إسرائيل تجهز لهجوم نووي على إيران.. وترامب يوقف الخطة في اللحظات الأخيرة
مدة القراءة: 4 دقائق
الخلفية: صراع نووي متجذر ومسار تصعيدي
تشكل المواجهة بين إسرائيل وإيران حول البرنامج النووي الإيراني أحد أبرز ملفات التوتر في الشرق الأوسط. فبعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2018 بقيادة الرئيس دونالد ترامب، عادت طهران لتكثيف تخصيب اليورانيوم، ووصلت إلى مستويات قريبة من القدرة على صنع سلاح نووي، وفق تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية .
إسرائيل، التي تعتبر إيران تهديداً وجودياً، نفذت سلسلة عمليات سرية على مدى السنوات الماضية، من هجمات سيبرانية إلى اغتيالات علماء نوويين، بهدف تعطيل البرنامج الإيراني. لكن التصعيد الأخير وصل إلى ذروته مع تسريب خطط إسرائيلية لشن هجوم عسكري مباشر على المنشآت النووية الإيرانية في مايو 2025، قبل أن يتدخل ترامب لوقفها .
تفاصيل الخطة الإسرائيلية: بين الجراحة العسكرية والحاجة للدعم الأمريكي
كشفت صحيفة نيويورك تايمز عن خطة إسرائيلية مفصلة لضرب المواقع النووية الإيرانية، استنادًا إلى وثائق سرية ومقابلات مع مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين. تضمنت الخطة مرحلتين رئيسيتين:
-
عمليات كوماندوز لاختراق المنشآت تحت الأرض: مثل مفاعل نطنز (القلب النابض لتخصيب اليورانيوم) وفوردو (المخبأ في جبال قم)، مع استخدام متفجرات متطورة لتدمير البنية التحتية .
-
حملة قصف جوي مكثفة: تشمل منشآت مثل أصفهان (مركز معالجة اليورانيوم) وكارون (المحطة النووية الجديدة في خوزستان)، باستخدام طائرات "إف-35" الإسرائيلية وقنابل "جي بي يو-57" الأمريكية المتطورة .
لكن الخطة واجهت عقبتين رئيسيتين:
-
تعقيد الضربات: بسبب الانتشار الواسع للمنشآت النووية الإيرانية وتحصينها تحت الأرض، ما يتطلب دعمًا لوجستيًا أمريكيًا ضخمًا، بما في أنظمة التشويش الإلكتروني وتزويد إسرائيل بخرائط دقيقة من أقمار التجسس الأمريكية .
-
الرد الإيراني المتوقع: خشيت إسرائيل من هجوم صاروخي مضاد قد يستهدف مدنها الرئيسية، ما دفعها للمطالبة بضمانات أمريكية لحماية أجوائها عبر أنظمة "الثاد" و"باتريوت" .
ترامب يرفض الخطة: تحول مفاجئ نحو الدبلوماسية
في مفاجأة أثارت جدلاً واسعاّ، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفضه دعم الهجوم الإسرائيلي خلال اجتماع مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض (أبريل 2025)، مفضلاً بدء مفاوضات مع إيران. جاء القرار رغم سجل ترامب السابق في تأييد الضربات العسكرية، مثل تصريحه في أكتوبر 2024: "أليس هذا ما يفترض أن يضرب؟" .
أسباب الرفض الأمريكي:
-
تجنب حرب إقليمية: مع اقتراب الانتخابات الأمريكية (نوفمبر 2025)، تسعى إدارة ترامب لتجنب أي تصعيد قد يعقد الوضع في الشرق الأوسط، خاصة مع استمرار الحرب في غزة والمواجهات مع الحوثيين .
-
ثغرات في الخطة: وفق مصادر أمريكية، لم تكن الخطة الإسرائيلية قادرة على ضمان تدمير كافة المنشآت النووية، ما قد يدفع إيران لتسريع برنامجها نوويًا كرد انتقامي .
-
فرصة تفاوضية جديدة: أشارت تقارير إلى أن طهران أبدت مرونة في مفاوضات سرية مع الوسيط العُماني، بما في ذلك تجميد تخصيب اليورانيوم بنسبة 60% مقابل تخفيف العقوبات.
ردود الفعل في إسرائيل: معارضة شرسة وانتقادات لنتنياهو
أثار قرار ترامب عاصفة من الانتقادات داخل إسرائيل:
-
يائير لبيد (زعيم المعارضة): اتهم نتنياهو بـ"الانهزامية" واقترح بديلًا بضرب منشآت النفط الإيرانية لإجبار طهران على التفاوط تحت ضغط اقتصادي .
-
بيني جانتس (وزير الحرب السابق): حذر من أن التردد الإسرائيلي سيعطي إيران "غطاءً زمنياً لتطوير السلاح النووي، داعياً إلى تعزيز التحالف مع دول عربية ضد طهران .
-
الأوساط الأمنية: تساءلت عن جدوى العمليات السرية السابقة، مثل اغتيال العالم النووي محسن فخري زادة (2020)، إذا كانت ستتبع بخطوات جذرية .
في المقابل، دافع نتنياهو عن سياسته بالقول: "عملياتنا أوقفت إيران لعقد كامل"، مشيرًا إلى أن الخيار العسكري لا يزال "على الطاولة" حال فشل المفاوضات .
مستقبل الأزمة: دبلوماسية هشة وخطر التصعيد
رغم التحول الأمريكي نحو المفاوضات، تظل التحديات قائمة:
-
مصداقية المفاوضات: تشكك إسرائيل في نوايا إيران، خاصة بعد أن أعلنت طهران في أكتوبر 2024 عن تخصيب يورانيوم بنسبة 84%، قريبة من المستوى العسكري (90%) .
-
الدور الروسي-الصيني: قد تعرقل موسكو وبكين أي اتفاق عبر دعمهما السياسي والاقتصادي لإيران، كما حدث في صفقات الأسلحة الأخيرة .
-
سيناريوهات التصعيد: في حال فشل المفاوضات، قد تعود إسرائيل لخطتها العسكرية، خاصة مع وجود دعم من حلفاء إقليميين مثل السعودية، التي شاركت سابقًا في اعتراض الصواريخ الإيرانية .
الخاتمة: بين مطرقة الحرب وسندان الدبلوماسية
رفض ترامب للخطة الإسرائيلية يعكس إدراكاً أمريكياً لمخاطر حرب إقليمية واسعة، لكنه يضع إسرائيل أمام مفترق طرق: إما القبول بمسار تفاوضي غير مضمون، أو المخاطرة بمواجهة منفردة مع إيران. في الوقت نفسه، تبقى المنطقة معلقة بين أمل بسلام هش وخوف من عاصفة نووية قد تُعيد تشكيل الشرق الأوسط إلى الأبد.
المصادر:
للاستماع للبودكاست اضغط هــنــا

إسرائيل | إيران | البرنامج النووي | خطة عسكرية | رفض أمريكي
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار