هل تشكل باكستان «المظلة النووية» لتحالف عربي-إسلامي جديد؟

--

تحليل: اتفاق الرياض-إسلام آباد ومؤشرات «الردع المشترك» في وجه التوسّع الإسرائيلي

هل تُشكِّل باكستان «المظلة النووية» لتحالف عربي-إسلامي جديد؟

مقدمة

في 15 سبتمبر 2025 وقع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف «الاتفاقية الإطارية للدفاع الاستراتيجي المشترك» التي تنصّ صراحةً على أن «أي اعتداء على أحدهما يعد اعتداءً على الآخر». وبينما رأى فيها مراقبون خطوة تقليدية في مسار علاقات بدأت عام 1947، يذهب خبراء عسكريون وقانونيون إلى أن ثمة تحولاً أكبر يدق أبواب الشرق الأوسط: ظهور مظلة نووية غير معلنة تدار من إسلام آباد، قد تتوسّع لتضمّ القاهرة وأنقرة حتى طهران، في مواجهة «الفوضى الأمنية» التي خلفتها الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة وتداعياتها الخليجية.

لماذا الآن؟ دوافع الرياض لاقتناص «الردع الباكستاني»

أ) الهجوم الإسرائيلي على الدوحة (10 سبتمبر 2025)

  • قصف جوي إسرائيلي استهدف مطار حمد الدولي، ما اعتُبر في الخليج «سابقة خطيرة» تُضعف الضمانة الأميركية.
  • مصدر خليجي لـ RT: «الرسالة الإسرائيلية أن واشنطن لم تعد قادرة أو راغبة على كبح التصعيد».

ب) تقلّص فاتورة الاستيراد من الغرب

  • السعودية ثالث أكبر مستورِد للسلاح عالمياً (معهد ستوكهولم 2024)، لكن باكستان تُقدّم أسلحة رخيصة التشغيل و«متوافقة مع المنظومات الغربية» - تقرير سابق لـRT Arabic.

ج) المظلة النووية «الخفيّة»

  • باكستان تمتلك 170 رأساً نووياً (تقديرات SIPRI 2025)، وهي خارج معاهدة NPT، ما يمنح الرياض منعة غير مباشرة دون عبء امتلاك السلاح.
  • الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي بالجامعة الأميركية: «النصّ الجديد يُعادل مظلة نووية إسلامية من دون إعلان؛ فباكستان ستردّ على أي اعتداء نووي يطال حدود السعودية انطلاقاً من بند الاعتداء المشترك».

خريطة التحالف المتوقع: من الرياض إلى أنقرة وطهران؟

نموذج «4+1» يُتداوله محللون:
الدور داخل التحالف المؤشرات العملية حتى 19 سبتمبر 2025
باكستان (النووي) توقيع الدفاع المشترك مع السعودية؛ رفض إسلام آباد الاعتراف بإسرائيل عام 2025.
السعودية (المال والقوة الجوية) مناورات «السمسام 9» مع باكستان أبريل 2025؛ استثمار 5 مليارات دولار في صناعات دفاعية باكستانية.
مصر (الجيش الأكبر عربياً) زيارة السيسي لإسلام آباد (يوليو 2025)؛ اتفاق تبادل استخباراتي؛ مناورات بحريّة «نجم البحر 2» مع تركيا.
تركيا (الصناعات العسكرية) مذكّرة تفاهم مع باكستان لتطوير طائرة TF-X (أغسطس 2025).
إيران (الصواريخ الباليستية) دعوة الرئيس بزشكيان لـ«نظام أمن إقليمي» (سبتمبر 2025)؛ لقاء ثلاثي مع أنقرة والدوحة.

«إذا اكتمل هذا التحالف فستكون لدينا منطقة موازنة نووية جديدة: إسرائيل-إيران وباكستان-الهند، ما يُقلّص احتمالات الحرب الشاملة» – المحلل التركي رمضان ياشار لـ نوفوستي.

هل ينجح التحالف دون مؤسسة عسكرية موحدة؟

معوقات واقعية:
  1. عدم وجود قيادة موحدة (مثل الناتو).
  2. الخلاف السني-الشيعي السعودي-الإيراني.
  3. قانونياً: باكستان عضو في منظمة شنغهاي للتعاون و«الشركاء الاستراتيجيين» مع بكين؛ قد تواجه ضغوطاً أميركية.

لذلك يُرجّح الخبراء نموذج «قوة مهام مشتركة» (Joint Task Force) تنشأ في الظل، شبيهة بـ«التحالف الإسلامي العسكري» لكن بمشاركة إيران، وتمويل سعودي-خليجي، وقيادة مشتركة بين القاهرة وأنقرة.

كيف سيرد «العدو» المحتمل؟

السيناريو الإسرائيلي:
  • إسرائيل تدرج باكستان على قائمة «الدول الداعمة للإرهاب» (تصريح غير رسمي لوزير خارجيتها كاتس 18 سبتمبر).
  • تسريبات أمنية لصحيفة «إسرائيل هيوم» عن «خطة تماسك» مع الهند لزيادة تسلحها نووياً، ما يعيد إحياء سباق التسلح الباكستاني-الهندي.

الرد الأميركي-الغربي:

  • مشروع قانون في الكونغرس يقترع على تعليق بيع F-35 للسعودية (سبتمبر 2025).
  • زيادة الدعم العسكري لأوكرانيا «لتثبيت روسيا» ومنع انتقال خبراتها الدفاعية إلى طهران-أنقرة.

ما الذي يعنيه المواطن العربي؟

  • أمنياً: احتمال خفض وتيرة الضربات الإسرائيلية الجوية ضد قطاع غزة ولبنان خشية ردّ نووي غير مباشر.
  • اقتصادياً: توجّه السعودية وباكستان لإنشاء صندوق استثمار دفاعي (1 مليار دولار) يتيح فرص عمل للمهندسين العرب.
  • سياسياً: بداية تبلور «ناتو إسلامي» بديل يُقلّل من الاعتماد على الحماية الأميركية.

خاتمة

الاتفاقية السعودية-الباكستانية ليست مجرد تعاون ثنائي، بل بوابة لإعادة رسم التوازنات في الشرق الأوسط. فبينما لم يُعلَن صراحةً عن «مظلة نووية»، فإن نصوص الاتفاق وتاريخ التسلّح الباكستاني يُسقِطان عملياً الردع النووي على أي معتدٍ محتمل. ومع إعلان مصر وتركيا دعمهما «مبدئياً»، وبدء حوارات سرّية مع إيران، يبدو أن منطقة الشرق الأوسط تدخل حقبة «التحالفات نووية الظل»، ما يحول الصراع من «عربي-إسرائيلي» إلى «إسلامي-إسرائيلي»، ويعقد احتمالات الحرب أو يبقيها رهينة توازن الرعب الجديد.

المصادر 

  1. رويترز – السعودية وباكستان (المسلحة نووياً) توقّعان اتفاقية دفاع مشترك

  2. معهد ستوكهولم لأبحاث السلام (SIPRI) – تقديرات الأسلحة النووية الباكستانية

  3. الجزيرة – اتفاق الدفاع السعودي الباكستاني يعيد تشكيل الجغرافيا السياسية للمنطقة

الوسوم

السعودية | باكستان | المظلة النووية | التحالف الإسلامي | الردع المشترك

النشرة البريدية

تعليقات

الموضوعات الأكثر قراءة في" علىّْ الدين الإخباري"

من الذهب إلى النفط.. 10 دول أفريقية تجهز القارة لقيادة الاقتصاد العالمي في 2025

تريليون دولار فائض تجاري.. الصين تعيد توجيه بوصلة الصادرات وتتحدى الضغوط الأميركية

الكونجرس الأمريكي يتحرك لكبح جماح ترامب.. هل تتحول فنزويلا إلى ساحة حرب جديدة؟