غزة بين تهجير قسري وحل الدولتين.. رد حاسم من روسيا والصين على تصريحات ترامب
مدة القراءة:
في ظل تصريحات مثيرة للجدل أدلى بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بخصوص السيطرة الأمريكية على قطاع غزة وإعادة إعماره، تصدرت ردود فعل روسيا والصين المشهد الدولي، مؤكدة التزامهما بحل الدولتين وحذرتا من خطورة أي محاولات لتهجير الفلسطينيين أو تجاهل الشرعية الدولية.
الكرملين: "حل الدولتين هو السبيل الوحيد للسلام"
جاء رد الكرملين الروسي حاسماً، حيث أشار إلى أن التصريحات التي تحدثت عن "إدارة الولايات المتحدة لغزة" أو تهجير سكانها تعد انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، ووصفها بأنها "تعبير عن ثقافة إلغاء الشرعية الدولية". وأكد المتحدث باسم الكرملين أن موسكو تصر على أن الحل الوحيد الدائم والقابل للتطبيق للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي هو إقامة دولتين متجاورتين تعيشان بسلام، معتبراً أن أي مخططات لتهجير الفلسطينيين من غزة ستؤجج التوتر وتعقد الآفاق السياسية.
ولم يقتصر رد الكرملين على قضية غزة، بل امتد ليشدد على عزم روسيا تعزيز علاقاتها مع إيران، رغم الضغوط الغربية، مع إبداء الانفتاح على محادثات متعلقة بأوكرانيا، في إشارة إلى رغبة موسكو في الحفاظ على توازن دبلوماسي بين الملفات الساخنة.
الصين: "الضغوط الأمريكية لن تنجح.. ونرفض التهجير"
من جانبها، عبرت الخارجية الصينية عن قلقها إزاء تصريحات ترامب، داعية جميع الأطراف إلى استخدام فرصة وقف إطلاق النار الأخير في غزة لإعادة القضية الفلسطينية إلى "المسار الصحيح" عبر مفاوضات سياسية. وأكدت بكين رفضها القاطع لأي شكل من أشكال التهجير القسري للسكان، معتبرة أن ذلك يُنتهك مبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان.
كما انتقدت الصين بشدة الإجراءات الأمريكية الأخيرة، مثل فرض رسوم جمركية جديدة، ووصفتها بأنها "تهديد للاستقرار الاقتصادي العالمي"، مؤكدة أن سياسة الضغوط لن تجدي نفعاً في تحقيق مصالح واشنطن. وأوضحت أن الحل المستدام للصراع يكمن في تبني خطة دولية تقوم على أساس حل الدولتين، مع ضمان حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
خلفية التصريحات الأمريكية المثيرة
أثارت تصريحات ترامب، التي أعلن خلالها أن الولايات المتحدة ستتولى "السيطرة على غزة" وتعمل على تحويلها إلى منطقة "صالحة للعيش"، موجة استنكار واسعة، لا سيما أنها جاءت خلال زيارة نتنياهو إلى واشنطن، ما فسر كدعم أمريكي للسياسات الإسرائيلية المتشددة. ووصف ترامب الوضع في غزة بأنه "جحيم"، معتبراً أن خطته ستمنح سكانها "فرصة للعيش بسلام".
لكن مراقبين سياسيين رأوا في هذه التصريحات محاولة لاستقطاب الرأي العام الأمريكي، مع تحذيرات من أن الحديث عن "إدارة غزة" قد يعيد إنتاج سيناريوهات الاستعمار القديمة، ويعطّل أي جهود جادة لإحياء عملية السلام.
تحليل: لماذا يتصاعد الدعم الروسي-الصيني للقضية الفلسطينية؟
يرى خبراء في الشؤون الدولية أن الموقفين الروسي والصيني يعكسان استراتيجية أوسع لمواجهة النفوذ الغربي، خاصة الأمريكي، في المنطقة. فالدعم العلني لحل الدولتين ليس فقط التزاماً بالمبادئ القانونية، بل أيضاً محاولة لتعزيز مكانة البلدين كفاعلين رئيسيين في صنع السلام العالمي، في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة انقسامات داخلية وتقلصاً لدورها كوسيط محايد.
كما أن انتقاد بكين وموسكو للتهجير القسري يلامس نقطة حساسة في الخطاب الدولي، حيث تستخدم قضية اللاجئين الفلسطينيين كأداة ضغط سياسي وأخلاقي ضد إسرائيل وحلفائها. من ناحية أخرى، يعتبر تمسك الصين وروسيا بالشرعية الدولية رسالة إلى دول الجنوب بأنهما تمثلان بديلاً عن السياسات الغربية الأحادية.
خلاصة: استحقاقات السلام تنتظر خطوات عملية
رغم الوضوح النظري في المواقف الروسية والصينية، يبقى السؤال الأكبر حول مدى قدرة هذين البلدين على تحويل تصريحاتهما إلى مبادرات ملموسة، خاصة في ظل تعثر مجلس الأمن وتصاعد النزاعات الإقليمية. فالدعوة إلى حل الدولتين تحتاج إلى أكثر من بيانات دبلوماسية، بل إلى ضغط دولي منسق، ودعم مالي وسياسي للسلطة الفلسطينية، وإرادة لإجبار إسرائيل على وقف الاستيطان.
في الوقت نفسه، تظهر ردود الفعل هذه أن القضية الفلسطينية ما زالت تحتل موقعاً مركزياً في السياسة العالمية، وأن أي محاولات لفرض حلول فوقية دون اتفاقيات دولية ستواجه رفضاً قوياً، ليس فقط من الفلسطينيين، بل أيضاً من قوى كبرى تسعى لإعادة تعريف موازين القوى في الشرق الأوسط والعالم.
المصدر: وسائل الإعلام
للاستماع للبودكاست اضغط هــنــا
غزة | تهجير الفلسطينيين | حل الدولتين | الشرعية الدولية | الموقف الروسي الصيني
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار