البحر الأحمر يشتعل: تكاليف الشحن ترتفع 141% وخسائر قناة السويس بالمليارات
مدة القراءة:
تقرير: البنك الدولي يحذر من ارتفاع تكاليف الشحن 141% وخسائر قناة السويس تصل إلى 7 مليارات دولار
مقدمة: نقطة الاشتعال التي هزت العالم
أصبحت أزمة البحر الأحمر، الناجمة عن الهجمات الحوثية على السفن التجارية، واحدة من أبرز التحديات التي تواجه التجارة العالمية منذ نهاية 2023. وفقاً لتقرير البنك الدولي الصادر في فبراير 2025، أدت هذه الأزمة إلى اضطرابات غير مسبوقة في سلاسل التوريد، وارتفاع تكاليف الشحن بنسبة 141%، وتحويل مسارات السفن بعيداً عن الممرات الاستراتيجية مثل قناة السويس ومضيق باب المندب.
التأثير المباشر: تكاليف شحن قياسية وتغيير المسارات
-
ارتفاع التكاليف:
سجلت أسعار الشحن على الطريق بين شنغهاي وروتردام زيادة بنحو 230% بحلول نوفمبر 2024، نتيجة تحويل السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح، الذي يضيف 10-14 يومًا إلى الرحلة. -
تراجع حركة السفن في الممرات الاستراتيجية:
- قناة السويس: انخفاض بنسبة 75% في حركة السفن بحلول ديسمبر 2024، مما تسبب في خسائر مصرية تقدر بـ7 مليارات دولار.
- مضيق هرمز: تراجع الحركة بنسبة 15% بسبب القرب من بؤرة الصراع.
-
النشاط المتصاعد عند رأس الرجاء الصالح:
ارتفع عدد السفن التي تدور حول أفريقيا بنسبة 50%، لكن مع تقلبات حادة تعكس عدم استقرار الأوضاع.
سلاسل التوريد تحت الضغط: تأخيرات ومخزونات
-
مؤشر إجهاد سلسلة التوريد:
قفز المؤشر إلى 2.3 مليون وحدة مكافئة للحاويات في ديسمبر 2024، وهو ضعف الرقم المسجل قبل عام.- أوروبا الأكثر تأثراً: ارتفعت أوقات تسليم البضائع في 25 دولة، مع تركيز التأخيرات على الموانئ الأوروبية والآسيوية.
-
توزيع جديد للشحنات المتأخرة:
- موانئ شرق المتوسط والخليج: 26% من التأخيرات.
- الصين: انخفضت حصتها من 38% إلى 9%، مما يشير إلى تحول التجارة نحو مسارات بديلة.
التحول الجيوسياسي: خسائر موانئ وفرص جديدة
-
الخاسرون:
- موانئ شرق المتوسط (مثل الإسكندرية): تراجع النشاط.
- الأردن وعمان: خسائر في الصادرات بلغت 38% و28% على التوالي.
-
المستفيدون:
- موانئ غرب المتوسط (مثل برشلونة): ازدهار بسبب تحويل المسارات.
- كولومبو في سريلانكا: زيادة في حصة الشحنات الإقليمية.
- موانئ الإمارات والسعودية: صمود نسبي بفضل الاستثمارات اللوجستية.
تأثير محدود على التضخم: لماذا؟
رغم ارتفاع تكاليف النقل، بقيت الضغوط التضخمية تحت السيطرة بسبب:
- ضعف الطلب العالمي: تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين والاتحاد الأوروبي.
- انخفاض أسعار السلع الأساسية: خاصة النفط، الذي تراجع بنسبة 20% منذ 2023.
- المخزونات الكافية: ساعدت الشركات في امتصاص الصدمات قصيرة المدى.
سيناريوهات المستقبل: بين التفاؤل والحذر
مع دخول "وقف إطلاق النار" بين إسرائيل وحماس حيز التنفيذ في يناير 2025، يطرح البنك الدولي ثلاث احتمالات:
-
السيناريو الأساسي (استمرار الأزمة حتى أكتوبر 2025):
- نمو محدود في تجارة الشحن بنسبة 1-2%.
-
التعافي التدريجي (نهاية الأزمة في مايو 2025):
- نمو واردات الاتحاد الأوروبي 4.9%، وصادرات الشرق الأوسط 10.3%.
-
التعافي السريع (انتهاء الأزمة في فبراير 2025):
- قفزة في صادرات الشرق الأوسط بنسبة 17.4%، وواردات أوروبا 8.2%.
الخاتمة: أزمة تعيد تشكيل خريطة التجارة العالمية
أثبتت أزمة البحر الأحمر أن الممرات المائية الضيقة تُعد نقاط ضعف في النظام الاقتصادي العالمي. ورغم أن التأثير على التضخم كان محدوداً هذه المرة، فإن استمرار الاضطرابات قد يدفع الدول إلى اعتماد استراتيجيات طويلة المدى، مثل:
- تعزيز التعاون الأمني في الممرات البحرية.
- الاستثمار في البنى التحتية البديلة (مثل الخطوط البرية بين آسيا وأوروبا).
- تبني تقنيات ذكية لمراقبة سلاسل التوريد.
في النهاية، يبقى حل الأزمة مرتبطاً بتهدئة التوترات في اليمن والمنطقة، وهو ما قد يعيد للسفن طريقها الأقصر، وللقناة عائداتها الضائعة.
للاستماع للبودكاست اضغط هــنــا

البحر الأحمر | قناة السويس | تكاليف الشحن | التجارة العالمية | رأس الرجاء الصالح
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار