قلب إيران النووي ينبض رغم الضربات: الهجمات أخرت البرنامج لكنها لم تقضِ عليه

--

قلب إيران النووي ينبض رغم الضربات: الهجمات أخرت البرنامج لكنها لم تقضِ عليه

مقدمة: حقيقة لا تريدها واشنطن أن تسمعها

كشف تقرير جديد لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عن حقيقة مثيرة للجدل: الهجمات الأمريكية والإسرائيلية التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية في يونيو 2025 لم تدمر البرنامج النووي الإيراني بالكامل، بل اقتصرت على تأخيره وشراء وقت للرئيس دونالد ترامب.

تؤكد الصحيفة أن "قلب" البرنامج النووي الإيراني لا يزال نابضاً، وأن المسار الأمثل للمضي قدماً يتمثل في الإبقاء على تهديد حقيقي باستخدام القوة ضد طهران، واستمرار الضغط الاقتصادي الصارم، بالتوازي مع إرسال إشارة استعداد للتفاوض.

تاريخ طويل من التوتر: البرنامج النووي الإيراني من السبعينيات حتى اليوم

بدأ البرنامج النووي الإيراني في سبعينيات القرن الماضي، لكن التركيز الدولي عليه تصاعد بشكل حاد بعد عام 2002 عندما كشفت معلومات استخباراتية عن وجود منشآت نووية سرية لم تعلن عنها إيران للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

تتهم الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، إيران بالسعي سراً لتطويل أسلحة نووية، بينما تصر طهران على أن برنامجها يهدف بالكامل إلى توليد الطاقة الكهربائية والأغراض السلمية. هذا الخلاف حول الغرض الحقيقي من البرنامج أدى إلى سلسلة طويلة من العقوبات الاقتصادية الشديدة فرضتها واشنطن وحلفاؤها على إيران، مما تسبب في تدهور حاد بالاقتصاد الإيراني.

هجمات يونيو 2025: ضربات استراتيجية لم تكتمل

في يونيو 2025، نفذت الولايات المتحدة وإسرائيل هجمات مركزة على منشآت نووية إيران. وفقاً لتقارير متعددة، استهدفت الهجمات ثلاث منشآت رئيسية: فوردو ونطنز وأصفهان.

ذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي شن هجوماً على منشآت نطنز النووية، فيما أعلن الرئيس ترامب عن نجاح القوات الأمريكية في قصف منشآت فوردو ونطنز وأصفهان باستخدام قاذفات B-2 المتطورة، قائلاً: "منشأة فوردو انتهت".

لكن مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافايل غروسي، كشف في 26 يونيو 2025 أن الهجمات لم تدمر البرنامج النووي الإيراني بالكامل، لكنها ألحقت أضراراً جسيمة بالمنشآت المستهدفة. وأكد أن أجهزة الطرد المركزي في موقع فوردو "لم تعد صالحة للعمل". لكن ما لبثت الصور التجارية للأقمار الصناعية أن كشفت في 27 يونيو 2025 عن عودة نشاط البناء إلى فوردو، مع ظهور معدات ثقيلة وحفارات بالقرب من الأضرار التي خلفتها الغارات.

لماذا نجا "القلب" النووي الإيراني؟

تشير التحليلات إلى عدة أسباب لصمود الأساس التقني للبرنامج رغم الضربات:

أولاً: تشتيت المنشآت. لا يعتمد البرنامج الإيراني على منشأة واحدة، بل يوزع عبر مواقع متعددة بعضها تحت الأرض وبعيداً عن مراكز التجمع السكاني.

ثانياً: الاحتياطات والبدائل. بنت إيران على مدى سنوات نظاماً من المرافق الاحتياطية وورش التصنيع المتنقلة التي يصعب رصدها جميعاً.

ثالثاً: المعرفة التقنية المتقدمة. حتى لو دُمّرت المعدات، تبقى الخبرة البشرية والمعرفة العلمية التي راكمها المهندسون الإيرانيون على مدى عقود.

خيارات واشنطن المستقبلية: بين القوة والتفاوض

توصي "واشنطن بوست" باستراتيجية ثلاثية الأبعاد:

  1. الإبقاء على تهديد القوة: لإبقاء إيران تحت الضغط العسكري المستمر ومنعها من اتخاذ قرارات استراتيجية جريئة.

  2. الضغط الاقتصادي المتواصل: لتضييق الخناق على موارد طهران وقدرتها على تمويل البرنامج.

  3. إرسال إشارات التفاوض: لتوفير مخرج دبلوماسي يجنب المنطقة تصعيداً شامل لا يرغب فيه أحد.

هذه الاستراتيجية تعكس إدراكاً أمريكياً بأن الحل العسكري وحده غير كافٍ، وأن البرنامج النووي الإيراني يمتلك "مرونة استراتيجية" تتيح له النهوض من جديد.

السيناريوهات المحتملة: ما بعد الضربات

تجد إيران نفسها اليوم في مأزق معقد. فهي من جهة تطالب بمحاسبة أمريكا وإسرائيل على الهجمات أمام الأمم المتحدة، ومن جهة أخرى تواجه داخلياً ضغوطاً لإعادة بناء قدراتها النووية بسرية أكبر.

في المقابل، تسعى إسرائيل لكسر "شوكة إيران" قبل نهاية ولاية ترامب، مع دعوات مسؤولين إسرائيليين علنية للإطاحة بالنظام الإيراني. لكن إيران تؤكد أنها لن تصنع قنبلة نووية "أبداً" لأسباب استراتيجية ودينية، وفقاً لتصريحات المتحدثة باسم الحكومة فاطمة مهاجراني.

خاتمة: لعبة القط والفار النووية

يبدو أن البرنامج النووي الإيراني أصبح مثل "الهيدرا" الأسطورية: كلما قطعت رأساً، نما رأسان جديدان. الهجمات الأمريكية الإسرائيلية نجحت في تأخير الجدول الزمني الإيراني، لكنها فشلت في استئصال التهديد من جذوره.

المشكلة الأساسية ليست في المعدات أو المنشآت فقط، بل في الإرادة السياسية والمعرفة التقنية المتراكمة. ما لم يتم التوصل إلى تفاهم شامل يضمن مصالح جميع الأطراف، ستظل المنطقة مرهونة بدورة مفرغة من التوتر والضربات والإعمار السريع.

المصادر المباشرة:

  1. ويكيبيديا - برنامج إيران النووي
  2. صحيفة واشنطن بوست (النسخة العربية عبر ترجمات)
  3. القناة 12 الإسرائيلية - تقارير الهجوم على نطنز: 

ملاحظة: بعض الروابط تُوجه إلى الصفحات الرئيسية نظراً لطبيعة الأرشيف الإخباري المتغيرة

الوسوم

البرنامج النووي الإيراني | هجمات يونيو 2025 | منشآت فوردو النووية | ترامب والسياسة الخارجية | الاتفاق النووي 2015

النشرة البريدية

تعليقات

الموضوعات الأكثر قراءة في" علىّْ الدين الإخباري"

مقتل ياسر أبو شباب.. زعيم المليشيات المتعاونة مع إسرائيل في غزة

"ضربة العقرب" وتغيير المعادلة.. واشنطن تنشر أول سرب مسيرات "انتحارية" في الشرق الأوسط

الذهب يتألق مدعوماً بتراجع الدولار وترقب بيانات التضخم الأمريكية