جولدمان ساكس يحذر: ركود أمريكي محتمل بنسبة 45% بسبب رسوم ترامب
مدة القراءة: 4 دقائق
في تحولٍ مفاجئ، رفع بنك جولدمان ساكس احتمالية حدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة إلى 45% خلال العام الجاري، ارتفاعاً من 35% قبل أسبوع فقط، محذراً من تداعيات الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترامب. جاء هذا التحذير بالتزامن مع خفض البنك توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2025 إلى 0.5% من 1% سابقاّ، وسط مخاوف من أن تؤدي هذه السياسات إلى ارتفاع التضخم وإضعاف الإنفاق الاستهلاكي. فما هي خلفية هذه التحذيرات، وكيف قد تؤثر الرسوم الجمركية على الاقتصاد الأمريكي والعالمي؟
السياق: قرار ترامب بالرسوم الجمركية المتبادلة
في 2 أبريل 2025، أعلن الرئيس ترامب عن فرض "رسوم جمركية متبادلة" على الواردات الأمريكية، تشمل تعريفة أساسية بنسبة 10% على جميع الدول، مع زيادات إضافية للدول التي لديها عجز تجاري كبير مع الولايات المتحدة، مثل الصين والمكسيك. ووفقاً لبيان البيت الأبيض، تهدف هذه الخطوة إلى "معالجة العجز التجاري غير العادل وحماية الصناعات الأمريكية".
لكن الخبراء يشيرون إلى أن هذه السياسة قد تؤدي إلى حرب تجارية، خاصة مع إعلان دول مثل الصين والاتحاد الأوروبي عن نيتها فرض رسوم مضادة. ووفقاً لتقرير قناة CNBC، فإن الرسوم الجمركية ستشمل 20% على السيارات و15% على الإلكترونيات من الدول ذات العجز التجاري.
التأثيرات الاقتصادية: التضخم والحرب التجارية
تشير تحليلات جولدمان ساكس إلى أن الرسوم الجمركية قد تؤدي إلى أربع تأثيرات رئيسية:
-
ارتفاع التضخم:
مع زيادة تكلفة السلع المستوردة، من المتوقع أن ترتفع الأسعار بنسبة 2-3% خلال العام، وفقًا لتقديرات البنك. وهذا سيضعف القوة الشرائية للأسر، خاصة مع استمرار ارتفاع أسعار الطاقة. -
تراجع الإنفاق الاستهلاكي:
يشكل الاستهلاك الخاص 70% من الاقتصاد الأمريكي. ومع زيادة الأسعار، قد يقلص الأفراد إنفاقهم، مما يضغط على النمو. -
تكاليف أعلى للشركات:
الشركات التي تعتمد على مكونات مستوردة، مثل صناعة السيارات والإلكترونيات، ستواجه ارتفاعاً في التكاليف، مما قد يدفعها إما لخفض الأرباح أو رفع الأسعار. -
حرب تجارية عالمية:
حذّرت صحيفة الجزيرة من أن الرسوم المضادة قد تكبد الاقتصاد العالمي خسائر تصل إلى 600 مليار دولار سنوياً، مع تأثر سلاسل التوريد العالمية.
المؤشرات الاقتصادية: إشارات مقلقة
تتعزز مخاوف الركود مع ظهور مؤشرات سلبية:
- مؤشر الاقتصاد القادم (LEI): انخفض بنسبة 0.3% في فبراير 2025، وهو الانخفاض السادس على التوالي، وفقًا للمؤتمر الأمريكي.
- نموذج GDPNow: يتوقع البنك الفيدرالي في أتلانتا انكماش الاقتصاد بنسبة 2.8% في الربع الأول من 2025، كما ذكر في تقريره.
- أسواق المال: شهدت أسواق النفط والذهب تقلبات حادة، مع هبوط أسعار النفط إلى 65 دولاراً للبرميل، وارتفاع الذهب إلى 2,500 دولار للأونصة كملاذ آمن.
الخبراء: آراء متباينة
رغم التشاؤم السائد، تبقى بعض الآراء متفائلة:
- مؤسسة EY: خفضت توقعات النمو إلى 1.7% لعام 2025، لكنها ترى أن الاقتصاد قد يتفادى الركود بفضل "قوة سوق العمل والاستثمارات التقنية"، وفقًا لتقريرها.
- المؤتمر الأمريكي: يؤكد أن الأساسيات الاقتصادية قوية، مع معدل بطالة عند 3.8% ونمو الأجور بنسبة 4% سنوياً، مما قد يساعد على امتصاص الصدمات.
لكن محللي جولدمان ساكس يجادلون بأن "الرسوم الجمركية جاءت في وقت غير مناسب"، مع ارتفاع أسعار الفائدة إلى 5.5%، مما يزيد من تكلفة الاقتراض على الأسر والشركات.
التوقعات: أشهر حاسمة
تتوقف احتمالية الركود على ثلاثة عوامل:
- سرعة تصعيد الحرب التجارية: إذا فرضت الصين رسوماً بنسبة 25% على الصادرات الأمريكية، قد ينكمش الاقتصاد بنسبة 1.5%.
- استجابة المستهلكين: إذا حافظوا على إنفاقهم رغم التضخم، قد يحد ذلك من الأضرار.
- تحركات البنك الفيدرالي: قد يضطر لخفض أسعار الفائدة لدعم النمو، لكن ذلك يعزز التضخم.
الخاتمة: اقتصاد على المحك
تواجه الولايات المتحدة اختباراً صعباً في ظل سياسات تجارية عدائية وتقلبات في الأسواق العالمية. بينما تشير بعض المؤشرات إلى مرونة الاقتصاد، يحذر جولدمان ساكس من أن "الأسابيع القادمة ستكشف ما إذا كانت الولايات المتحدة قادرة على تفادي السقوط في دوامة الركود". وفي كل الأحوال، سيكون تأثير هذه السياسات درساً للمستقبل في كيفية موازنة الحماية التجارية مع الحفاظ على النمو.
المصادر:
- Goldman Sachs raises odds of US recession to 45% | Reuters
- Trump’s Reciprocal Tariffs | Al Jazeera
- US Leading Economic Indicators | The Conference Board
- EY US Economic Outlook
- GDPNow Forecast | Federal Reserve Bank of Atlanta
للاستماع للبودكاست اضغط هــنــا

ركود اقتصادي أمريكي | رسوم ترامب الجمركية | غولدمان ساكس | النمو الاقتصادي 2025 | التضخم والإنفاق الاستهلاكي
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار