العقوبات الأمريكية على مشتري النفط الروسي.. مطرقة ترامب التي قد تسحق الاقتصاد الأمريكي أولاً
مقدمة: تهديدات تجارية في زمن الحرب
أفادت تقارير تحليلية لقناة "سي إن إن" بأن العقوبات الثانوية التي يهدد بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد الدول المشترية للنفط الروسي - خاصة الصين والهند - قد تتحول إلى قنبلة موقوتة تضرب الاقتصاد الأمريكي نفسه. هذه التهديدات التي تصل إلى فرض رسوم جمركية بنسبة 100% تأتي في إطار الضغط على روسيا لتحقيق تسوية سلمية في أوكرانيا، لكن الخبراء يحذرون من أن تنفيذها سيُحدث صدمات تضخمية ويرفع أسعار النفط العالمية ويُقلص أرباح الشركات الأمريكية .
الأبعاد الاقتصادية للعقوبات: كيف تعود الضرر على أمريكا؟
1. موجة تضخم جديدة
حسب تحليل كلايتون سيغل (خبير الطاقة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية)، فإن زيادة الرسوم على الواردات الصينية والهندية ستنعكس فوراً على أسعار المستهلكين الأمريكيين. فالصين حالياً تفرض عليها رسوم جمركية أمريكية بنسبة 30%، ورفعها سيصيب سلعاً مثل أجهزة "آبل" بارتفاع حاد، ما قد يزيد التضخم الحالي في الولايات المتحدة .
2. ارتفاع أسعار النفط العالمي
روسيا تُصدر نحو 7 ملايين برميل يومياً من النفط الخام والمشتقات، مما يمثل حوالي 5% من الاستهلاك العالمي. أي شلل في هذه الصادرات بسبب العقوبات سيرفع الأسعار عالمياً، وتتأثر به الولايات المتحدة رغم كونها منتجاً كبيراً، لأنها لا تزال مستوردة صافية للنفط .
3. انخفاض أرباح الشركات
شركات مثل "آبل" و"والمارت" تعتمد على سلع منخفضة التكلفة من الصين والهند. ارتفاع تكاليف الاستيراد سيضغط على هوامش ربحها، وقد يُجبرها على تسريح موظفين أو تقليل استثماراتها .
لماذا تصر الهند والصين على شراء النفط الروسي؟
حالة الهند: الاعتماد الاستراتيجي
- تمثل الصادرات النفطية الروسية 36% من واردات الهند النفطية، بزيادة من 2.5% فقط قبل الحرب .
- الهند تستورد 80% من احتياجاتها النفطية، وروسيا تبيعها النفط بخصم كبير مقارنة بمنافسيها .
- العقوبات الأمريكية السابقة على إيران وفنزويلا قلصت خيارات الهند، مما جعل النفط الروسي بديلاً حيوياً .
الموقف الصيني: مصلحة اقتصادية وسياسية
- ارتفعت حصة روسيا من واردات الصين النفطية من 7.7% قبل الحرب إلى 13.5% حالياً .
- بكين تعتبر أن الرسوم الأمريكية بنسبة 100% غير قابلة للاستمرار سياسياً واقتصادياً، وتتوقع أن يتراجع ترامب عنها سريعاً كما فعل مع رسوم سابقة .
"أيدينا مقيدة.. مساحة عمل اقتصاد النفط الهندي محدودة للغاية"
— أميتاب سينغ، أستاذ الدراسات الروسية بجامعة جواهر لال نهرو
توقعات العقوبات: هل ستكون 100% فعلاً؟
الخبراء يشككون في تنفيذ التهديدات بالكامل:
- كلايتون سيغل يتوقع أن الرسوم قد تتراوح بين 10-30% فقط، لأن نسبة 100% ستضر أمريكا مثلما تضر الدول المستهدفة .
- جيوفاني ستاونوفو (محلل في UBS) يشير إلى أن ترامب تراجع سابقاً عن رسوم مماثلة خوفاً من ردود الفعل الاقتصادية .
تطورات سياسية: زيارة ويتكوف إلى موسكو
في محاولة أخيرة لتجنب العقوبات:
- وصل المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف إلى موسكو يوم الأربعاء (6 أغسطس) لبحث احتمالات وقف إطلاق النار.
- ترامب حدد الجمعة 8 أغسطس موعداً نهائياً لروسيا لقبول السلام أو مواجهة العقوبات .
- الكرملين يصر على شروط غير مقبولة لأوكرانيا، مثل التنازل عن 4 أقاليم والحد من حجم جيشها .
تأثيرات ملموسة على أسواق النفط
- سعر خام برنت ارتفع بنسبة 0.8% يوم الأربعاء ليصل إلى 68.2 دولاراً للبرميل، لكنه لا يزال منخفضاً 8.6% منذ بداية العام .
- التهديدات أوقفت انهيار الأسعار مؤقتاً، لكن زيادة إنتاج "أوبك+" وضعف الطلب العالمي يحدان من المكاسب .
الخلاصة: معضلة ترامب
تهديدات الرسوم الجمركية بنسبة 100% تضع البيت الأبيض أمام مفارقة صعبة:
✅ مكاسب سياسية: الضغط على روسيا وحلفائها.
❌ خسائر اقتصادية: تضخم، ارتفاع أسعار النفط، غضب المستهلكين الأمريكيين.
"قد ينظر إلى الأرقام المرتفعة جداً (100%) على أن ترامب يهذي أو يخادع، لأنها ستلحق الضرر بأمريكا كما بالآخرين"
— كلايتون سيغل
المشهد الأرجح هو فرض عقوبات مخففة (10-30%)، مع استمرار الهند والصين في شراء النفط الروسي عبر قنوات غير مباشرة، مما يبقي الأزمة قابلة للانفجار في أي لحظة.
المصادر
- سي إن إن: العقوبات على مشتري النفط الروسي ستدمر الاقتصاد الأمريكي
- تحليل: رسوم ترامب الثانوية على روسيا ستضر اقتصاد أمريكا
- لماذا ترفض الهند وقف شراء النفط الروسي؟
الوسوم
ترامب | العقوبات الأمريكية | النفط الروسي | الهند والصين | التضخم الأمريكي

تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار