مصر تطرح إنشاء "ناتو عربي" ولبيد يصفه بالضربة الموجعة
تقارير عن مبادرة عسكرية عربية موحدة تثير قلق إسرائيل وتعيد تعريف التحالفات الإقليمية
في تطور سياسي وأمني مهم، أعادت مصر طرح فكرة إنشاء قوة عربية مشتركة على غرار حلف الناتو، وذلك ردا على التصعيد الإسرائيلي الإقليمي الأخير الذي شمل الهجوم على الدوحة. هذا المقترح الذي لاقى ترحيباً عربياً، أثار ردود فعل غاضبة في إسرائيل، حيث وصفه زعيم المعارضة يائير لبيد بأنه "ضربة موجعة لاتفاقيات السلام" مع الدول العربية.
خلفية المقترح المصري
يعود المقترح المصري إلى ما يقرب من عقد من الزمان، عندما طرح الرئيس عبد الفتاح السيسي فكرة إنشاء قوة عربية مشتركة بهدف حفظ وصيانة الأمن القومي العربي. وفي 29 مارس 2015، وافق مجلس جامعة الدول العربية على هذا المقترح.
جاءت المبادرة المصرية في سياق تصاعد التهديدات الأمنية في المنطقة آنذاك، خاصة مع تنامي نفوذ تنظيمات مثل "داعش" وانهيار دول عربية. لكن القوة العربية المشتركة لم تر النور عملياً بسبب غياب التوافق الاستراتيجي بين الدول العربية المحورية، وضعف آليات التنفيذ والتمويل، والحساسيات السياسية والأمنية بين الأطراف.
الهجوم الإسرائيلي على الدوحة: القشة التي قصمت ظهر البعير
شنت إسرائيل هجوماً غير مسبوق على العاصمة القطرية الدوحة يوم الثلاثاء الماضي، مستهدفة اجتماعاً للوفد التفاوضي لحركة حماس. وعلى الرغم من فشل عملية الاغتيال، فإن الهجوم قوبل بموجة تنديد دولي وعربي واسعة.
وفقاً لتقارير إعلامية، قررت القاهرة خفض التنسيق مع إسرائيل حتى إشعار آخر، وذلك في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على قطر. كما ذكرت صحيفة "الأخبار" اللبنانية أن مصر "تسعى لاستعادة دعم الموقف العربي لإطلاق قوة عربية مشتركة تكون قادرة على التحرك لحماية أي دولة عربية تتعرّض لاعتداء".
تفاصيل المقترح المصري للقوة العربية المشتركة
تعمل مصر عبر أذرعها العسكرية على صياغة مقترحات لآلية عمل القوة المشتركة، بحيث تتيح استخدامها عند الضرورة. وتشمل الخطة المقترحة:
· تشكيل القوة بما يتناسب مع التعداد السكاني للدول العربية وقواتها المسلحة.
· مراعاة التوازنات الإقليمية والسياسية في التشكيل، بما في ذلك إشراك عسكريين من دول مثل المغرب والجزائر.
· تقسيم مناصب القيادة، حيث ترغب مصر في الاحتفاظ بالقيادة الأولى مع منح المنصب الثاني للسعودية أو إحدى دول الخليج.
· مساهمة مصرية بنحو 20 ألف مقاتل من جيشها في القوة العسكرية المشتركة.
تسعى مصر أيضاً إلى الاستفادة من هذا المقترح في تسريع تطوير وتزويد جيشها بأحدث الأسلحة، على افتراض أن يكون قائد القوة رئيس أركان الجيش المصري أو ضابطاً برتبة فريق.
رد الفعل الإسرائيلي: لبيد يهاجم الحكومة ويحذر من العزلة الدولية
هاجم زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد المقترح المصري بشدة، معتبراً إياه "ضربة موجعة لاتفاقيات السلام" و"مساساً خطيراً بأمن إسرائيل". وقال لبيد في تغريدة على منصة "إكس":
"هذه الضربة جاءت مباشرة بعد الضربة الموجعة لاتفاقيات إبراهيم، والتي جاءت مباشرة بعد تصويت الأغلبية الساحقة من الدول الحليفة لإسرائيل لصالح إقامة دولة فلسطينية".
ولم يوجه لبيد انتقاداته للدول العربية فقط، بل هاجم حكومة نتنياهو بشدة قائلاً: "لقد زعزعت هذه الحكومة مكانتنا الدولية. مزيج قاتل من اللامسؤولية والهواة والغطرسة يمزقنا في العالم. يجب استبدالهم قبل فوات الأوان".
جاءت انتقادات لبيد في سياق تحذيرات أوسع من تدهور صورة إسرائيل دولياً، حيث أشار إلى استطلاع أجرته وكالتا "رويترز" و"إبسوس" أظهر أن:
· 59% من الأمريكيين يرون أن الرد العسكري الإسرائيلي على غزة كان مبالغاً فيه.
· 65% من المشاركين يطالبون الولايات المتحدة باتخاذ إجراءات ملموسة لمساعدة سكان غزة في مواجهة الجوع.
التحديات التي تواجه القوة العربية المشتركة
رغم الدعم المصري والدعوات العربية للمقترح، فإن هناك عقبات تنفيذية كبيرة لا تزال تواجه إنشاء القوة العربية المشتركة، أبرزها:
· توقيت تدخلها وآلية تفعيلها.
· التمويل وآليات اتخاذ القرار.
· الحساسيات السياسية بين الدول العربية.
· التوازنات الإقليمية في تشكيل القيادة.
يدرك الدبلوماسيون المعنيون بصياغة إطار هذه القوة ضرورة تجنب تحول تشكيلها إلى إعلان حرب عربية على إسرائيل، قد تتخذ منه بعض الدول ذريعة للانخراط في مواجهة عسكرية مباشرة مع تل أبيب.
الآثار الإقليمية المحتملة
يمكن لمثل هذه القوة العربية المشتركة أن تعيد تعريف التحالفات الإقليمية وتوازن القوى في الشرق الأوسط. فإذا نجحت الدول العربية في التغلب على خلافاتها وإنشاء هذه القوة، فإن ذلك سيشكل:
· رداً على التوسع الإسرائيلي الإقليمي الذي شمل هجمات على إيران وغزة ولبنان وسوريا واليمن.
· تغييراً في المعادلة الأمنية التي هيمنت عليها إسرائيل لعقود.
· اختباراً حقيقياً للوحدة العربية في مواجهة التحديات المشتركة.
مستقبل المقترح والتوقعات
مع استمرار التشاورات العربية بشأن هذا التشكيل، وخصوصاً مع السعودية التي من المتوقع أن تكون ثاني أكبر مساهم في القوة، يبقى مصير المقترح مرهوناً بعدة عوامل:
· القدرة على تجاوز الخلافات العربية الداخلية.
· تطور الموقف الإسرائيلي واستمرار سياسة التصعيد الإقليمي.
· الموقف الدولي وخاصة موقف الولايات المتحدة من هذه المبادرة.
· الاستجابة الشعبية العربية للفكرة وقدرتها على حشد الدعم.
الخلاصة
مشروع القوة العربية المشتركة يمثل تحولاً محتملاً في الاستراتيجية العربية تجاه التحديات الأمنية الإقليمية، ورداً على التصعيد الإسرائيلي المتزايد. لكن نجاح هذا المشروع مرهون بقدرة الدول العربية على تجاوز خلافاتها ووضع إطار عملي للتنسيق العسكري والأمني.
أما في الجانب الإسرائيلي، فإن انتقادات لبيد الحادة تعكس أزمة سياسية عميقة وقلقاً متزايداً من العزلة الدولية، في وقت تشكل فيه التطورات الإقليمية تحدياً وجودياً لإسرائيل.
المصادر
-
سكاي نيوز عربية — لابيد: ما يتردد عن مقترح مصري لتشكيل قوة عربية "ضربة موجعة"
-
RT Arabic — قناة عبرية: لم يقتل أي قيادي في حماس بالغارة الإسرائيلية على الدوحة
-
i24NEWS — بعد هجوم الدوحة: هل ستنجح مصر بدفع مبادرتها لتحالف ناتو عربي؟
الوسوم
مصر | ناتو عربي | القوة العربية المشتركة | إسرائيل | يائير لبيد

تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار