البنك الدولي يوجّه 70% من حزمة تمويل بـ100 مليار دولار نحو أفريقيا في ظل تراجع المساعدات الدولية
في خطوة قد تحدث فارقاً كبيراً في معركة القارة السمراء ضد الفقر، أعلن البنك الدولي تخصيص نحو 70 مليار دولار – أي ما يعادل 70% من إجمالي حزمة تمويلية قيمتها 100 مليار دولار – لتمويل ميسور يستهدف الدول الأشد فقراً في أفريقيا. يأتي هذا القرار في وقت تتقلص فيه المساعدات الإنمائية التقليدية، وتتجه فيه موازنات الدول الكبرى نحو الإنفاق العسكري بدلاً من التنمية، فيما تتوسع الصين وروسيا ودول الخليج في تقديم استثمارات وقروض بديلة تعزز نفوذها السياسي والاقتصادي في المنطقة.
«كنا واضحين للغاية: البنك الدولي لا يزال ملتزماً بشدة تجاه أفريقيا»
– أليكس فان تروتسينبورج، المدير العام للبنك الدولي، في مقابلة مع «بلومبرج» بأديس أبابا.
1. ما الذي يعنيه الرقم؟
- إجمالي الحزمة: 100 مليار دولار يجمعها صندوق «الرابطة الدولية للتنمية» (IDA) – الذراع المانحة للبنك الدولي.
- النصيب الأفريقي: 70 مليار دولار على شكل قروض ميسّرة ومنح لثلاث سنوات (2025-2027).
- متوسط التمويل السنوي لأفريقيا: ارتفع إلى نحو 23 مليار دولار سنوياً، مقارنة بـ19 مليار دولار في الدورة السابقة.
2. لماذا الآن؟
- تراجع المساعدات الثنائية: بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) تشير إلى انخفاض المساعدات الإنمائية الرسمية المقدمة إلى أفريقيا بنسبة 1% عام 2024 لتستقر عند 42 مليار دولار.
- تقليصات أميركية: إدارة الرئيس دونالد ترامب خفضت التمويل المخصص لبرامج الصحة والتعليم في أفريقيا، ما أدى إلى تسريح آلاف العاملين في المنظمات غير الحكومية.
- تحول أوروبي: دول الاتحاد الأوروبي أعادت تخصيص أموال التنمية نحو الدفاع بعد الحرب في أوكرانيا، ما زاد الفجوة التمويلية.
- منافسة صاعدة: الصين وروسيا تقدمان قروضاً واستثمارات بشروط مختلفة تركز على البنية التحتية والموارد الطبيعية، فيما ضخت دول الخليج استثمارات مباشرة في الطاقة والزراعة. خطوة البنك الدولي تمثل محاولة لإبقاء أفريقيا ضمن دائرة التمويل الغربي.
3. أين ستذهب الأموال؟
- البنية التحتية: الطرق، الجسور، الكهرباء الريفية.
- التعليم والتدريب المهني: بناء مدارس ثانوية فنية، منح جامعية للفتيات.
- الصحة: تمويل نظم التأمين الصحي الشامل، وتوسيع شبكات مكافحة الملاريا.
- التكيف المناخي: مشاريع الزراعة المقاومة للجفاف، ونظم الإنذار المبكر بالفيضانات.
- الاقتصاد الرقمي: دعم الشركات الناشئة في مجالات الشمول المالي والزراعة الذكية.
4. كيف يتم اختيار الدول المستفيدة؟
تعتمد آلية التوزيع على:
- مؤشر الدخل القومي الإجمالي للفرد.
- مؤشر الفقر متعدد الأبعاد.
- استعداد الحكومة لإجراء إصلاحات في الحوكمة ومحاربة الفساد.
الدول التي يُتوقع أن تكون الأكثر استفادة: نيجيريا، إثيوبيا، جمهورية الكونغو، السودان، التنزانيا، ومالي.
5. هل تكفي الحزمة؟
- حجم الفجوة: تقديرات البنك الإفريقي للتنمية تشير إلى أن القارة تحتاج إلى 170 مليار دولار سنوياً حتى 2030 لتمويل أهداف التنمية المستدامة، أي أن مساهمة البنك الدولي تغطي نحو 13% فقط من الاحتياجات.
- دين مستدام: القروض الميسرة تمنح بفائدة صفرية واستحقاق 30-40 عاماً، ما يقلل ضغط الديون.
- شرط الإصلاح: الدول المستفيدة مطالبة بتحرير قطاع الطاقة، وتبسيط إجراءات الاستثمار، وإنفاق ما لا يقل من 5% من المنح على أنظمة المعلومات لمراقبة التأثير.
- منافسة الموارد: في ظل تزايد الحضور الصيني عبر مبادرة الحزام والطريق، والوجود الروسي في مجالات الأمن والطاقة، تسعى واشنطن وشركاؤها من خلال البنك الدولي لتثبيت نفوذهم الاقتصادي مقابل هذه القوى.
6. تحديات على الأرض
- التضخم وارتفاع تكلفة المعيشة قد يبتلع جزءاً من أثر التمويل.
- انعدام الأمن في الساحل والقرن الأفريقي يعرقل تنفيذ المشاريع.
- بعض الدول تعاني من تراكم ديون تجارية، ما يحد من قدرتها على الاقتراض الجديد.
- مخاطر النفوذ: المنافسة بين المانحين (الغرب، الصين، روسيا، الخليج) قد تضع بعض الحكومات بين خيارات متعارضة، وهو ما قد يبطئ الإصلاحات.
7. ما الذي يقوله الخبراء؟
- الدكتورة هدى القحطاني، الباحثة في معهد الاقتصاد التنموي: «الحزمة جيدة لكنها لن تحقق أثراً ملموساً إذا لم تُدمج مع إصلاحات ضريبية وبيئة أعمال جاذبة».
- البروفيسور أبوبكر صديق، الخبير الاقتصادي بجامعة الخرطوم: «على الحكومات الأفريقية استخدام التمويل في البنية التحتية الرقمية والزراعة، وليس في تمويل العجز بالموازنة».
8. رسوم توضيحية بسيطة
┌----------------------------------------------------┐ | حزمة الـ100 مليار دولار (2025-2027) | | ┌-------------------┐ | | | أفريقيا: 70 مليار| (70%) | | |-------------------| | | | باقي العالم: 30 | (30%) | | | مليار | | | └-------------------┘ | | نسبة المنح داخل الحزمة الأفريقية: 40% | | نسبة القروض الميسرة: 60% | └----------------------------------------------------┘
9. خارطة توزيع مبدئية للأموال (مليار دولار)
| الدولة | التخصيص (مليار دولار) |
|---|---|
| نيجيريا | 11.2 |
| إثيوبيا | 9.5 |
| الكونغو DR | 8.3 |
| السودان | 6.1 |
| التنزانيا | 5.4 |
| مالي | 3.8 |
| النيجر | 3.2 |
| بوركينا فاسو | 2.9 |
| مدغشقر | 2.7 |
| السنغال | 2.5 |
| باقي الدول | 15.4 |
10. ما الذي على الحكومات فعله الآن؟
- إعداد قوائم مشاريع جاهزة للتمويل خلال 6 أشهر.
- إنشاء وحدة وطنية للتعاون مع البنك الدولي تضم ممثلين من المالية والتخطيط.
- نشر بيانات المشاريع على منصة إلكترونية لضمان الشفافية.
- إشراك القطاع الخاص من خلال شراكات القطاع العام-الخاص (PPP).
11. مصادر وروابط مباشرة
- تقرير «الجزيرة نت» حول تخصيص 70% من التمويل لأفريقيا
- تقرير «الشرق الأوسط» حول تصريحات أليكس فان تروتسينبورج
- مدونة البنك الدولي حول مبادرة «أفريقيا تقود»
- بيان البنك الدولي والبنك الأفريقي للتنمية وماستركارد حول التحول الرقمي
خلاصة
الحزمة الجديدة تمثل فرصة نادرة لتسريع التنمية في أفريقيا، لكنها تأتي أيضاً في سياق تنافس جيوسياسي محتدم. نجاحها مرهون بقدرة الحكومات على إصلاح بيئة الأعمال، مكافحة الفساد، وإشراك القطاع الخاص، مع الموازنة بين التمويل الغربي والاستثمارات القادمة من الصين وروسيا والخليج. التحدي الأكبر يبقى في ضمان استدامة الدين وتحقيق أثر ملموس على حياة أكثر من 400 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر.
الوسوم
البنك الدولي | أفريقيا | القروض الميسرة | التنمية المستدامة | الفقر

تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار