الدين العالمي يحطم رقماً قياسياً جديداً.. هل يقترب الاقتصاد من حافة الخطر؟
مدة القراءة:
تقرير: معهد التمويل الدولي يحذر من مخاطر تراكم الديون وسط تباطؤ النمو العالمي
مقدمة: الدين العالمي يتجاوز 318 تريليون دولار
كشف تقرير صادر عن معهد التمويل الدولي (IIF) يوم الثلاثاء عن ارتفاع الدين العالمي إلى مستوى غير مسبوق، حيث بلغ 318 تريليون دولار بنهاية عام 2023، مسجلاً زيادة قدرها 7 تريليونات دولار مقارنة بالعام السابق. وتأتي هذه الزيادة في وقت يعاني فيه الاقتصاد العالمي من تباطؤ النمو وارتفاع تكاليف الاقتراض، مما يثير تساؤلات حول قدرة الحكومات والقطاعات على إدارة هذه الأعباء المتفاقمة.
نسبة الدين إلى الناتج المحلي: مؤشر مقلق لقدرة السداد
ارتفعت نسبة الدين العالمي إلى الناتج المحلي الإجمالي (GDP) إلى 328%، بزيادة 1.5 نقطة مئوية، وهو أعلى مستوى منذ عام 2020. تعكس هذه النسبة، التي تقيس إجمالي الديون مقارنة بحجم الاقتصاد، تحديات متزايدة في قدرة الحكومات والشركات على الوفاء بالتزاماتها، خاصة مع ارتفاع الدين الحكومي إلى 95 تريليون دولار.
- نسبة الدين العالمي إلى الناتج المحلي (2015–2023): يُظهر الرسم ارتفاعاً مطرداً من 280% في 2015 إلى 328% في 2023.
العوامل الدافعة: تباطؤ النمو وتكاليف الاقتراض
على الرغم من أن الزيادة في الدين خلال 2023 كانت أقل من نصف زيادات العام السابق (التي بلغت 15 تريليون دولار)، إلا أن التقرير يشير إلى أن توقعات خفض أسعار الفائدة من الفيدرالي الأمريكي شجعت الحكومات والشرعات على الاقتراض بكثافة. لكن مع استمرار تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع التضخم، أصبحت إدارة الديون أكثر تعقيداً.
- مقارنة بين نمو الدين العالمي (2022 vs. 2023): 15 تريليون دولار في 2022 مقابل 7 تريليونات في 2023.
الرسم التوضيحي 2: نمو الدين العالمي
تحذيرات المعهد: ضغوط مالية وسياسية
حذر المعهد من أن "التدقيق المتزايد في الأرصدة المالية" قد يؤدي إلى موجة ضغوط على الحكومات، خاصة في البلدان ذات الأنظمة السياسية المستقطبة. وأشار التقرير إلى أمثلة مثل استقالة رئيسة الوزراء البريطانية ليز تروس في 2022 بسبب ردود الفعل السلبية على سياساتها المالية، وكذلك الضغوط التي أدت إلى إطاحة رئيس الوزراء الفرنسي ميشيل بارنييه العام الماضي.
تحديات الأسواق الناشئة: إعادة التمويل ومخاطر العملة
كانت الأسواق الناشئة مسؤولة عن 65% من نمو الدين العالمي في 2023، لكنها تواجه الآن تحديات خطيرة مع اقتراب موعد إعادة تمويل ديون قياسية تبلغ 8.2 تريليون دولار هذا العام. ومن المخاطر الرئيسية أن 10% من هذه الديون مقومة بالعملات الأجنبية، مما يعرضها لتقلبات أسعار الصرف وصعوبات السيولة، خاصة في ظل تصاعد التوترات التجارية العالمية.
سيناريوهات مستقبلية: بين الإنفاق العسكري والتحفيز المالي
يتوقع المعهد تباطؤ نمو الدين في 2024 بسبب ارتفاع تكاليف الاقتراض، لكنه يحذر من احتمال ارتفاع الدين الحكومي بمقدار 5 تريليونات دولار بحلول 2025، مدفوعاً بزيادة الإنفاق العسكري في أوروبا وبرامج التحفيز المالي. كما أشار إلى أن قرار إدارة ترامب بتجميد المساعدات الخارجية قد يفاقم أزمات الدول النامية.
الحلول المقترحة: تعبئة الإيرادات المحلية
في خضم هذه التحديات، شدد التقرير على ضرورة أن تعتمد الدول النامية على تعبئة الإيرادات المحلية لتعزيز مرونتها المالية، مثل تحسين جباية الضرائب ومكافحة التهرب الضريبي. وهذا من شأنه تخفيف الاعتماد على التمويل الخارجي وتقليل التعرض للصدمات العالمية.
الخاتمة: عالم مثقل بالديون... هل من مخرج؟
يواجه الاقتصاد العالمي مفترق طرق: فمن ناحية، تحتاج الحكومات إلى تحفيز النمو عبر الإنفاق، ومن ناحية أخرى، يجب عليها تجنب تفاقم الديون إلى مستويات لا تُدار. وفي ظل بيئة اقتصادية غير مسبوقة من عدم اليقين، تصبح الإصلاحات الهيكلية وتعزيز الشفافية المالية عوامل حاسمة لتجنب أزمات مستقبلية.
المصدر: معهد التمويل الدولي (IIF) – تقرير الربع الأول 2024.
للاستماع للبودكاست اضغط هــنــا

الدين العالمي | نسبة الدين إلى الناتج المحلي | الاقتصاد العالمي | تكاليف الاقتراض | الأسواق الناشئة
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار