسي يتمثل في رفض إثيوبيا الالتزام باتفاق قانوني ملزم، مع استمرارها في سياسة الملء والتشغيل الأحادي للسد، وفق ما ورد في خطابات رسمية مصرية إلى مجلس الأمن.
ماذا تعني عبارة استخدام كل الوسائل المتاحة؟
التصريحات المصرية الأخيرة لا تعني تلقائيا قرارا باستخدام القوة العسكرية. في الأدبيات الدبلوماسية والعسكرية، هذه العبارة تحمل عدة رسائل:
- تأكيد حق الدفاع عن النفس وفق ميثاق الأمم المتحدة
- رفع كلفة التعنت الإثيوبي سياسيا ودوليا
- توسيع هامش الضغط قبل أي تصعيد فعلي
خبراء عسكريون مصريون، مثل اللواء سمير فرج، يؤكدون أن الخيار العسكري يظل الملاذ الأخير، ولا يُستخدم إلا إذا وقع ضرر جسيم ومباشر على الحصة المائية المصرية.
هل يسمح القانون الدولي بالضربة العسكرية؟
القانون الدولي لا يمنع استخدام القوة بشكل مطلق. ميثاق الأمم المتحدة، خاصة الفصلين السادس والسابع، يقر حق الدفاع عن النفس إذا تعرضت دولة لتهديد وجودي.
مصر تستند في خطابها القانوني إلى عدة نقاط:
- المياه حق سيادي وحياتي
- الضرر الجسيم يبرر الدفاع الوقائي
- إثيوبيا تتصرف بشكل أحادي رغم الاعتراضات الدولية
مع ذلك، أي تحرك عسكري يحتاج غطاء سياسيا دوليا أو على الأقل تفهما دوليا، لتجنب عزل مصر أو فرض عقوبات عليها.
لماذا يبقى الخيار العسكري غير مفضل؟
هناك اعتبارات معقدة تجعل القاهرة متحفظة تجاه هذا السيناريو:
- الموقع الجغرافي للسد داخل العمق الإثيوبي
- مخاطر انهيار السد وتأثيره الكارثي على السودان
- التداعيات السياسية والإقليمية في القرن الإفريقي
- احتمالات التصعيد العسكري الواسع
لهذا تعتمد مصر حتى الآن على مزيج من الردع السياسي، والتحرك الدبلوماسي، وبناء القدرات العسكرية دون استخدامها.
هل ما زالت الحلول السياسية ممكنة؟
رغم انسداد المسار التفاوضي، يرى دبلوماسيون مصريون أن الحل السياسي لم يغلق بالكامل. تدخل دولي فاعل، خصوصا من الولايات المتحدة أو مجلس الأمن، قد يعيد فتح نافذة تفاوض بشروط مختلفة.
التجربة السابقة عام 2020 أظهرت أن الضغط الدولي قادر على تقليص الفجوة بين الأطراف، حتى لو لم ينجح في حسم الملف نهائيا.
خلاصة المشهد
مصر لا تسعى إلى الحرب، لكنها لا تقبل المساس بحقها التاريخي في مياه النيل. التلويح بالقوة يهدف أساسا إلى الردع، لا التنفيذ. ومع ذلك، كلما طال أمد التعنت الإثيوبي دون اتفاق ملزم، زادت احتمالات الانتقال من لغة التحذير إلى خيارات أكثر صرامة.
الملف لم يصل بعد إلى نقطة اللاعودة، لكنه يقترب من مرحلة تتطلب قرارا حاسما، إما بتسوية سياسية عادلة، أو بإعادة تعريف قواعد الصراع في حوض النيل.
مصادر موثوقة
الوسوم
سد النهضة الإثيوبي | الأمن المائي المصري | نهر النيل | القانون الدولي | الخيار العسكري


تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار