ترامب يتحدى العدالة الدولية بعقوبات على المحكمة الجنائية لحماية نتنياهو: ماذا وراء القرار؟
مدة القراءة:
نتنياهو يشكر ترامب على عقوبات أمريكية ضد المحكمة الجنائية الدولية: تفاصيل الأزمة وتداعياتها
في خطوة وصفت بـ"الجريئة"، وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الخميس 6 فبراير 2025 مرسوماً تنفيذياً بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية (ICC)، وذلك رداً على إصدار الأخيرة مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة. جاءت هذه الخطوة خلال زيارة نتنياهو لواشنطن، حيث أشاد الأخير بقرار ترامب واصفاً إياه بأنه "يدافع عن الولايات المتحدة وإسرائيل ضد محكمة فاسدة ومعادية للسامية" .
خلفية الأزمة: مذكرات الاعتقال والرد الأمريكي
في نوفمبر 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال ضد نتنياهو وجالانت وقائد الجناح العسكري لحماس محمد الضيف، متهمة إياهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال الحرب الإسرائيلية على غزة بعد هجوم حماس في أكتوبر 2023. وشملت الاتهامات "استخدام التجويع كسلاح حرب"، و"القتل المنظم"، و"الاضطهاد" ضد المدنيين الفلسطينيين .
رفضت إسرائيل والولايات المتحدة هذه الاتهامات، مؤكدتين أن المحكمة "تفتقر إلى السلطة القضائية" لأن كلا البلدين ليسا أعضاء في نظام روما الأساسي الذي أنشأ المحكمة . ووصف ترامب تحقيقات المحكمة بأنها "غير شرعية" و"تخلق تكافؤاً أخلاقياً مخجلاً بين إسرائيل وحماس" .
تفاصيل العقوبات الأمريكية
تشمل العقوبات الأمريكية الجديدة:
- تجميد الأصول المالية لمسؤولي المحكمة وعائلاتهم في الولايات المتحدة.
- حظر دخول هؤلاء المسؤولين وأقاربهم إلى الأراضي الأمريكية، بحجة أن وجودهم "يضر بمصالح الولايات المتحدة" .
- إنشاء فرقة عمل في وزارة العدل لمتابعة التحقيقات ضد المحكمة .
وأكد ترامب في بيانه أن هذه الإجراءات تهدف إلى "حماية الجنود الأمريكيين والإسرائيليين من ملاحقات غير عادلة"، معتبراً أن المحكمة "تهدد سيادة الولايات المتحدة" .
الردود الدولية والانتقادات
أثارت العقوبات الأمريكية انتقادات واسعة من منظمات حقوقية ودول أوروبية. فقد وصفها اتحاد الحريات المدنية الأمريكي (ACLU) بأنها "هجوم على العدالة وحرية التعبير"، مشيراً إلى أنها تعيق جهود محاسبة مرتكبي الجرائم العالمية . من جهتها، أدانت هولندا (مقر المحكمة) القرار، مؤكدة أن عمل المحكمة "ضروري لمكافحة الإفلات من العقاب" .
في المقابل، دعمت إسرائيل الخطوة الأمريكية بشكل كامل، حيث قال نتنياهو: "المحكمة تحاول تقييد حقنا في الدفاع عن أنفسنا، بينما تتجاهل جرائم إيران والجماعات المعادية لنا" . كما أشاد السناتور الجمهوري ليندسي غراهام بالقرار، واصفاً المحكمة بـ"المحكمة الهمجية" .
تداعيات محتملة على المحكمة والدول الموقعة
قد تواجه المحكمة الجنائية الدولية تحديات لوجستية وقانونية كبيرة بسبب العقوبات، مثل:
- صعوبة الوصول إلى الأدلة بسبب تقييد حركة محققيها.
- تأثيرات مالية جراء تجميد الأصول .
- تآكل الثقة الدولية في آلية المحاسبة العالمية، خاصة بعد أن أصدرت المحكمة مذكرات اعتقال ضد قادة مثل بوتين وقادة ميانمار .
من ناحية أخرى، يرى محللون أن العقوبات تعكس استمرار السياسة الأمريكية الرافضة للهيئات الدولية التي لا تتماشى مع مصالحها، وهو نهج بدأه ترامب في 2020 بعقوبات مماثلة خلال تحقيقات أفغانستان، ثم ألغاها بايدن لاحقاً .
السياق الإقليمي: غزة ومخططات ترامب
تزامنت العقوبات مع إعلان ترامب عن خطة مثيرة للجدل "للسيطرة على غزة" وتحويلها إلى "ريفيرا الشرق الأوسط"، وهو اقتراح واجه إدانة عربية ودولية. وأكد نتنياهو أن إسرائيل "ستسلم القطاع للولايات المتحدة بعد الحرب"، بينما رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت الفكرة، قائلاً: "غزة فلسطينية وليست ملكاً لنا" .
الخلاصة: صراع السيادة والعدالة الدولية
تجسد هذه الأزمة التناقض بين مبدأي السيادة الوطنية والعدالة العالمية. فبينما ترى الولايات المتحدة وإسرائيل أن العقوبات ضرورية لحماية مصالحهما، يعتبرها آخرون ضربةً لمحاولات إنهاء الإفلات من العقاب في النزاعات. مع استمرار الحرب في غزة وتصاعد التوترات، يبقى السؤال: هل ستنجح العقوبات في إسكات المحكمة، أم أنها ستعزز الدعوات لإصلاح النظام الدولي؟
للاستماع للبودكاست اضغط هــنــا

نتنياهو | المحكمة الجنائية الدولية | عقوبات أمريكية | جرائم حرب غزة | ترامب
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار