مخاوف إسرائيلية من قرار أمريكي استثنائي محتمل لصالح سلاح الجو المصري
تسود حالة من القلق عميقة الأوساط الأمنية والسياسية في إسرائيل إزاء معلومات تتحدث عن توجه أمريكي نحو إبرام قرار غير مسبوق يتمثل في الموافقة على بيع مصر مقاتلات F-15EX "Eagle II" المتطورة، مصحوبة بصواريخ جو-جو بعيدة المدى. وتؤكد مصادر إسرائيلية أن هذا التطور إذا ما حدث فسيمثل تحولًا استراتيجيًا يهدد التفوق الجوي النوعي الذي تحتفظ به إسرائيل منذ عقود.
السياق الاستراتيجي: الصين عامل الضغط
تأتي هذه المفاوضات في ظل تحول كبير في المشهد الإقليمي، حيث نفذت مصر والصين تمريناً جوياً مشتركاً تحت مسمى "نسور الحضارة 2025" في شهر أبريل/نيسان 2025، شاركت فيه مقاتلات صينية من طراز J-10C المقلبة بـ"الأسد الصيني". وذكرت وسائل إعلام صينية أن هذه الطائرات "تجاوزت أنظمة المراقبة الأمريكية في البحر الأحمر" مما أثار قلقًا في واشنطن حول التمدد الصيني في المنطقة.
بحسب تحليل موقع NZIV.net العبري المتخصص في المعلومات الاستخبارية من المصادر المفتوحة، فإن هذا التمرين دفع الإدارة الأمريكية إلى إعادة حساباتها، حيث باتت ترى أن "تعزيز القدرات الجوية المصرية" قد يشكل حاجزاً ضد النفوذ الصيني، وهو ما دفعها إلى تخفيف مواقفها السابقة التي كانت ترفض دائمًا تزويد مصر بمقاتلات متطورة خشية المساس بالتفوق النوعي الإسرائيلي.
تفاصيل الصفقة المحتملة: الواقع مقابل التوقعات
تشير معلومات موقع Defense Arabia إلى أن المفاوضات المصرية الأمريكية دخلت مرحلة متقدمة في أوائل 2025، لكنها لم تصل إلى توقيع نهائي بعد. ففي مارس/آذار 2022، أعلن الجنرال فرانك ماكنزي، قائد القيادة المركزية الأمريكية آنذاك، أمام مجلس الشيوخ أن "الخبر السار هو أننا سنزود مصر بطائرات F-15". لكن حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2025، لم تقدم الحكومة الأمريكية إخطاراً رسمياً للكونغرس، وهو الخطوة الأساسية لإتمام أي صفقة أسلحة.
تطلب مصر دفعة أولية تتراوح بين 18 و25 طائرة، مع خيار التوسع لاحقًا حتى 34 أو حتى 46 طائرة، على أن تُموّل مباشرة من الخزينة المصرية دون الاعتماد على برنامج المساعدات العسكرية الأمريكية السنوية البالغة 1.3 مليار دولار.
القدرات الفنية: لماذا تثير F-15EX القلق؟
تتميز المقاتلة F-15EX بقدرات قتالية عالية:
- سرعة قصوى تصل إلى ماخ 2.5 (حوالي 3,000 كم/ساعة)
- رادار AESA متطور لكشف التهديدات الجوية
- منظومة حرب إلكترونية EPAWSS
- قدرة على حمل 13,400 كجم من الذخائر
- مدى قتالي يتجاوز 1,200 كم
- إمكانية تزويدها بصواريخ BVR (Beyond Visual Range) بعيدة المدى
هذه القدرات ستمنح سلاح الجو المصري لأول مرة قدرة جوية تتجاوز دفاعات الرصد التقليدية، مما يغير موازين القوى في الشرق الأوسط.
الموقف الإسرائيلي: بين الاعتراض والموافقة الضمنية
تؤكد مصادر Israel Defense أن إسرائيل تتخذ موقفًا حذرًا من الصفقة. فمن جهة، تخشى تل أبيب أن يؤدي تزويد مصر بهذه المقاتلات إلى "إضعاف الميزة النوعية الإسرائيلية" (Qualitative Military Edge) التي تضمنها القانون الأمريكي منذ اتفاقية السلام 1979.
لكن من جهة أخرى، تفضل إسرائيل أن تحصل مصر على مقاتلات أمريكية خاضعة لضوابط التصدير بدلاً من المقاتلات الصينية J-10C أو الروسية Su-35 التي تسعى إليها القاهرة كبديل. وبحسب Aero News Journal، فإن المسؤولين الإسرائيليين يضغطون في واشنطن لضمان "ضمانات التشغيل المشترك" وفرض قيود على التكنولوجيا المتقدمة.
صفقة إسرائيل المضادة: F-15IA
في موازاة هذه المفاوضات، وقعت إسرائيل في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 صفقة ضخمة مع بوينغ بقيمة 5.2 مليار دولار لشراء 25 مقاتلة F-15IA (مع خيار 25 إضافية) وفق ما نشرته صحيفة Globes. تبدأ التسليمات في 2031.
تتميز النسخة الإسرائيلية بـ:
- رادار AESA متقدم
- أنظمة إنذار صاروخي واقية
- خوذة طيار ذكية
- قدرة على حمل 13,381 كجم من الذخائر و24 صاروخ جو-جو
- مدى طيران يبلغ 2,222 كم
- انخفاض تكاليف التشغيل بنسبة 25%
التكتيك المصري: المناورة بين واشنطن وبكين
يرى محللون في Middle East Monitor أن مصر تنفذ "مناورة سياسية ذكية"، حيث تطلق إشارات عن "انفتاح على الصين" لدفع واشنطن نحو تسريع الصفقة. وقد وصل الأمر بموقع Natsiv.net إلى اتهام مصر بأنها "تختبر قدرات الأنظمة الإسرائيلية" من خلال الطائرات الصينية في التمرينات المشتركة.
لكن التساؤل يبقى: هل تستطيع الخزينة المصرية المتعثرة تحمل تكاليف صفقة بمليارات الدولارات؟ يشير موقع Natsiv.net إلى أن الاقتصاد المصري يعاني في توفير السلع الأساسية، مما يجعل تمويل صفقة بهذا الحجم محل شك.
معضلة واشنطن: المصالح الاستراتيجية مقابل القانون
تواجه الإدارة الأمريكية معضلة حقيقية. فمن جهة، تريد واشنطن إبعاد مصر عن المحور الصيني وضمان استمرار التعاون الأمني في قناة السويس والحدود مع غزة. ومن جهة أخرى، يفرض القانون الأمريكي على الإدارة الحفاظ على "الميزة النوعية الإسرائيلية" في المنطقة.
بحسب Tactical Report، فإن المفاوضات ما زالت مستمرة دون إشعار رسمي للكونغرس، ما يعني أن القرار النهائي لم يتخذ بعد. وتشير مصادر إسرائيلية إلى أن أي اتفاق نهائي سيتضمن ضمانات صارمة بعدم تزويد مصر بصواريخ AIM-120D المتطورة أو أنظمة حرب إلكترونية متقدمة.
التداعيات الإقليمية: سباق تسلح جديد؟
إذا تمت الصفقة، فقد تفتح الباب لتحولات كبرى:
- تركيا: تسعى للحصول على مقاتلات F-16 Block 70 متطورة
- السعودية: تناقش ترقية أسطولها من F-15SA
- قطر: تملك بالفعل F-15QA
وهو ما قد يشعل سباق تسلح إقليمي جديد حول إسرائيل، بحسب التحليلات الأمنية الإسرائيلية.
خاتمة: اختبار للعلاقات الثلاثية
لم يعد الأمر يتعلق فقط بصفقة أسلحة، بل بإعادة رسم التحالفات الاستراتيجية في الشرق الأوسط. تبدو مصر مصممة على تحديث قدراتها الجوية بأي ثمن، وتدرك أن فتح الباب الصيني يمثل ورقة ضغط قوية. أما إسرائيل، فتجد نفسها أمام تحدي غير مسبوق: كيف تحافظ على تفوقها الجوي من دون أن تبدو تعرقل حليفاً عربياً استراتيجياً.
يبقى السؤال الأكبر: هل تنجح واشنطن في رسم خطوط حمراء توازن بين مصالحها الجيوسياسية والتزامها تجاه إسرائيل؟ الإجابة ستحدد ملامح المنطقة للعقود القادمة.
مصادر:
- التقرير الكامل على موقع Defense Arabia:
- صفقة إسرائيل على F-15IA في Globes:
- تقرير Tactical Report عن مفاوضات F-15:
الوسوم
F-15EX | التفوق الجوي الإسرائيلي | مقاتلات متطورة | النفوذ الصيني | الجيش المصري

تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار