السويس بين واشنطن وبكين.. ترامب يشعل سباق السيطرة على الممرات العالمية
(القاهرة/واشنطن) — أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حول مطالبتِه بمرور سفن الولايات المتحدة العسكرية والتجارية مجاناً عبر قناتي السويس وبنما جدلاً واسعاً، وسط تحليلات تشير إلى أنها محاولة للضغط الاقتصادي على مصر، وربما خطوة لاستهداف النفوذ الصيني العالمي عبر طرق التجارة الحيوية.
خلفية التصريحات: "القناة لم تكن لترى النور بدون أمريكا"
وفقاً لتقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، ناقش ترامب خلال اتصال هاتفي مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ضرورة ضمان مرور السفن الأمريكية مجاناً عبر قناة السويس، مُستنداً إلى مزاعم تاريخية بأن الولايات المتحدة لعبت دوراً في حماية الممر المائي. كما طلب دعم مصر في العمليات الأمريكية ضد الحوثيين في اليمن، بما في ذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية والدعم العسكري، لكن السيسي -حسب المصادر- رفض المطالب، مشيراً إلى أن حل النزاع في غزة هو المفتاح لاستقرار المنطقة.
تحليل استراتيجي: "الهدف خنق طريق الحزام والطريق"
علّق اللواء أركان حرب سمير فرج، الخبير الاستراتيجي المصري ورئيس جهاز الاستطلاع الأسبق، على تصريحات ترامب في حديث لـRT عربية، واصفاً إياها بمحاولة للسيطرة على جزء من قناة السويس لضرب المصالح الصينية. وأوضح فرج أن ترامب يسعى إلى التحكم في عبور السفن الصينية عبر القناة، التي تُعد شرياناً حيوياً لمشروع الصين الطموح "الحزام والطريق"، مما يمكِّن واشنطن من "شل حركة بكين تجارياً".
وأضاف: "مصر لن ترد على التصريحات لأنها لا تستحق، وموقفها واضح عبر القنوات الدبلوماسية".
موقف مصر: الحياد ورفض الانحياز
أكد فرج أن مصر حافظت على حيادها تجاه الصراع في اليمن، ورفضت سابقاً الانضمام إلى التحالف الأمريكي "تحالف الازدهار" في البحر الأحمر، الذي يهدف إلى مواجهة هجمات الحوثيين. وربط الرئيس السيسي -حسب الوثائق- بين استقرار المنطقة وتحقيق هدنة في غزة، في إشارة إلى أولوية القضية الفلسطينية في الموقف المصري.
قناة السويس: صراع القوى العظمى على ممر تجاري حيوي
تدر قناة السويس، التي تمر عبر مصر، نحو 9 مليارات دولار سنوياً كإيرادات عبور، وتتحكم في 12% من التجارة العالمية، بما في ذلك شحنات النفط من الخليج إلى أوروبا. وتأتي مطالب ترامب في وقت توسع الصين استثماراتها في الموانئ المصرية، مثل ميناء السخنة، كجزء من مشروع "الحزام والطريق"، مما يزيد من حساسية الممر المائي في الصراع الجيوسياسي بين واشنطن وبكين.
تداعيات محتملة: هل تخرج القناة عن حيادها؟
يحذر خبراء من أن تحويل قناة السويس إلى أداة ضغط سياسي قد يهدد الاتفاقيات الدولية التي تضمن حيادها منذ تأميمها عام 1956. في حين لم تعلق الصين رسمياً، إلا أن إعلامها الرسمي هاجم في السابق "الهيمنة الأمريكية" على الممرات الاستراتيجية.
المصادر:
- RT عربية – تصريحات ترامب حول قناة السويس
- وول ستريت جورنال – اتصال ترامب بالسيسي
- الهيئة العامة للاستعلامات المصرية – إيرادات قناة السويس
خلاصة:
تُكشف الأزمة الجديدة طبقات الصراع الخفي بين القوى الكبرى للسيطرة على طرق التجارة العالمية، حيث تتحول قناة السويس إلى ساحة أخرى لتنافس واشنطن وبكين، بينما تحاول مصر الحفاظ على توازن دقيق بين مصالحها الاقتصادية وحيادها الاستراتيجي.
للاستماع للبودكاست اضغط هــنــا
الوسوم
قناة السويس | ترامب | الصين | الحزام والطريق | الصراع الأمريكي الصيني
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار