"بدائل القاهرة".. هل تنجح مصر في تخطي أزمة الغاز الإسرائيلي؟
أثار إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن عزمه عدم المضي قدماً في اتفاق تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر، موجة من الجدل السياسي والاقتصادي، خاصة بعد أن ربط القرار بما وصفه بـ"عدم التزام القاهرة ببنود اتفاقية السلام"، وهو ما اعتبره مراقبون محاولة للضغط السياسي على مصر في ظل أزمة غزة وتصاعد التوترات الإقليمية.
لكن السؤال الأبرز الذي يشغل الرأي العام: هل تمتلك مصر بدائل حقيقية للغاز الإسرائيلي؟ وإلى أي مدى يمكن أن تؤثر هذه الخطوة على استقرار شبكة الكهرباء والصناعة في البلاد؟
خلفية الصفقة: من التصدير إلى الاستيراد
في عام 2018، وقعت مصر مع إسرائيل اتفاقية تاريخية لاستيراد الغاز الطبيعي بقيمة تصل إلى 15 مليار دولار، تُضخ عبر حقلي "ليفياثان" و"تمار" الإسرائيليين إلى محطتي إدكو ودمياط لتلبية الاحتياجات المحلية وإعادة التصدير إلى أوروبا. وقد تم تعديل الاتفاقية لاحقًا لرفع الكميات إلى نحو 130 مليار متر مكعب حتى عام 2040.
لكن مع تراجع الإنتاج المحلي المصري وارتفاع الاستهلاك الصيفي، أصبحت مصر تعتمد بشكل أكبر على الغاز الإسرائيلي لتأمين احتياجاتها من الكهرباء والصناعة، قبل أن يعلن نتنياهو فجأة عن تجميد الصفقة.
ما البدائل المتاحة أمام القاهرة؟
- الوحدات العائمة للتغييز (FSRU)
تمتلك مصر حاليًا أربع وحدات تغييز عائلة، بالإضافة إلى وحدة خامسة في الأردن، ما يمنحها مرونة كبيرة في استيراد الغاز الطبيعي المسال من الأسواق العالمية مثل قطر والجزائر والولايات المتحدة، وضخه مباشرة إلى الشبكة القومية للغاز.
"هذه الوحدات قادرة على تلبية الطلب المحلي بالكامل في حال توقف الغاز الإسرائيلي، بشرط توافر السيولة الدولية اللازمة لتمويل الاستيراد"، كما أوضح الخبير البترولي حسام عرفات في تصريحات لـسي إن إن بالعربية .
- مشروع الربط مع قبرص
تعمل مصر وقبرص على مشروع استراتيجي لربط حقل "كرونوس" القبرصي بالبنية التحتية المصرية، على أن يبدأ تشغيله عام 2027. وسيمكن هذا الخط مصر من استيراد الغاز القبرصي وإعادة تصديره إلى أوروبا، ما يعزز من مكانتها كمركز إقليمي للطاقة.
"مشروع الربط مع قبرص سيمنح مصر مصدرًا بديلًا للغاز، لكن فعاليته تعتمد على حجم الإمدادات التي ستتمكن نيقوسيا من ضخها"، كما يقول الخبير مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول المصري الأسبق .
- الإنتاج المحلي وتقليص الاستهلاك
تسعى الحكومة المصرية إلى دعم الإنتاج المحلي من الغاز عبر حفر آبار جديدة في المتوسط، إلى جانب تقليص الاستهلاك المحلي في فصل الشتاء، من خلال خفض الأحمال الكهربائية وتعديل مواعيد العمل في المصانع.
| البند | حجم سنوي تقريبي (Bcm) | نسبة من استهلاك مصر (≈57 Bcm/سنة) | ملاحظة / جدول زمني |
|---|---|---|---|
| إمدادات إسرائيل عبر خط الأنابيب (قبل التجميد) | ≈10 — 12 | ≈18% — 21% | رقم تقريبي مستند لتقارير أن الصادرات تعادل حوالى 1 bcf/d سابقاً. قد يتغير بحسب العقود والسياق الأمني. |
| وحدة FSRU واحدة (مثال: 1,000 mmscf/d) | ≈10.3 | ≈18% | قدرة استرجاع وتغذية الشبكة إذا توفرت السفن والتمويل. مصر تستأجر وحدات جديدة (2025-2026). |
| أسطول FSRUs مجتمعة (حالياً وتقارير عن إضافات) | ≈10 — 30 (نطاق) | ≈18% — 53% | يعتمد على عدد الوحدات وقدرة كل وحدة ووتيرة وصول شحنات LNG. مصر تفاوض على عشرات الشحنات. |
| غاز قبرص (مشروع كرونوس / Cronos) | ≈5 — 14 (تقديرات متغيرة) | ≈9% — 25% | المصادر تختلف: تقارير تشير إلى 500 MMcf/d بينما أخرى تذكر وصول 1.4 bcf/d من 2027. الزمن المتوقع بدء الإمداد 2027. |
| زيادة الإنتاج المحلي قصيرة-متوسطة الأمد | ≈1 — 8 (مرن، يعتمد على استكشاف وتمويل) | ≈2% — 14% | إنتاج مصر تراجع منذ 2021. يمكن تعويض جزء مع استثمارات سريعة لكن الزمن والتمويل هما المحددان. |
| استيراد شحنات LNG فورية (اتفاقات قصيرة الأمد) | عدد الشحنات: 40 — 60 شحنة (2025 تقارير) | يعتمد على حجم كل شحنة وإمكانات إعادة الغاز | مصر تفاوضت لشراء 40-60 شحنة سريعة لتغطية الصيف 2025. هذه وسيلة فورية لكنها مكلفة وتحتاج سيولة دولية. |
هل إسرائيل قادرة على تنفيذ التهديد؟
يرى خبراء أن قرار نتنياهو قد يكون أكثر تعقيدًا مما يبدو، نظرًا لضغوط الشركاء الدوليين في حقل "ليفياثان"، وعلى رأسهم شركة شيفرون الأمريكية التي تمتلك 39.66% من الحقل، إلى جانب شركات إسرائيلية وأجنبية أخرى.
"إسرائيل لا تمتلك بنية تحتية لتسييل الغاز، وتكلفة إنشاء محطة إسالة تتجاوز 10 مليارات دولار، وهو ما يجعل مصر الخيار الأقرب والأوفر"، كما أشار الخبير مدحت يوسف .
رسوم توضيحية (مقترحة)
رسم بياني توضيحي: مسارات استيراد الغاز إلى مصر
- الغاز الإسرائيلي عبر خط الأنابيب البحري.
- الغاز المسال عبر الوحدات العائمة من قطر والجزائر.
- خط الربط المستقبلي مع قبرص (2027).
خلاصة
رغم حدة التهديدات الإسرائيلية، فإن مصر تمتلك أوراقًا بديلة تمكنها من تقليص الاعتماد على الغاز الإسرائيلي، لكن تحقيق ذلك يتطلب توفير تمويل دولي وتسريع تنفيذ مشاريع الطاقة البديلة، إلى جانب إدارة الاستهلاك المحلي بكفاءة. وفي المقابل، فإن تل أبيب قد تكون الخاسر الأكبر إذا مضت في قرارها، نظرًا لصعوبة تسويق الغاز بديلًا عن السوق المصري.
مصادر موثوقة:
- CNN Arabic – جدل حول إلغاء صفقة الغاز الإسرائيلي مع مصر
- RT Arabic – بدائل القاهرة وإلغاء الصفقة
- العربية – قيمة الصفقة ومصيرها
الوسوم
غاز مصر | إسرائيل | استيراد الغاز | بدائل الطاقة | شرق المتوسط

تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار