السعودية حليف رئيسي خارج الناتو: نقلة نوعية في الشراكة الاستراتيجية مع واشنطن

--

السعودية حليف رئيسي خارج الناتو: نقلة نوعية في الشراكة الاستراتيجية مع واشنطن

في ختام زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة يومي 18 و19 نوفمبر 2025، أعلن الرئيس دونالد ترامب تصنيف المملكة العربية السعودية "حليفاً رئيسياً خارج حلف شمال الأطلسي" (Major Non-NATO Ally - MNNA)، مصحوباً بموافقة تاريخية على بيع مقاتلات F-35 المتطورة ونحو 300 دبابة أبرامز أمريكية، فضلاً عن اتفاقيات استراتيجية شاملة في مجالات الدفاع والطاقة النووية المدنية والذكاء الاصطناعي.

ما يعنيه تصنيف "حليف رئيسي خارج الناتو"

هذا التصنيف يمثل أعلى درجة من التعاون العسكري والأمني التي تمنحها واشنطن لدولة من خارج الحلف الأطلسي. وينضم المملكة إلى قائمة تضم 19 دولة أخرى من بينها إسرائيل والأردن والكويت وقطر، لكن دون الالتزامات الأمنية الإلزامية التي تربط أعضاء الناتو.

تمنح الصفة مزايا أساسية تشمل:

  • تسهيلات في التعاون العسكري والدفاعي: يتيح للسعودية شراء أسلحة أمريكية متقدمة بشروط ميسرة، وفق ما أوضحت وزارة الخارجية الأمريكية.
  • أولوية في الحصول على المعدات الدفاعية: تمنح المملكة وصولاً مباشراً إلى مخزون الجيش الأمريكي من الأسلحة والذخيرة، بما في ذلك ذخيرة اليورانيوم المنضب.
  • تعاون في البحث والتطوير: يسمح للرياض بالمشاركة في برامج البنتاغون للبحث العلمي ومشاريع تطوير التكنولوجيا العسكرية المشتركة.
  • إنتاج مشترك للأسلحة: يفتح الباب أمام تعاون صناعي عسكري بين شركات الدفاع في البلدين.
  • تدريبات ومناورات مشتركة: يسهل إجراء تدريبات عسكرية مشتركة وتبادل الخبرات التكتيكية.
  • دعم لوجستي وتمويل عسكري: يوفر آليات لتمويل المشتريات العسكرية على المدى الطويل.
  • تبادل استخباراتي: يتيح تنسيقاً أعمق في العمليات الاستخبارية والعسكرية المشتركة.

صفقة F-35 ومخاوف التوازن الإقليمي

تعتبر الموافقة على بيع F-35 استثناءً لم تحصل عليه أي دولة بالشرق الأوسط سوى إسرائيل التي تملك النسخة المتقدمة F-35I "أدير". وبحسب ما نشره موقع Breaking Defense، ستقتني السعودية عدداً غير محدد من المقاتلات الخفية، بجانب 300 دبابة أبرامز، في إطار "اتفاقية دفاع استراتيجي تاريخية".

لكن الصفقة أثارت مخاوف في تل أبيب بشأن "الحافة العسكرية النوعية" (Qualitative Military Edge) التي تضمنها القانون الأمريكي لإسرائيل منذ 2008. وقدمت القيادة العسكرية الإسرائيلية ورقة رسمية للقيادة السياسية تعترض فيها على البيع، حسبما أوردت The Hill، محذرة من أن المقاتلات قد تؤثر على التفوق الجوي الإسرائيلي.

السعودية حليف رئيسي خارج الناتو: نقلة نوعية في الشراكة الاستراتيجية مع واشنطن

بالمقابل، أبلغت وكالة رويترز أن النسخة المخصصة للسعودية ستكون أقل تطوراً من النسخة الإسرائيلية، مع احتمالية استبعاد بعض التقنيات المتقدمة. وقد حاول ترامب طمأنة الإسرائيليين بالقول إن "الطائرات ستكون متشابهة إلى حد كبير"، مؤكداً التزامه بالحفاظ على التفوق العسكري الإسرائيلي.

اتفاقيات شاملة تتجاوز العسكرة

شهدت زيارة الأمير محمد بن سلمان توقيع مجموعة من الاتفاقيات الاستراتيجية:

  • اتفاقية الدفاع الاستراتيجي: تنظم التعاون العسكري طويل الأمد وتضمن مشاركة السعودية في تكاليف الوجود الأمريكي بالمنطقة.
  • الذكاء الاصطناعي: شراكة لتبادل الخبرات في التقنيات الناشئة.
  • الطاقة النووية المدنية: إطار قانوني للتعاون النووي السلمي، مع تأكيد الرياض على التزامها بمعايير عدم الانتشار.
  • سلاسل الإمداد الحرجة: إطار لتأمين اليورانيوم والمعادن النادرة والمغناطيسيات الدائمة.
  • تسهيل الاستثمارات: زيادة الاستثمارات السعودية في أمريكا من 600 مليار دولار إلى تريليون دولار تقريباً.
  • التعاون المالي: ترتيبات للشراكة في الأسواق المالية والاعتراف المتبادل بالمواصفات الفيدرالية.

السياق الإقليمي وشروط التطبيع

ربط ولي العهد السعودي حصول المملكة على F-35 بالتقدم نحو حل الدولتين، قائلاً: "نريد أن نكون جزءاً من اتفاقات أبراهام، لكننا نريد أيضاً التأكد من تأمين مسار واضح لحل الدولتين". هذا الموقف يمنح الرياض ورقة ضغط في مفاوضات التطبيع مع إسرائيل، رغم ضغوط ترامب للانضمام السريع إلى الاتفاقيات.

وقد أشار مركز دراسات الدفاع عن الديمقراطيات إلى مخاوف من التقارب السعودي-الصيني، خاصة بعد التدريبات العسكرية البحرية المشتركة "السيف الأزرق" في أكتوبر 2025، محذراً من احتمال وصول تقنيات F-35 إلى بكين.

الرسوم التوضيحية

يمكن تلخيص المزايا الرئيسية للتصنيف في الجدول التالي:

الميزة التفاصيل
التعاون العسكري تبادل استخباراتي وتدريبات مشتركة وتنسيق عملياتي
المشتريات أولوية في شراء الأسلحة المتقدمة بشروط ميسرة
التطوير مشاركة في أبحاث البنتاغون وبرامج التكنولوجيا العسكرية
الصناعة إمكانية إنتاج مشترك للأسلحة والأنظمة الدفاعية
الخدمات تأهيل للمناقصات الأمريكية للصيانة والإصلاح العسكري

تعليقات الخبراء

قال آموس هوكشتين، المسؤول الأمريكي السابق، للعربية/الحدث إن "الولايات المتحدة بحاجة لشركاء أقوياء، والسعودية مهمة للغاية كأكبر دولة في الخليج وإحدى أهم دول العالم الإسلامي". أما النائب السابق لمساعد وزير الدفاع مايك ميلروي فأكد أن التصنيف يعزز "مكانة الرياض كشريك استراتيجي".

من جانبه، حذر جون هانا، المستشار السابق لنائب الرئيس ديك تشيني، من أن "امتلاك أسطولة من F-35s على بعد دقائق من إسرائيل قد يصبح مشكلة عميقة" في حال تغير نظام الحكم بالمملكة، لكنه اعتبر احتمالات ذلك "منخفضة".

خاتمة

التصنيف الجديد يمثل نقطة تحول في العلاقات السعودية الأمريكية التي تعرضت لتوترات خلال السنوات الماضية. فبدلاً من الاقتصار على شراء الأسلحة، يفتح التصنيف الباب أمام شراكة عسكرية وصناعية عميقة، مع الحفاظ على استقلالية القرار السعودي في القضايا الإقليمية كقضية فلسطين. لكن التحدي الأبرز يكمن في إدارة هذا التوازن الدقيق بين تعزيز قدرات الرياض وطمأنة إسرائيل ومنع تسرب التقنية للمنافسين الدوليين كالصين.

المصادر:

الوسوم

السعودية حليف رئيسي خارج الناتو | صفقة طائرات F-35 للسعودية | الاتفاقية الدفاعية السعودية الأمريكية | زيارة محمد بن سلمان لواشنطن 2025 | شروط التطبيع

النشرة البريدية

تعليقات

الموضوعات الأكثر قراءة في" علىّْ الدين الإخباري"

مقتل ياسر أبو شباب.. زعيم المليشيات المتعاونة مع إسرائيل في غزة

"ضربة العقرب" وتغيير المعادلة.. واشنطن تنشر أول سرب مسيرات "انتحارية" في الشرق الأوسط

الذهب يتألق مدعوماً بتراجع الدولار وترقب بيانات التضخم الأمريكية