إسرائيل تصعّد: نزع سلاح إيران أو مواجهة النموذج الليبي
في تصريحات مثيرة للجدل، ادعى رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو يوم الأحد أن بلاده "قلبت الطاولة" على إيران، وأعاقت تقدمها النووي بعقد كامل، مع تأكيده على ضرورة تدمير كافة منشآت التخصيب النووي الإيرانية وفقاً لـ"النموذج الليبي". جاءت هذه التصريحات وسط تصاعد التوترات الإقليمية وتوقف المفاوضات الدولية لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015.
خلفية الصراع: عقود من الاستقطاب
تشكل إيران وإسرائيل قطبيْن متعارضين في الشرق الأوسط، حيث تتهم تل أبيب طهران بدعم جماعات مسلحة في المنطقة، مثل حزب الله في لبنان والفصائل الفلسطينية، بينما تعارض إيران وجود إسرائيل وتدعو إلى زوالها. لكن الجبهة الأكثر إثارة للقلق عالمياً تظل البرنامج النووي الإيراني، الذي تؤكد إسرائيل أنه يخفي أهدافاً عسكرية، بينما تصر طهران على أنه سلمي.
تفاصيل تصريحات نتنياهو
أشار نتنياهو في كلمته إلى أن عمليات الاستخبارات والجيش الإسرائيلي نجحت في:
- تعطيل "المحور الإيراني" في المنطقة عبر ضربات استباقية ضد البنى التحتية العسكرية الإيرانية وحلفائها.
- إعاقة التقدم النووي الإيراني لمدة 10 سنوات، وفقاً لادعائه، عبر عمليات تخريبية شملت اغتيال العلماء وتفجير منشآت مثل مفاعل "نطنز".
- رفض أي تسوية لا تتضمن تفكيكاً كاملاً للبرنامج النووي الإيراني، مشيراً إلى تجربة ليبيا عام 2003 عندما تخلت عن أسلحة الدمار الشامل تحت ضغوط دولية.
وقال: "لن نقبل إلا بتسوية تجرد إيران من كل قدراتها النووية، بما في ذلك إغلاق مفاعلاتها ومنشآت التخصيب، لضمان عدم إحياء البرنامج حتى مع تغير الإدارات الأمريكية".
إيران ترد: اتهامات بـ"الأوهام"
رداً على ذلك، وصف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني تصريحات نتنياهو بأنها "أوهام تهدف إلى تشويه سمعة طهران"، مؤكداً أن برنامجها النووي خاضع لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأضاف: "إسرائيل، القوة النووية الوحيدة في المنطقة، لا يحق لها الحديث عن نزع السلاح".
تحليل الخبراء: مخاطر "النموذج الليبي"
يرى محللون أن الإصرار الإسرائيلي على نموذج ليبيا—الذي أنهى برنامجها النووي لكنه تركها عرضة للاضطرابات الداخلية—قد يكون غير واقعي. تقول كارين بومجارتنر، الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط بمركز كارنيجي: "مقارنة إيران بليبيا تتجاهل اختلاف موازين القوى؛ فطهران لديها نفوذ إقليمي واسع وقدرة على الرد، مما يجعل فرض تسوية قسرية أمراً محفوفاً بالمخاطر".
من جهة أخرى، يشير مارك فيتزباتريك، الخبير في معهد الدراسات الاستراتيجية (IISS)، إلى أن الهجمات الإسرائيلية أبطأت بالفعل البرنامج النووي الإيراني، لكنها لم توقفه، وفقاً لتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
تداعيات إقليمية ودولية
تعكس تصريحات نتنياهو تحولاً في الاستراتيجية الإسرائيلية نحو الاعتماد على الذات في مواجهة إيران، خاصة مع تذبذب الموقف الأمريكي بين إدارات مختلفة. فبينما دعم الرئيس بايدن عودة الاتفاق النووي، تؤيد إدارته مفاوضات غير مباشرة مع طهران، لكن دون تقديم ضمانات لإسرائيل.
في المقابل، حذرت دول عربية مثل السعودية والإمارات من أن أي تصعيد عسكري قد يعطل استقرار المنطقة، التي تشهد محاولات للتطبيع مع إسرائيل.
خاتمة: صراع يصعب احتواؤه
تبدو المواجهة الإسرائيلية-الإيرانية كحلقة مفرغة: عمليات إسرائيلية تستهدف تعطيل البرنامج النووي، وردود إيرانية عبر حلفائها، وغياب حل دبلوماسي شامل. مع إصرار نتنياهو على نهج المواجهة، قد تشهد المنطقة تصعيداً جديداً، خاصة إذا فشلت الجهود الدولية في إحياء الاتفاق النووي.
المصادر:
- تصريحات نتنياهو حول إيران – الموقع الرسمي لرئاسة الوزراء الإسرائيلية
- رد الخارجية الإيرانية – وكالة تسنيم الدولية للأنباء
- تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن البرنامج النووي الإيراني
ملاحظة: الروابط المذكورة هي للمواقع الرسمية للجهات المشار إليها، وتخضع التحديثات وفقاً لتطور الأحداث.
للاستماع للبودكاست اضغط هــنــا
الوسوم
النووي الإيراني | إسرائيل وإيران | نتنياهو إيران | النموذج الليبي نزع السلاح | تعطيل البرنامج النووي الإيراني
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار