سباق التسلح العالمي.. هل نحن على أعتاب حرب عالمية ثالثة أم أمام "حرب باردة جديدة"؟

--

سباق التسلح العالمي.. هل نحن على أعتاب حرب عالمية ثالثة أم أمام "حرب باردة جديدة"؟

مع تصاعد التوترات بين واشنطن وموسكو وبكين، وتزايد الإنفاق العسكري، تتكرر تساؤلات الرأي العام: "هل اقتربت الحرب العالمية الثالثة؟". غير أن تحليلات خبراء حلف الناتو والأكاديميات العسكرية ترى أن المشهد أقرب إلى "سباق تسلح استراتيجي" يُدار بالدبلوماسية والاقتصاد قبل الميدان، وأن التهويل الإعلامي يتجاوز في كثير من الأحيان الواقع الميداني.

هل العالم على شفا حرب عالمية؟

يقول الأستاذ الزائر في حلف الناتو والأكاديمية الملكية العسكرية ببروكسل، سيد غنيم، إن مقارنة عام 2025 بعام 1939 "مبالغ فيها"، لأن الحرب العالمية تتطلب تحالفين متقابلين يصطليان في أكثر من مسرح جغرافي، وهو شرط غير متوفر حتى الآن.

"حتى لو تدخل الناتو مباشرة ضد روسيا، فلن تُسمّى حرباً عالمية ما لم تتسع إلى آسيا والمحيطات وتحالفات متعددة الأطراف"، يؤكد غنيم في حديثه لبرنامج "التاسعة" على سكاي نيوز عربية (رابط الحلقة).

التجارب النووية: استعراض وليس إطلاق

تتزامن التجارب النووية الروسية والغربية مع خطابات "الردع النووي"، لكن غنيم يرى أنها رسائل سياسية أكثر منها تحضيراً لضربة استباقية.
  • آخر تجربة نووية حقيقية أجرتها موسكو كانت عام 1990، وواشنطن 1992.
  • ما يجري الآن هو تجارب صواريخ غير نوويه (sub-critical) أو اختبارات أنظمة إطلاق بعيدة المدى.

"الأسلحة النووية تستخدم للردع، لا للقتال، لأن كلفة استخدامها تفوق أي مكسب عسكري"، يشرح غنيم.

الصين: تطوير سريع لكن بسقف استراتيجي

أربع سيناريوهات فقط تدفع بكين لاستخدام القوة

  1. اضطرابات داخلية واسعة تهدد الحزب الحاكم
  2. إعلان تايوان الاستقلال الرسمي
  3. تعرّض خطوط إمداد الطاقة أو قواتها الخارجية لهجوم مباشر
  4. توحّد الكوريتين على قيادة كورية جنوبية

"بخلاف ذلك، تبقى بكين في إطار الردع وسباق التكنولوجيا"، يوضح التحليل.

الفارق العددي لا يخفي الفجوة التقنية

السلاح الصين الولايات المتحدة
حاملات الطائرات 3 (تشغيل مبدئي) 11 (مُشغَّلة منذ عقود)
رؤوس نووية استراتيجية ~350 ~5,500
قواعد عسكرية خارجية 1 (جيبوتي) >750

المصدر: معهد ستوكهولم لأبحاث السلام SIPRI Yearbook 2024 (رابط التقرير).

روسيا: تحالفات محدودة واستثمار في التصدير

تدار العقيدة الروسية عبر منظمة معاهدة الأمن الجماعي (CSTO) التي لا تشمل سوى ست دول سوفياتية سابقة، ما يقلل من احتمالية امتداد أي صراع إلى مستوى عالمي.
  • 70% من مبيعات الأسلحة الروسية تذهب إلى الهند والصين والجزائر، أي أن السلاح يُستخدم أداة نفوذ اقتصادي قبل أن يكون وسيلة حرب.

معرض «ARMY-2024» خارج موسكو عرض 28 نظام صاروخي جديد، لكن 80% منها موجّه للتصدير، لا للجيش الروسي (المكتب الصحفي لروسوبورون إكسبورت).

«الكرات الملوّنة».. رسم بياني يشرح التحالفات

  • الكرة الزرقاء: الولايات المتحدة والناتو والحلفاء في آسيا (اليابان، كوريا الجنوبية، أستراليا)
  • الكرة الحمراء: روسيا، الصين، إيران، كوريا الشمالية (تعاون تكتيكي غير مُحكم التحالف)
  • الكرة الخضراء: دول الخليج، مصر، الأردن، المغرب، الجزائر (تحافظ على مرونة التحالف وشراء السلاح من الطرفين)

الرسم يُظهر أن التداخل الاقتصادي يمنع تشكُّل كتلتين متقابلتين كما في الحربين العالميتين.

لماذا يستمر الإنفاق العسكري إذن؟

  1. أسواق التصنيع العسكري توفر وظائف عالية التقنية
  2. تصدير السلاح وسيلة لتثبيت النفوذ السياسي (مثال: صواريخ S-400 الروسية في تركيا والهند)
  3. الردع الداخلي: أي دولة تُظهر قوة دفاعية تُعزز من شرعية حكومتها أمام شعبها

"الهدف ليس خوض الحرب، بل البقاء في اللعبة الاقتصادية"، يختتم غنيم.

هل من مخرج؟ خمس توصيات موجزة

  1. إحياء قنوات الحوار العسكري (خطوط الهاتف الحمراء) بين الأطراف النووية
  2. توسيع اتفاقية «نيو ستارت» النووية لتشمل الصين
  3. ربط مبيعات السلاح ببنود شفافة تمنع الاستخدام في النزاعات غير الشرعية
  4. دعم مبادرات «الكرات الخضراء» لتحويل التنافس إلى استثمار مشترك في الطاقة والبنية التحتية
  5. إلزام الشركات المصنعة بنشر تقارير سنوية عن حجم الصادرات ووجهتها، لتقليل التصعيد الإعلامي

ختاماً 
العالم يعيش «حرب باردة جديدة» تُدار بالاقتصاد والتكنولوجيا قبل الميدان، والتهويل بـ"الحرب العالمية الثالثة" يخدم أغراضاً دعائية أكثر منه تعبيراً عن نية قتالية. غير أن استمرار سباق التسلح دون قواعد شفافة قد يحول حوادث بسيطة إلى أزمات كبرى، ما يجعل الدبلوماسية الوقائية ضرورة ملحة لا رفاهية.

المصادر:

  1. سكاي نيوز عربية – حلقة التاسعة مع سيد غنيم
  2. SIPRI Yearbook 2024 – قاعدة بيانات الأسلحة النووية
  3. المكتب الصحفي لروسوبورون إكسبورت – ARMY-2024
    ما تقييمك

الوسوم

سباق التسلح | الحرب العالمية الثالثة | الصين وامريكا | التحالفات العسكرية | التجارب النووية

النشرة البريدية

تعليقات

الموضوعات الأكثر قراءة في" علىّْ الدين الإخباري"

مقتل ياسر أبو شباب.. زعيم المليشيات المتعاونة مع إسرائيل في غزة

"ضربة العقرب" وتغيير المعادلة.. واشنطن تنشر أول سرب مسيرات "انتحارية" في الشرق الأوسط

الذهب يتألق مدعوماً بتراجع الدولار وترقب بيانات التضخم الأمريكية