النزاعات تلتهم المستقبل: 39 دولة تواجه أسرع معدلات الفقر المدقع في العالم

مدة القراءة: 4 دقائق

استمع استمع للمقال
0:00
4:56

تمهيد: في الوقت الذي تسعى فيه معظم دول العالم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، تكشف تقارير البنك الدولي عن واقع مرير: 39 دولة تعاني من النزاعات والاضطرابات السياسية تواجه تراجعاً تنموياً غير مسبوق، يعيدها عقوداً إلى الوراء. مع تسارع وتيرة النزاعات العالمية لأعلى مستوياتها منذ 25 عاماً، أصبحت هذه الدول سجناء حلقة مفرغة من الفقر والصراع.

النزاعات تلتهم المستقبل: 39 دولة تواجه أسرع معدلات الفقر المدقع في العالم

الأزمة بالأرقام: اقتصاد منهار وإنسان مهشم

  • انهيار النمو الاقتصادي: منذ عام 2020، شهدت هذه الدول انكماشاً سنوياً في نصيب الفرد من الناتج المحلي بنسبة 1.8%، في حين نما نظيره في الدول النامية الأخرى بنسبة 2.9%. هذه الفجوة تُعزى إلى تدمير البنية التحتية، هروب رأس المال، وتراجع الاستثمارات .
  • تفشي الفقر المدقع: يعيش 421 مليون شخص - أي ما يعادل سكان الاتحاد الأوروبي - على أقل من 3 دولارات يومياً، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 435 مليوناً بحلول 2030، ليمثلوا 60% من فقراء العالم .
  • كارثة إنسانية متعددة الأوجه:
    • وفيات الرضع: تتجاوز ضعف المعدل في الدول النامية الأخرى.
    • التعليم: 90% من الأطفال لا يصلون إلى الحد الأدنى من مهارات القراءة.
    • البطالة: أكثر من نصف السكان في سن العمل عاطلون .

النزاعات تلتهم المستقبل: 39 دولة تواجه أسرع معدلات الفقر المدقع في العالم

لماذا تتحول النزاعات إلى لعنة أبدية؟

  • آثار طويلة المدى: حتى بعد انتهاء النزاعات المسلحة، تواجه الدول تراجعاً تراكمياً في الدخل الفردي يصل إلى 20% خلال 5 سنوات. والأخطر أن أكثر من نصف هذه الدول تعاني من عدم الاستقرار منذ 15 عاماً أو أكثر، ما يجعل الركود هو "القاعدة" وليس الاستثناء .
  • الدول الأكثر تضرراً: من بين 21 دولة في نزاع مسلح نشط حالياً، تبرز أوكرانيا، السودان، إثيوبيا، وقطاع غزة كأبرز النقاط الساخنة. وتشهد هذه الدول تراجعاً حاداً في الأمن الغذائي، حيث يعاني 18% من سكانها (نحو 200 مليون شخص) من انعدام الأمن الغذائي الحاد، مقارنة بـ 1% فقط في الدول النامية الأخرى .

دراسة حالة: لبنان نموذجاً للانهيار المتسارع

وفق تقييم البنك الدولي، تسببت النزاعات الأخيرة في لبنان بخسائر مادية واقتصادية تُقدَّر بـ 8.5 مليار دولار:

  • تضرر 100,000 وحدة سكنية بالكامل أو جزئياً.
  • فقدان 166,000 وظيفة، ما يعني خسائر في الدخل تقارب 168 مليون دولار.
  • انكماش الاقتصاد بنسبة 6.6% في 2024، متفاقماً مع أزمة الديون المستمرة .

هل هناك بارقة أمل؟ موارد كامنة وفرصة ديموغرافية

رغم الصورة القاتمة، يشير التقرير إلى إمكانيات هائلة لو استغلت:

  • ثروات طبيعية غير مستغلة: تشكل الموارد الطبيعية (نفط، معادن، غابات) 13% من الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول، مقارنة بـ 4% فقط في الدول النامية الأخرى. كما أن دولاً مثل الكونغو الديمقراطية وموزمبيق وزيمبابوي تمتلك معادن استراتيجية أساسية لتكنولوجيا الطاقة النظيفة .
  • فرصة ديموغرافية تاريخية: بحلول عام 2055، سيشكل السكان في سن العمل ثلثي سكان هذه الدول، وهي أعلى نسبة عالمياً. لكن تحويل هذه "الهدية الديموغرافية" إلى محرك للتنمية يتطلب استثمارات ضخمة في التعليم والرعاية الصحية .

المجتمع الدولي أمام اختبار مصيري

يحذر البنك الدولي من أن تداعيات إهمال هذه الأزمة ستطال العالم بأكمله:

  • تداعيات عابرة للحدود: الفقر والنزوح وانعدام الفرق يهددون الاستقرار الإقليمي عبر موجات الهجرة وانتشار الأزمات الغذائية .
  • الحلول المقترحة:
    1. الإنذار المبكر: أنظمة مراقبة المخاطر في الزمن الحقيقي للتدخل قبل تفاقم الأزمات.
    2. تعزيز الحوكمة: بناء مؤسسات قادرة على تحقيق الشفافية ومكافحة الفساد.
    3. استثمارات موجهة: دعم القطاع الخاص وربط التعليم باحتياجات سوق العمل .

كلمة الخبراء

"المعاناة في هذه الدول لا تقتصر على الجانب الاقتصادي، بل تشمل كل مناحي الحياة. إذا تركت الأوضاع دون معالجة، تتحول إلى أزمات مزمنة تهدد الاستقرار العالمي" — إنديرميت غيل، كبير الاقتصاديين في البنك الدولي .

خلاصة: هل يمكن كسر الحلقة المفرغة؟

التقرير يقدم رسالة واضحة: الوقاية من النزاعات أقل كلفة من مواجهة آثارها. بينما تظهر نماذج مثل نيبال ورواندا وسريلانكا إمكانية الخروج من هذه الدوامة عبر سياسات رشيدة ودعم دولي . لكن السؤال الأكبر يبقى: هل سيتحول هذا التحذير إلى فعل قبل فوات الأوان؟

في ظل تسارع وتيرة الصراعات العالمية، لم يعد السؤال "هل نستطيع المساعدة؟" بل "هل نستطيع تحمل تكلفة عدم التدخل؟". المسؤولية جماعية، والوقت ينفد.

مصادر مباشرة:

  1. الفقر المدقع يلتهم دول النزاع والاضطراب - الشرق الأوسط
  2. البنك الدولي يحذر من تدهور أوضاع 39 دولة هشة - القدس
  3. تقرير البنك الدولي عن أثر الصراع على لبنان

الوسوم:

فقر مدقع | النزاعات المسلحة | الدول الهشة | انعدام الأمن الغذائي | تقرير البنك الدولي

النشرة البريدية

تعليقات

الموضوعات الأكثر قراءة في" علىّْ الدين الإخباري"

مصر: حفل زفاف يتحول لمذبحة دامية بعائلة بين عائلتين في قنا والأمن يتدخل

ترامب يطلق أكبر حرب تجارية في القرن: رسوم جمركية على 200 دولة تهدد الاقتصاد العالمي

تصاعد التوتر في بحر عمان: مروحية إيرانية تعترض مدمرة أمريكية وتجبرها على الانسحاب