الضربات الأمريكية تفشل في كسر الحوثيين.. فخ التدخل البري يلوح في الأفق
مدة القراءة: 4 دقائق
الواقع الميداني: ضربات أمريكية مكثفة وصمود حوثي غير مسبوق
تشهد اليمن تصعيداً عسكريا غير مسبوق منذ أسابيع، حيث تواصل الولايات المتحدة حملتها الجوية ضد جماعة الحوثي، مستهدفةً مصافي النفط والمطارات ومواقع إطلاق الصواريخ. ورغم تكلفة العملية التي تقترب من مليار دولار خلال ثلاثة أسابيع، وفق مصادر مطلعة، فإن تأثيرها على تدمير قدرات الحوثيين لا يزال محدوداً .
الحوثيون، الذين بدأوا حملتهم تضامناً مع الفلسطينيين إثر الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2023، نجحوا في تعطيل حركة الملاحة الدولية بالبحر الأحمر، ما دفع 70% من السفن التجارية إلى تغيير مسارها حول جنوب إفريقيا. كما أطلقوا عشرات الصواريخ الباليستية على إسرائيل، وواجهوا البحرية الأمريكية بطائرات مسيرة، رغم عدم إلحاق أضرار جسيمة بها .
"غرير العسل".. استراتيجية الصمود في مواجهة "القوة الساحقة"
يُشبّه محللون يمنيون الحوثيين بــ"غرير العسل"، ذلك الحيوان المعروف بمقاومته الشرسة حتى بعد تعرضه لهجمات قاتلة. ورغم مقتل ما يصل إلى 80 ضابطًا حوثيًّا، تبقى القيادات العليا للجماعة، العسكرية والسياسية، بعيدة عن الضربات، كما أن مواقع إطلاق الصواريخ الرئيسية ما زالت تعمل .
يقول مايكل نايتس، الخبير في معهد واشنطن: "الحوثيون فقدوا جزءًا من قدرات تصنيع الطائرات المسيرة، لكن شبكة التهريب المعقدة تمدهم بقطع غيار الصواريخ عبر البحر وعمان"، ما يبقي تهديدهم قائماً وربما متصاعداً .
التدخل البري.. الحل الوحيد أم فخ استراتيجي؟
مع فشل الضربات الجوية في كسر شوكة الحوثيين، يطرح محللون احتمالية التدخل البري كخيار وحيد لإنهاء الصراع. وتشير تقارير إلى استعداد قوات مدعومة من الإمارات والسعودية للتقدم من الجنوب والشرق، بدعم لوجستي أمريكي، لاستعادة السيطرة على مناطق حيوية مثل ميناء الحديدة، الذي يعد شرياناً حيوياً لإيرادات الحوثيين .
لكن التحديات كبيرة: فالحوثيون خبراء في حرب العصابات، ويمتلكون بنية قبلية متماسكة في شمال اليمن. كما أن التنسيق بين القوات المعارضة للحوثيين يظل مشكوكًا فيه، وفقًا لـأحمد ناجي من مجموعة الأزمات الدولية، الذي يرى أن "الغارات الجوية فشلت في عهد بايدن وترامب، ولن تنجح دون ضغط ميداني ملموس" .
الرسائل الخفية.. لماذا قد "يستمتع" الحوثيون بالضربات؟
يرى الباحث اليمني فارع المسلمي أن الحوثيين ربما يستفيدون من التصعيد العسكري الأمريكي لـ"جر واشنطن إلى حرب إقليمية أوسع"، مما يعزز مكانتهم كطرف مقاوم في المنطقة. كما أن استمرار الهجمات يعزز سرديتهم كمدافعين عن القضية الفلسطينية، ويجذب تعاطفاً شعبياً عربياً.
من جهة أخرى، تشكك إليزابيث كيندال، الخبيرة في الشؤون اليمنية، في الهدف الاستراتيجي للحملة الأمريكية: "قصف الحوثيون عشرات الآلاف من المرات خلال العقد الماضي، وما زالوا صامدين. يبدو أن الضربات مجرد عرض للقوة دون رؤية واضحة" .
التداعيات الإقليمية.. السعودية بين التردد والدعم
تظل السعودية في موقعٍ مركب: فمن ناحية، تخشى رد الحوثيين عبر صواريخ بعيدة المدى تستهدف بنيتها التحتية، خاصة بعد الهجمات السابقة على منشآت نفطية. ومن ناحية أخرى، تسرع الولايات المتحدة بتسليم الرياض أنظمة دفاعية متطورة، كما فعلت مع إسرائيل عام 2024 .
ويشير نايتس إلى أن واشنطن قد تضطر لطمأنة السعوديين بـ"حمايتهم كما حمَت إسرائيل"، لكن ذلك يعتمد على مدى استعداد الرياض للمخاطرة بمواجهة مباشرة مع الحوثيين .
الخلاصة: حرب لا تنتهي دون تغيير جذري
تاريخياً، لم يقدم الحوثيون تنازلات إلا عند تهديدهم بخسارة الأرض، كما حدث عام 2017 عندما كادوا يفقدون السيطرة على ساحل البحر الأحمر. اليوم، يعيد التاريخ نفسه: فالهجوم البري المحتمل قد يكون الفرصة الأخيرة لزعزعة مواقعهم، لكن ثمنه سيكون باهظاً على جميع الأطراف .
يبقى السؤال الأكبر: هل ستنجح الضربات الجوية والدعم البري في تغيير المعادلة، أم أن الحوثيين سيواصلون تحدي "القوة الساحقة" بقدرتهم الأسطورية على التحمل؟ الإجابة، كما يقول المحللون، لن تأتي إلا من أرض المعركة.
المصادر:
- الحوثي "مقاتل شرس" واحتمال تدخل بري من الجنوب والشرق - CNN العربية
- الرد على الحوثيين: جدلٌ محتدمٌ في إسرائيل - مركز صنعاء للدراسات.
للاستماع للبودكاست اضغط هــنــا

الحوثيون | الضربات الأمريكية | البحر الأحمر | التدخل البري | الصواريخ الباليستية
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار