قبيل قمة ترامب وابن سلمان.. هل تفقد إسرائيل "التفوق النوعي" بفعل صفقة طائرات F-35 السعودية؟

--

قبيل قمة ترامب وابن سلمان.. هل تفقد إسرائيل "التفوق النوعي" بفعل صفقة طائرات F-35 السعودية؟

مقدمة: مخاوف إسرائيلية من "هدية ترامب الكبرى"

تتزايد المخاوف في إسرائيل قبيل الاجتماع المرتقب بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان المقرر الثلاثاء المقبل في البيت الأبيض، وسط أنباء عن صفقة أسلحة ضخمة قد تغير موازين القوى العسكرية في المنطقة.

وقالت صحيفة "معاريف" العبرية إن القلق يتصاعد في أروقة صنع القرار الإسرائيلي من إمكانية إقدام إدارة ترامب على تقديم "هدية كبرى" للسعودية تتمثل في بيع طائرات F-35 المتطورة، وهو ما يهدد احد الركائز الاساسية للأمن الإسرائيلي.

وتمتلك إسرائيل حالياً الأسطول الوحيد من هذه الطائرات في الشرق الأوسط، وتستخدمها في عملياتها العسكرية الحساسة، بما في ذلك الغارات على إيران في أكتوبر 2024 ويونيو 2025، وفقاً لتقارير عبرية.

صفقة القرن العسكرية: طائرات F-35 السعودية

تعمل الإدارة الأمريكية والمملكة العربية السعودية على وضع اللمسات الأخيرة على صفقة تبيع بموجبها شركات التصنيع العسكري الأمريكية 48 طائرة مقاتلة من طراز F-35 Lightning II بمليارات الدولارات، وفقاً لما نشرته Reuters.

وأعلن الرئيس ترامب الجمعة الماضية أنه يدرس الموافقة على هذه الصفقة، قائلاً: "إنهم يريدون شراء عدد كبير من الطائرات"، وذلك في تصريحات نقلتها وكالة News On AIR.

وتمثل هذه الصفقة تحولاً كبيراً في السياسة الأمريكية التي تاريخياً تقيد بيع هذه الطائرات لدول غير حليفة في حلف الناتو أو الدول الديمقراطية. وتأتي الصفقة في إطار جهود ترامب لتوثيق التحالف مع الرياض، وتعزيز مكانة الولايات المتحدة في المنطقة.

قبيل قمة ترامب وابن سلمان.. هل تفقد إسرائيل "التفوق النوعي" بفعل صفقة طائرات F-35 السعودية؟

التفوق العسكري النوعي: مبدأ أمريكي يلوح في الأفق

منذ حرب عام 1973، عملت الولايات المتحدة على ضمان "التفوق العسكري النوعي" (Qualitative Military Edge) لإسرائيل في الشرق الأوسط، وهو مبدأ أصبح قانوناً ملزماً في عام 2008 يطالب واشنطن بالحفاظ على تفوق إسرائيل العسكري.

ويقول المحلل السياسي برادلي بومان، المدير الأول في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إن بيع F-35 للسعودية "سيغير بالتعريف التقييم النسبي لقدرات إسرائيل مقارنة بالسعودية". ويضيف في تصريحات نقلها Jewish Insider: "التفوق العسكري النوعي ليس اختيارياً، بل هو متطلب قانوني"، مشيراً إلى ان القانون يقيس قدرة إسرائيل مقابل أي مجموعة من الدول، وليس دولة واحدة فقط.

من جهته، اعتبر السفير الإسرائيلي في واشنطن يحيئيل ليتر أن إسرائيل "تفضل ألا تحصل تركيا" على هذه الطائرات، لكنه أشار إلى عدم وجود مؤشرات على أن التفوق النوعي سيتعرض للخطر في حال حصول السعودية عليها.

مخاوف البنتاجون: الصين تترصد التكنولوجيا الأمريكية

تتجاوز المخاوف الإسرائيلية إلى تخوفات داخل البنتاغون من احتمال وصول التكنولوجيا المتقدمة للطائرة إلى الصين. وكشف تقرير استخباراتي سري لوكالة استخبارات الدفاع الأمريكية (DIA) عن مخاوف جدية من تعرض تقنيات F-35 للخطر.

ونقلت EurAsian Times عن التقرير السري قوله إن الصين قد تحصل على أسرار الطائرة عبر التجسس أو من خلال الشراكة الأمنية المتنامية بين الرياض وبكين. وتحذر DIA من أن التعاون العسكري السعودي الصيني قد يتيح للصين "سرقة" تقنيات التخفى والحرب الإلكترونية والروبط الآمنة المتقدمة.

وتؤكد Asia Times أن المخاوف ليست مجرد تكهنات، فالصين بالفعل حصلت على عشرات الآلاف من المستندات حول F-35 عبر التجسس الإلكتروني في السابق، ومن خلال عملاء مثل المدير التنفيذي الفضائي Su Bin.

الشراكة الصينية السعودية: شبكة التعاون العسكري المتنامية

تقوم علاقات عسكرية عميقة بالفعل بين الصين والسعودية. فقد اشترت الرياض صواريخ باليستية متوسطة المدى من الصين منذ ثمانينيات القرن الماضي، بما في ذلك صواريخ DF-3 وDF-21، وفقاً لما ذكرته Asia Times.

وأفادت تقارير لـ Army Recognition بأن الصين تقدم للسعودية مساعدة تقنية كبيرة في إنتاج وقود الصواريخ الصلبة في منشأة قرب الرياض. كما تزود بكين الرياض بطائرات مسيرة مسلحة من طراز Wing Loong II وCH-4.

وعزز التعاون العسكري عبر تدريبات مشتركة بين القوات البحرية الصينية والسعودية في أكتوبر 2025، وهو ما اعتبره محللون "صورة مثيرة للقلق" مع اقتراب صفقة F-35، وفق Jewish Insider.

البرنامج النووي المدني: طموح السعودية يثير المخاوف

بجانب طائرات F-35، يسعى الأمير محمد بن سلمان ومساعدوه للحصول على اتفاق يسمح للمملكة بتطوير برنامج نووي مدني، وهو ما يثير مخاوف في واشنطن من احتمال التحول مستقبلاً إلى أسلحة نووية.

وقال وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان في بداية العام: "سنخصب اليورانيوم وسنبيعه وسنقوم بإنتاج الكعكة الصفراء"، في تصريحات تؤكد طموح المملكة، نقلتها Middle East Eye.

ويرى الخبراء أن السعودية قد تتنازل عن حق التخصيب مقابل مظلة نووية أمريكية، قد تشمل نشر أنظمة دفاعية نووية على أراضيها، وهو ما لا يتطلب موافقة الكونغرس وفقاً لما ذكره خبير في Middle East Eye.

دروس من الماضي: صفقة الإمارات والإخفاقات السابقة

تعكس المخاوف الحالية تجربة إدارة ترامب الأولى مع الإمارات العربية المتحدة، حيث وافقت على بيع 50 طائرة F-35 كجزء من اتفاقيات إبراهيم 2020، لكن إدارة بايدن علقت الصفقة في 2021.

وفرضت واشنطن مطالب على الإمارات تشمل تثبيت "مفاتيح إيقاف" تسمح للحكومة الأمريكية بتعطيل الطائرات عن بُعد، لكن المسؤولين الإماراتيين رأوا هذه المطالب "مجحفة"، مما أدى إلى انهيار الصفقة، وفقاً لما ذكرته AeroTime.

وحذر خبراء من أن السعودية قد تلجأ إلى الصين أو روسيا للحصول على طائرات شبحية بديلة إذا فشلت الصفقة الأمريكية، مما يعزز النفوذ الصيني في المنطقة.

التطبيع الإسرائيلي السعودي: القضية الكبرى العالقة

رغم جهود ترامب لإدخال السعودية في اتفاقيات إبرهيم، تواجه هذه المساعي عقبات كبيرة. فالرياض تربط التطبيع باعتراف إسرائيل بدولة فلسطينية، وهو ما ترفضه الحكومة الإسرائيلية اليمينية الحالية.

ويقول غيث العمري من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى إنه "من غير المتوقع أن تتطور العلاقات في أي وقت قريب"، نظراً لمعدل الضحايا في حرب غزة والسياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين.

ويرى المحلل برادلي بومان أنه من "غير المنطقي" منح أحدث طائرة أمريكية لدولة لم تطبع علاقاتها مع إسرائيل، وكان يجب استخدام الطائرات كورقة ضغط للتطبيع.

ما هي خلفية هذا التوتر؟

فيما يلي أبرز النقاط الأساسية التي يجب فهمها:

أولاً: طائرات F-35 هي أحدث طائرة مقاتلة أمريكية، تمتلك قدرات تخفي واستطلاع وهجوم فريدة. وتهدف إسرائيل للحفاظ على احتكارها لهذه التقنية في المنطقة.

ثانياً: القانون الأمريكي يلزم واشنطن بالحفاظ على "التفوق العسكري النوعي" لإسرائيل، وهو ما يعني القدرة على هزيمة أي تحدٍ عسكري مع تقليل الخسائر.

ثالثاً: العلاقات الصينية السعودية المتنامية تشمل صواريخ باليستية وطائرات مسيرة وتدريبات عسكرية مشتركة، مما يثبت قلق التكنولوجيا.

رابعاً: السعودية تسعى لبرنامج نووي مدني مع حق تخصيب اليورانيوم، وهو ما يثير شكوكاً حول طموحات نووية مستقبلية.

خامساً: صفقة F-35 للإمارات فشلت بسبب المخاوف الأمنية والمطالب الأمريكية، وهو ما قد يتكرر مع السعودية.

المصادر:

  1. تقرير Reuters عن صفقة F-35 السعودية: 

  2. مقال Jewish Insider حول المخاوف الإسرائيلية والتفوق النوعي: 

  3. تحليل EurAsian Times لمخاوف البنتاغون من الصين

الوسوم

ترامب محمد بن سلمان | صفقة F-35 السعودية | التفوق العسكري الإسرائيلي | التعاون الصيني السعودي | صفقة أسلحة أمريكية

النشرة البريدية

تعليقات

الموضوعات الأكثر قراءة في" علىّْ الدين الإخباري"

مقتل ياسر أبو شباب.. زعيم المليشيات المتعاونة مع إسرائيل في غزة

"ضربة العقرب" وتغيير المعادلة.. واشنطن تنشر أول سرب مسيرات "انتحارية" في الشرق الأوسط

الذهب يتألق مدعوماً بتراجع الدولار وترقب بيانات التضخم الأمريكية