ترامب يعلق الرسوم على المكسيك وكندا ويتهم أوروبا باستغلال أميركا: تفاصيل الأزمة التجارية وردود الفعل الدولية

في تطور جديد ضمن الحرب التجارية المتفاقمة بين الولايات المتحدة وحلفائها، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعليق الرسوم الجمركية المزمعة على المكسيك وكندا لمدة شهر، بعد مفاوضات مكثفة مع قادة البلدين. غير أنه وجه اتهامات قوية للاتحاد الأوروبي بـ"الاستغلال التجاري" لسنوات، مهدداً بفرض رسوم على منتجاته قريباً. جاء ذلك وسط انقسام أوروبي حول كيفية التعامل مع التهديدات الأمريكية، بين دبلوماسية وحزم.

اتفاقية حدودية مع المكسيك وكندا: أمن مقابل تجارة

أوضح ترامب أن التعليق المؤقت للرسوم على المكسيك جاء بعد تعهدات من الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم بإرسال 10 آلاف جندي إضافي إلى الحدود الأمريكية لوقف تدفق المهاجرين غير النظاميين ومكافحة تهريب المخدرات. كما أشار إلى أن المكسيك ستتعاون مع واشنطن في مواجهة كارتيلات المخدرات، خاصة تلك المتورطة في تهريب مخدر "الفنتانيل" القاتل.

من جهته، أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو عن نية بلده نشر 10 آلاف عسكري لتأمين الحدود البرية المشتركة، وتعيين مفوض خاص لمكافحة الفنتانيل، إلى جانب تصنيف الكارتيلات المكسيكية كمنظمات إرهابية. ووصف ترودو الخطوة بأنها "تعزيز للأمن المشترك دون المساس بالعلاقات التجارية التاريخية".

لكن ترامب حذر من أن الاتفاق مع المكسيك "غير مكتمل"، مؤكداً أن واشنطن ستفرض الرسوم إذا لم تلتزم الأخيرة بوقف تدفق المخدرات والمهاجرين. وقال: "المكسيك تعرف ما يتعين عليها فعله.. سنراقب التنفيذ عن كثب".

أوروبا تحت الضغط: تهديدات وردود متباينة

تحولت الأنظار نحو الجانب الأوروبي بعد اتهامات ترامب للاتحاد بـ"الاستغلال غير العادل" للولايات المتحدة عبر فرض ضرائب مرتفعة على المنتجات الأمريكية. وأكد ترامب عزمه فرض رسوم جمركية على الواردات الأوروبية "قريباً جداً"، ما أثار مخاوف من موجة جديدة من التوترات التجارية.

ورداً على ذلك، أظهرت الدول الأوروبية انقساماً واضحاً:

فرنسا دعت إلى "وحدة أوروبية" ورد حازم. وقال الرئيس إيمانويل ماكرون: "إذا هوجمنا تجارياً، فسنرد بقوة.. أوروبا قادرة على الدفاع عن مصالحها".
ألمانيا، التي عادة ما تفضل الحلول الدبلوماسية، أكدت عبر المستشار أولاف شولتز أن "الرد سيكون مماثلاً إذا فرضت الرسوم"، لكنها لا تزال تأمل في تفادي التصعيد عبر المفاوضات.
إسبانيا حذرت من "السذاجة" في التعامل مع التهديدات الأمريكية. وأكد وزير الاقتصاد كارلوس كويربو: "علينا حماية شركاتنا وضمان منافسة عادلة".

من جانبها، هددت رئيسة المفوضية الأوروبية برد "حازم وغير مسبوق" إذا استهدف الاتحاد برسوم "تعسفية"، مشيرة إلى أن مثل هذه الإجراءات "ستضر الاقتصاد العالمي بأكمله".

خلفية الأزمة: صراع تجاري أم سياسة حماية؟

يعكس تصعيد ترامب استراتيجيته طويلة الأمد في استخدام الرسوم الجمركية كأداة ضغط لتحقيق مكاسب سياسية وأمنية. فبالإضافة إلى ملف الهجرة والمخدرات، يراهن ترامب على كسب تأييد داخلي عبر إظهار صلابة في التعامل مع الحلفاء.

من ناحية أخرى، ينظر إلى التهديدات الموجهة لأوروبا على أنها محاولة لإعادة تفاوض حول اتفاقيات تجارية تاريخية، مثل تلك المتعلقة بقطاعات السيارات والصلب. فالاتحاد الأوروبي يفرض رسوماً بنسبة 10% على السيارات الأمريكية، بينما تفرض واشنطن 2.5% على السيارات الأوروبية، وهو ما يعتبره ترامب "غير متوازن".

ماذا بعد؟ سيناريوهات محتملة

تصعيد متبادل: إذا فرضت الولايات المتحدة رسوماً على أوروبا، قد ترد الأخيرة برسوم انتقامية على سلع أمريكية مثل البرتقال والتبغ، مما يزيد من حدة الحرب التجارية.
مفاوضات جديدة: قد تفتح الأزمة الباب لإعادة تفاوض حول اتفاقيات تجارية، خاصة مع تغير التحالفات السياسية داخل الاتحاد الأوروبي.
تداعيات اقتصادية: يحذر خبراء من أن حرباً تجارية شاملة ستؤثر على سلاسل التوريد العالمية وترفع أسعار المستهلكين في كلا الجانبين.

في الختام، بينما نجح ترامب مؤقتاً في كسب تنازلات من جارتي أمريكا الشمالية، تبقى المواجهة مع أوروبا اختباراً حاسماً لاستراتيجيته. والواضح أن العالم يقف على حافة مرحلة جديدة من التوترات التجارية، حيث تتصارع المصالح الاقتصادية مع الأجندات السياسية.

للاستماع للبودكاست اضغط هــنــا

الحرب التجارية|المكسيك وكندا|الاتحاد الأوروبي|تأمين الحدود|دونالد ترامب

علىّْ الدين الإخباري