ترامب يشعل الجدل: يطالب بمرور مجاني عبر قناتي السويس وبنما ويتحدى السيادة الدولية
أعاد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إثارة الجدل بتصريحات طالب فيها بمنح السفن الأمريكية العسكرية والتجارية حق المرور المجاني عبر قناتي بنما والسويس، مدعياً أن "الولايات المتحدة هي من بنتهما". لكن هذه التصريحات تتعارض مع الحقائق التاريخية والقانون الدولي، وتُهدد بإشعال توترات دبلوماسية مع بنما ومصر، صاحبتي السيادة على القناتين. فما مدى دقة ادعاءات ترامب؟ وما الآثار المترتبة على مطالبه؟
الخلفية التاريخية: بين الحقيقة والادعاء
قناة السويس: إرث فرنسي-مصري
بُنيت قناة السويس بين عامي 1859 و1869 بمجهودات فرنسية-مصرية بقيادة المهندس الفرنسي فرديناند دي ليسبس، وتمولت بشكل كبير من الحكومة المصرية. وفي حين لعبت الولايات المتحدة دوراً دبلوماسياً خلال أزمة السويس عام 1956، فإن ادعاء ترامب بأنها "بنت القناة" غير دقيق تاريخياً، وفقاً لمصادر مثل هيستوري.كوم وبريتانيكا.
قناة بنما: دور أمريكي متنازع عليه
صحيح أن الولايات المتحدة أشرفت على بناء قناة بنما (1904–1914) بعد انسحاب فرنسا، لكن السيطرة عليها نُقلت كلياً إلى بنما عام 1999 بموجب معاهدات توريخوس-كارتر. رغم ذلك، يتجاهل ترامب هذه المعاهدات، مُعتبراً أن "أمريكا يجب أن تستعيد القناة"، وفق تصريحاته السابقة.
الوضع القانوني: لا أساس للمرور المجاني
تحكم القناتين اتفاقيات دولية تكرس سيادة الدولتين:
- قناة السويس: تحكمها اتفاقية القسطنطينية (1888)، التي تضمن حرية المرور دون تمييز، لكنها لا تلغي الرسوم.
- قناة بنما: تنص معاهدات 1977 على حياد القناة، لكنها لا تمنح الولايات المتحدة أي امتيازات خاصة.
يؤكد خبراء القانون الدولي، مثل تحليل مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أن مطالبة المرور المجاني "تنتهك مبدأ السيادة" وليس لها سند قانوني.
الرسوم الحالية: أرقام بمليارات الدولارات
تُعتبر الرسوم مصدراً رئيسياً لإيرادات البلدين:
- قناة بنما: تفرض هيئة القناة رسوماً تصل إلى 500 ألف دولار للعبور الواحد، خاصة لناقلات الغاز الطبيعي المسال.
- قناة السويس: حققت إيرادات قياسية بلغت 9.4 مليار دولار في 2023، وفق هيئة قناة السويس.
المعيار | قناة بنما | قناة السويس |
---|---|---|
رسوم عبور سفينة حاويات | 200,000–500,000+ دولار | 400,000–700,000+ دولار |
نسبة التجارة الأمريكية | 40% من حركة الحاويات الأمريكية | 25% من صادرات الطاقة الأمريكية |
إيرادات 2023 | 3.3 مليار دولار | 9.4 مليار دولار |
مصدر البيانات | هيئة قناة بنما | هيئة قناة السويس |
ردود الفعل: رفض قاطع من بنما، صمت مصري حذر
- بنما: رفض الرئيس خوسيه راؤول مولينو أي تفاوض حول "السيادة أو الرسوم"، مؤكداً أن القناة "مِلك للشعب البنمي".
- مصر: لم ترد رسمياً، لكن الخبراء يرون أن أي تنازل عن الرسوم سيُهدد اقتصادها، حيث تمثل القناة 2% من الناتج المحلي الإجمالي.
الدوافع المحتملة: سياسة "أمريكا أولاً"
- اقتصادياً: تخفيف أعباء شركات الشحن الأمريكية التي تدفع ملايين الدولارات سنوياً.
- جيوسياسياً: مواجهة النفوذ الصيني المتنامي، خاصة بعد مزاعم ترامب عن "سيطرة الصين على قناة بنما"، وهو ادعاء تنفيه بنما.
- داخلياً: استمالة الناخبين عبر خطاب قومي يعلي المصالح الأمريكية.
التداعيات المحتملة
- اقتصادياً: خسارة بنما ومصر لمليارات الدولارات من الإيرادات.
- سياسياً: تآكل الثقة في الاتفاقيات الدولية، وتصاعد التوتر مع حلفاء تقليديين.
- قانونياً: إضعاف النظام الدولي القائم على احترام السيادة.
الخلاصة
تصريحات ترامب تعكس رؤيةً تتعارض مع الوقائع التاريخية والقانون الدولي، وقد تُفقد الولايات المتحدة مكانتها كضامن للاستقرار العالمي. في المقابل، يُظهر الموقف البنمي الحازم أن حقبة الهيمنة الأحادية على الممرات المائية قد ولى زمنها.
المصادر
- تاريخ قناة السويس - هيستوري.كوم
- معاهدات قناة بنما - بريتانيكا
- إيرادات قناة السويس 2023
- تحليل مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية
للاستماع للبودكاست اضغط هــنــا
الوسوم
قناة السويس | قناة بنما | تصريحات ترامب | رسوم العبور | السيادة البحرية
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار