من جلوبال أى إلى بحر الصداقة: رسائل القاهرة العسكرية التي تربك تل أبيب
في خطوة تقرأ بين سطورها كرسائل مزدوجة التوجيه، تتقدم مصر على جبهتين عسكريتين لا تخلوان من الدلالات الاستراتيجية: الأولى في الجو عبر مفاوضاتها مع السويد لاقتناء طائرات الإنذار المبكر جلوبال أى "GlobalEye"، والثانية في البحر باستئناف مناورات "بحر الصداقة" مع تركيا بعد 13 عامًا من التجميد. وفيما تبدو كل خطوة منفصلة، فإن قراءة الاثنتين معًا تكشف أن القاهرة تعيد رسم قواعد الاشتباك الإقليمي، فتربك حسابات تل أبيب التي وجدت نفسها بين مطرقة رادار مصري بعيد المدى وسندان تعاون بحري تركي-مصري متصاعد.
جلوبال أى: عين في السماء تقلق الإسرائيليين
وفقًا لما أوردته صحيفة ناتسيف نت الإسرائيلية، فإن مصر تجري مفاوضات متقدمة مع السويد لشراء منظومة "جلوبال أى" للإنذار المبكر، وهي منصة جوية مبنية على طائرة "GlobalExpress 6000" وتحمل رادار "إريكسون" بمدى كشف يصل إلى 450 كيلومتراً، قادراً على تتبع الطائرات المسيرة وصواريخ كروز والأهداف البحرية الصغيرة.
ورغم أن التقرير يزعم أن مصر "تخدع" واشنطن بإيهامها أن أسطولها الحالي من طائرات الإنذار المبكر أوشك على التقاعد، إلا أنه يقر بجدية المفاوضات، مؤكدًا أن وفدًا عسكريًا مصريًا رفيعًا زار جناح شركة "ساب" السويدية في معرض باريس الجوي يونيو 2025، وأبدى اهتمامًا كبيرًا بالمنصة، التي يُمكن أن تمنح القاهرة قدرة استباقية على رصد الحركة الجوية الإسرائيلية فوق شرق المتوسط وسيناء.
رسالة مبطنة:
إذا ما تمت الصفقة، ستصبح مصر أول دولة عربية تمتلك منظومة إنذار مبكر سويدية، ما يمنحها تفوقاً استخبارياً جوياً يقلق تل أبيب، خصوصًا في ظل التوترات المتكررة حول غزة والحدود الجنوبية.
بحر الصداقة: رسالة بحرية موجهة إلى تل أبيب
في التوقيت نفسه تقريبًا، استأنفت مصر وتركيا مناورات "بحر الصداقة" في شرق المتوسط بين 22 و26 سبتمبر 2025، بعد انقطاع دام 13 عامًا. وتضمنت التدريبات مشاركة قطع بحرية وطائرات من الجانبين، في منطقة حساسة تقع بين المياه الاقتصادية لقبرص وغزة وإسرائيل.
ويرى الخبير في الشؤون الأمنية محمد مخلوف أن المناورات "ليست مجرد تدريب بحري، بل رسالة ردع مباشرة لإسرائيل بسبب عربدتها في المنطقة ومخالفتها للاتفاقيات الدولية"، مضيفًا أن "التنسيق المصري التركي يعيد صياغة موازين القوى في المتوسط، ويُقلص من الهامش الإسرائيلي في المناورة بين الأطراف الإقليمية".
من جهته، قال السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، إن "التعاون الأمني والعسكري بين القاهرة وأنقرة تجاوز مرحلة التحسن الدبلوماسي إلى مرحلة الردع المشترك، ما يعد تحولاً استراتيجياً في مواجهة العدوانية الإسرائيلية".
رسالة مبطنة:
مصر التي تحسن العزف على أكثر من وتر إقليمي، ترسل بمناوراتها مع تركيا إشارة إلى أنها ليست معزولة، وأن لديها أوراقا بديلة في مواجهة أي تهديد بحري إسرائيلي محتمل، خصوصًا في منطقة غاز شرق المتوسط.
قراءة متقاطعة: ما بين الجو والبحر
إذا جمعنا بين الخطوتين، نجد أن مصر تُعيد ترتيب أوراقها العسكرية على النحو التالي:
| الجبهة | الأداة | الرسالة |
|---|---|---|
| الجو | GlobalEye | قدرة استباقية على رصد التحركات الجوية الإسرائيلية فوق سيناء وغزة |
| البحر | بحر الصداقة مع تركيا | تطويق بحري مشترك لأي تهديد إسرائيلي في المتوسط الشرقي |
وبالتالي، فإن مصر لا تشتري مجرد طائرة أو تجري مناورة، بل تعيد رسم معادلات الردع الإقليمي، فتقلص من الهامش الإسرائيلي في كل من الجو والبحر، دون أن تعلن عن مواجهة مباشرة.
مصادر مباشرة:
- إعلام عبري: مصر تضع عينها على طائرة عسكرية تربك حسابات إسرائيل
- مصر وتركيا تتحدان بأكبر قوتين في المنطقة… رسائل عسكرية من أنقرة والقاهرة لتل أبيب
- مناورات للجيشين المصري والتركي تقلق إسرائيل… مسؤول سابق يعلّق لـ RT على تحركات القاهرة وأنقرة
خلاصة:
بين جلوبال أى في السماء وبحر الصداقة على السطح، ترسل مصر رسائل واضحة: أنها ليست في وارد الرد بالشجب، بل في صدد بناء قدرة استباقية تقلق من يفكر في تجاوز الخطوط الحمراء.
الوسوم
مصر | GlobalEye | تركيا | بحر-الصداقة | ردع-إسرائيل

تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار