نتنياهو يعترف بعزلة إسرائيل: ذعر في الأسواق وتحذيرات من انهيار اقتصادي

في تطور مفاجئ، أقر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للمرة الأولى بأن إسرائيل تواجه عزلة دولية متصاعدة بسبب استمرار الحرب في غزة، محذراً من تداعياتها الخطيرة على الاقتصاد الإسرائيلي. جاء هذا الاعتراف خلال مؤتمر للمحاسب العام في وزارة المالية بالقدس، حيث صرح نتنياهو بأن إسرائيل "تدخل في نوع من العزلة"، وأنها "ستضطر إلى التوجه نحو اقتصاد مكتفٍ ذاتياً".

تداعيات الاعتراف: هزة في البورصة وانتقادات حادة

تسببت تصريحات نتنياهو في ذعرٍ في الأسواق المالية الإسرائيلية، حيث شهدت بورصة تل أبيب تراجعاً حاداً في مؤشراتها الرئيسية. وانخفض مؤشر "تل أبيب 35" بنسبة 0.2%، ومؤشر "تل أبيب 90" بنسبة 1.3%، ومؤشر "تل أبيب 125" بنسبة 0.5%. كما انخفض مؤشر النفط والغاز بنحو 2%، ومؤشر العقارات 1.4%، مما يعكس حساسية المستثمرين لأي تهديد للشراكات التجارية الدولية.

ردود الفعل السياسية والاقتصادية:

· زعيم المعارضة يائير لابيد: وصف تصريحات نتنياهو بأنها "جنونية"، معتبراً أن العزلة ليست قدراً محتوماً بل هي نتاج سياسة خاطئة وفاشلة لنتنياهو وحكومته.
· رئيس اتحاد الصناعيين الإسرائيليين رون تومر: حذر من أن تحويل الاقتصاد إلى "اقتصاد مكتفٍ ذاتياً" سيكون كارثة تؤثر في مستوى المعيشة وتضعف القدرة على النمو والتصدير.
· منتدى التكنولوجيا المتقدمة: أكد أن قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي يعتمد على الاندماج بالأسواق العالمية، وأن العزلة تهدد ميزته التنافسية.

مظاهر العزلة الدولية: مقاطعة اقتصادية وخفض التبادل التجاري

تواجه إسرائيل موجة متصاعدة من المقاطعة الاقتصادية غير المعلنة، والتي تظهر من خلال:

· رفض شركات أوروبية التعامل مع شركات إسرائيلية، حيث أبلغت شركة فرنسية شركة إسرائيلية كبرى بأنها ستوقف التعامل معها بسبب سياسة تحظر التعامل مع دول تنتهك حقوق الإنسان.
· تأجيل أو إلغاء عقود تجارية، حيث توقف عميل أوروبي كبير عن تقديم طلبات لمصدر إسرائيلي لمنتجات التغليف منذ 4 أشهر، مبرراً ذلك بسياسة تمنع التعامل مع إسرائيل بسبب أفعالها في غزة.
· وقف تصدير الأسلحة من قبل دول غربية مثل بريطانيا وإسبانيا وكندا، وإعلان دول أخرى مثل فرنسا وأستراليا والنرويج عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال اجتماعات الأمم المتحدة.

تداعيات على القطاع الزراعي والاستهلاك المحلي:

كشف تقرير لوزارة الزراعة الإسرائيلية عن ركود الإنتاج الزراعي عند 4700 طن عام 2023، بزيادة طفيفة 4.4% فقط على مدى السنوات الماضية، بينما ينمو عدد السكان بنسبة 2% سنوياً. هذا الركود أدى إلى ارتفاع أسعار الفواكه والخضروات بنسبة 25% مقارنة بالأسعار العالمية، مما يهدد الأمن الغذائي في إسرائيل.

الخلفية الاقتصادية: عجز مالي ونفقات عسكرية متصاعدة

تتجه إسرائيل إلى زيادة العجز المالي إلى 5.2% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025، مقارنة بتقديرات سابقة بلغت 4.9%، بسبب زيادة الإنفاق العسكري للحرب المستمرة في غزة، ووافقت وزارة المالية على زيادة موازنة الجيش الإسرائيلي بمقدار 31 مليار شيكل (9.17 مليارات دولار) لتمويل العمليات العسكرية حتى نهاية 2025.

المستقبل: تحذيرات من "أوتاركية اقتصادية" وانهيار أوسع

حذر خبراء اقتصاديون من أن تحول إسرائيل نحو اقتصاد مغلق (أوتاركية) سيقودها إلى:

· انهيار قطاعات أساسية مثل الصناعات الدفاعية والتكنولوجية، التي تعتمد على الأسواق العالمية والاستثمار الأجنبي.
· تآكل مكانة إسرائيل الاقتصادية بسبب فقدان ثقة المستثمرين الدوليين، حيث تشير الأرقام إلى عجز مالي متضخم يتجاوز 5% من الناتج المحلي الإجمالي.
· تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، التي خلفت أكثر من 64,905 قتيلاً و164,926 جريحاً منذ أكتوبر 2023، مما يزيد من العزلة الدولية لإسرائيل.

الخلاصة: اعتراف متأخر وأسئلة مصيرية

اعتراف نتنياهو بالعزلة الدولية لإسرائيل يمثل منعطفاً تاريخياً في الخطاب الرسمي الإسرائيلي، لكنه جاء متأخراً بعد أشهر من التدهور الاقتصادي والدبلوماسي. الأسئلة المصيرية الآن هي: هل يمكن لإسرائيل أن تتحول إلى اقتصاد مكتفٍ ذاتياً دون أن تدفع ثمناً باهظاً من رفاهية مواطنيها ومستقبلهم؟ وكيف سيؤثر هذا التحول على علاقاتها الدولية على المدى الطويل؟ الإجابات تبدو غير مطمئنة في ضوء التحذيرات الاقتصادية والسياسية التي تواجهها الدولة العبرية.

المصادر:

الوسوم

العزلة الدولية | الاقتصاد الإسرائيلي | بورصة تل أبيب | نتنياهو | المقاطعة الاقتصادية

بحث في هذه المدونة الإلكترونية

علىّْ الدين الإخباري