الصين تواجه تصعيداً أمريكياً ورسوماً جديدة.. وشي جينبينح يحذر من تحديات داخلية
مدة القراءة:
في تصعيد جديد للتوترات التجارية بين القوتين العظميين، هددت الصين الجمعة باتخاذ إجراءات مضادة "قوية وحازمة" رداً على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 10% على الواردات الصينية، متهمة واشنطن بـ"الابتزاز" السياسي. جاء ذلك بالتزامن مع اعتراف الرئيس الصيني شي جينبينغ بأن اقتصاد بلاده "يواجه صعوبات عدة"، في إشارة إلى التحديات الداخلية والخارجية التي تعيق نموه.
الرسوم الأمريكية: حرب تجارية جديدة؟
أعلن ترامب الخميس نية إدارته تطبيق رسوم إضافية على السلع الصينية بدءاً من الثلاثاء المقبل، بحجة "تقاعس بكين" عن مكافحة تهريب مادة الفنتانيل المخدرة إلى الولايات المتحدة، والتي تتسبب بآلاف الوفيات سنوياً. وتأتي هذه الخطوة بعد أيام من فرض رسوم مماثلة في فبراير/شباط الماضي، ما يرفع إجمالي الرسوم على بعض الواردات إلى 20%.
وردّت الصين عبر بيان لوزارة التجارة وصف القرار الأمريكي بأنه "غير عقلاني" و"سيضر بالاقتصادين العالمي والأمريكي"، مشيرة إلى أن الإجراء "يزيد عبء الشركات والمستهلكين الأمريكيين ويعرض سلاسل التوريد العالمية للخطر". كما اتهم الناطق باسم الخارجية الصينية، لين جيان، واشنطن بـ"الضغط والابتزاز"، مؤكدًا أن "الاحترام المتبادل هو الأساس الوحيد للحوار".
الصين تلوح بالرد.. ماذا بعد؟
لم تفصح بكين عن طبيعة الإجراءات المضادة المتوقعة، لكن خبراء اقتصاديين يتوقعون فرض رسوم مماثلة على سلع أمريكية، أو تقييد الواردات في قطاعات حيوية مثل الزراعة أو أشباه الموصلات. وتاريخياً، اتبعت الصين سياسة الرد المتناسب في الحروب التجارية السابقة، مثل تلك التي اندلعت بين 2018 و2020، والتي شهدت فرض رسوم متبادلة على سلع بقيمة 360 مليار دولار.
وتعكس التصريحات الصينية مخاوفاً من تفاقم التوترات في وقت تسعى فيه بكين لتعافي اقتصادي بعد جائحة كورونا، حيث حذر شي جينبينح في مقال نشرته صحيفة الحزب الحاكم "تشيوشي" من "تفاقم التحديات الخارجية"، داعياً إلى "تعزيز الاستقرار الداخلي". كما ناقش المكتب السياسي للحزب الشيوعي سياسات لـ"تحفيز الطلب المحلي" و"امتصاص الصدمات الخارجية"، وفقًا لوسائل إعلام رسمية.
اقتصاد صيني تحت الضغط
أقرّ شي جينبينح بأن الاقتصاد الصيني، ثاني أكبر اقتصاد عالمي، لا يزال يعاني من تباطؤ في النمو وارتفاع في معدلات البطالة بين الشباب، بالإضافة إلى أزمة في قطاع العقارات أضرت بثقة المستثمرين. وتشير بيانات رسمية إلى أن النمو بلغ 5.2% في 2023، وهو من أدنى المستويات منذ عقود، بينما تواجه الشركات تحديات متزايدة بسبب العقوبات الغربية في قطاعات التكنولوجيا.
لكن بكين تحاول موازنة هذه التحديات بخطط تحفيزية، مثل خفض الفوائد ودعم الصناعات عالية التقنية. ومن المقرر أن يعلن رئيس الوزراء لي تشيانغ عن إجراءات جديدة خلال الاجتماع السنوي للبرلمان الصيني (المؤتمر الوطني لنواب الشعب) في مارس/آذار المقبل.
الفنتانيل: ذريعة أم سبب حقيقي؟
رفضت الصين اتهامات ترامب بشأن تقصيرها في مكافحة الفنتانيل، مؤكدة أنها "تتعاون بشكل فعال مع المجتمع الدولي"، ووصفت المزاعم الأمريكية بأنها "ذريعة لفرض عقوبات". وتشير بيانات صينية إلى مصادرة 12.1 طن من المواد المخدرة في 2023، بينما تفرض عقوبة الإعدام على تهريبها.
من جهتها، تدفع واشنطن بأن الصين لم تفى باتفاقية 2018 التي تعهدت فيها بوقف تصدير المواد الأولية للفنتانيل. لكن محللين سياسيين يرون أن الرسوم الأخيرة جزء من استراتيجية ترامب الانتخابية لاستمالة الناخبين بموقف "قاسٍ" تجاه الصين، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني.
تداعيات عالمية محتملة
يخشى مراقبون من أن تؤدي هذه الموجة الجديدة من الرسوم إلى اضطرابات في الأسواق العالمية، خاصة في قطاعات الإلكترونيات والسلع الاستهلاكية، التي تعتمد على سلاسل إمداد صينية-أمريكية. كما قد تدفع الشركات متعددة الجنسيات إلى إعادة توجيه استثماراتها لتجنب الرسوم، ما يعمق اتجاه "انفصال الاقتصادين" (Decoupling) الذي بدأ خلال إدارة ترامب السابقة.
خلاصة
في الوقت الذي تحاول فيه الصين تجاوز تحدياتها الاقتصادية عبر تحفيز النمو الداخلي، تضعها المواجهة مع واشنطن أمام اختبار صعب لموازنة الرد القوي دون تأجيج حرب تجارية شاملة. بينما يبدو المشهد السياسي الأمريكي مهيئاً لمزيد من التصعيد في السنة الانتخابية، مما يهدد بتبعات طويلة الأمد على النظام التجاري الدولي.
للاستماع للبودكاست اضغط هــنــا

الصين | الرسوم الأمريكية | الحرب التجارية | شي جينبينغ | الاقتصاد العالمي
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار