هل تكون الصين "خزينة الذهب" الجديدة للعالم؟.. طموح يتزامن مع صعود المعدن الأصفر

--

هل تكون الصين "خزينة الذهب" الجديدة للعالم؟.. طموح يتزامن مع صعود المعدن الأصفر

في وقت تتجه فيه أسعار الذهب إلى مستويات قياسية غير مسبوقة، تسعى الصين إلى تغيير وجهة الاقتصاد العالمي عبر بوابة الذهب. فبعد عقود من هيمنة لندن ونيويورك على خدمات حفظ الاحتياطيات السيادية من الذهب، تدخل بكين على خط المنافسة بقوة، عبر عرض نفسها كـ"خزينة ذهب" بديلة، في خطوة قد تعيد تشكيل التوازنات المالية العالمية.

ما الذي تفعله الصين بالضبط؟

ببساطة، تريد الصين أن تحفظ الذهب نيابة عن البنوك المركزية الأجنبية، خصوصاً تلك التي تربطها بها علاقات سياسية أو اقتصادية قوية. وتستخدم في ذلك منصة "بورصة شنغهاي للذهب"، التي أصبحت منذ تأسيسها عام 2002 أكبر بورصة لتداول الذهب الفعلي في العالم، حيث تداولت أكثر من 54 ألف طن من الذهب في عام 2023 وحده، أي ما يعادل 75٪ من حجم التداول العالمي .

وقد أتاحت الصين منذ عام 2014 إمكانية تخزين الذهب الأجنبي في مقر البورصة بشنغهاي، لكن الإقبال ظل محدوداً حتى الآن. لكن مع تصاعد الأسعار وتزايد الطلب من البنوك المركزية، عادت بكين لتفعيل هذه الخدمة، مع تخفيف قيود الاستيراد وتوسيع البنية التحتية، بما في ذلك افتتاح خزائن جديدة في هونج كونج .

هل تكون الصين "خزينة الذهب" الجديدة للعالم؟.. طموح يتزامن مع صعود المعدن الأصفر

لماذا الآن؟

السياق الجيوسياسي لعب دوراً حاسماً. بعد أن جمد الغرب نحو 300 مليار دولار من الأصول الروسية عقب غزو أوكرانيا عام 2022، بدأت العديد من الدول بالبحث عن بدائل لتخزين أصولها خارج النفوذ الغربي. الذهب، بكونه أداة تحوط تقليدية ضد التضخم وعدم الاستقرار، عاد إلى دائرة الضوء، حيث بلغت مشتريات البنوك المركزية العالمية 1037 طناً في 2022، وهو أعلى مستوى منذ عام 1967 .

ما الأهداف الصينية؟

  1. تقليل الاعتماد على الدولار: عبر تشجيع الدول على تخزين الذهب في الصين، تسعى بكين إلى تدويل اليوان وتعزيز مكانته كعملة احتياطية.
  2. بناء تحالفات اقتصادية: تقديم خدمات الحفظ يعزز العلاقات المالية مع الدول الصديقة، خاصة في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.
  3. التأثير في تسعير الذهب: من خلال امتلاك مركز بديل لتخزين الذهب، تستطيع الصين لعب دور أكبر في تحديد الأسعار العالمية.
  4. تحويل الذهب إلى أداة دبلوماسية: تماماً كما فعلت بريطانيا والولايات المتحدة من قبل، يمكن للذهب أن يصبح وسيلة لكسب الثقة وتوطيد العلاقات الاقتصادية .

هل تواجه الصين تحديات؟

بالتأكيد. فثقة المستثمرين والبنوك المركزية لا تكتسب بين عشية وضحاها. ولطالما كانت لندن ونيويورك تتمتعان بسمعة قانونية ومالية قوية، وببنية تحتية عالمية المستوى. بينما لا تزال الصين تواجه شكوكاً حول:

  • احترام حقوق الملكية وسيادة القانون.
  • السيولة المالية مقارنة بالأسواق الغربية.
  • الوصول السهل والسريع إلى الاحتياطيات في الأزمات.
  • الانطباع السياسي بأن الذهب قد يكون عرضة للضغوط الجيوسياسية.

يقول أدريان آش، من شركة "بوليون فولت": "الصين تفتقر إلى سوق مصرفية للسبائك، وتحتاج إلى تخفيف قيود تصدير الذهب لجعل الأسعار المحلية أقرب إلى العالمية" .

هل هناك اهتمام فعلي؟

نعم، هناك بوادر اهتمام. تقارير تشير إلى أن دولة واحدة على الأقل من جنوب شرق آسيا تدرس تخزين جزء من احتياطياتها الذهبية في الصين، وقد يكون ذلك مرتبطاً بمشروع "mBridge" للمدفوعات الرقمية عبر الحدود، الذي تدعمه الصين .

ماذا يعني ذلك لأسواق الذهب؟

  • ارتفاع محتمل في الأسعار، إذا ما ازداد الطلب من البنوك المركزية.
  • تعدد مراكز التسعير، مما قد يؤدي إلى فروقات أسعار بين الأسواق.
  • تنويع المخاطر للدول التي تخشى تجميد أصولها في الغرب.
  • تعزيز مكانة الصين كمركز مالي عالمي، ينافس الغرب على أصعدة متعددة.

خاتمة

لا تسعى الصين فقط إلى حفظ الذهب، بل إلى حفظ النفوذ. فبينما تتجه الدول إلى إعادة النظر في مكان تخزين ثرواتها، تقدم بكين نفسها كخيار استراتيجي جديد، مستفيدة من صعود الذهب وتزايد الحذر من الهيمنة الغربية. لكن الطريق لا يزال طويلاً، والثقة هي العملة الأثمن في هذا السوق.

المصادر المباشرة:

الوسوم

الصين | الذهب | الاحتياطيات | الدولار | البنوك المركزية

النشرة البريدية

تعليقات

الموضوعات الأكثر قراءة في" علىّْ الدين الإخباري"

من الذهب إلى النفط.. 10 دول أفريقية تجهز القارة لقيادة الاقتصاد العالمي في 2025

تريليون دولار فائض تجاري.. الصين تعيد توجيه بوصلة الصادرات وتتحدى الضغوط الأميركية

الكونجرس الأمريكي يتحرك لكبح جماح ترامب.. هل تتحول فنزويلا إلى ساحة حرب جديدة؟