أخبار مصر
التوتر النووي الثلاثي: إسرائيل بين مطرقة الاتفاق الأمريكي-الإيراني وسندان التحديات الإقليمية
مقدمة: تحولات استراتيجية تهدد توازن القوى
تشهد منطقة الشرق الأوسط تحولات جيوسياسية متسارعة، أبرزها التقارب المحتمل بين الولايات المتحدة وإيران حول الملف النووي، مما يثير قلقاً إسرائيلياً عميقاً من تداعيات هذا الاتفاق على أمنها ومصالحها الاقتصادية. في خضم هذا المشهد، تبرز إسرائيل كطرف يشعر بالعزلة، خاصة بعد استبعادها من زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة إلى المنطقة، والتي ركزت على تعزيز التحالفات مع دول خليجية.
تحول ترامب: من دعم إسرائيل إلى أولوية التفاوض مع إيران
أظهرت الأشهر الأخيرة تحولاً لافتاً في سياسة ترامب، الذي بدأ يركز على تحقيق "اتفاق سريع" مع إيران، وفقاً لتقارير إعلامية أمريكية وإسرائيلية. فقد صرح ترامب خلال زيارته إلى قطر: "نقترب ربما من إبرام اتفاق نووي دون الحاجة لعمل عسكري"، وهو ما فُسر في تل أبيب كمؤشر على استعداد واشنطن لتقديم تنازلات قد تهدد الأمن الإسرائيلي.
وأشارت تقارير "إن بي سي نيوز" إلى أن العلاقة بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تشهد "فتوراً ملحوظاً"، خاصة بعد استبعاد إسرائيل من الجولة الخليجية، مما دفع نتنياهو إلى تشكيل فريق أزمات لمواجهة التحديات الدبلوماسية المتزايدة.
العقوبات الاقتصادية: ورقة ضغط أمريكية تهدد مصالح إسرائيل
تُعد العقوبات الاقتصادية على إيران أحد أبرز أدوات الضغط الأمريكية، لكن إسرائيل تخشى من أن يستخدم رفعها كـ"جزرة" لإغراء طهران بالتوصل لاتفاق. فبعد تصريحات ترامب عن قرب الاتفاق، انخفضت أسعار النفط العالمية بنسبة 3%، متأثرة بتوقعات عودة النفط الإيراني إلى الأسواق.
من جهتها، أبدت إيران انفتاحاً غير مسبوق، حيث صرح وزير خارجيتها عباس عراقجي: "لم نمنع الوجود الاقتصادي للشركات الأمريكية في إيران"، في إشارة إلى رغبة طهران في جذب الاستثمارات مقابل تنازلات نووية. لكن إسرائيل ترى في هذا الانفتاح تهديداً، إذ قد يُعزز النفوذ الإيراني الإقليمي ويموّل أنشطتها العسكرية.
إستراتيجيات إسرائيلية: بين الضغط المباشر واللوبيات الأمريكية
لم تكتفِ إسرائيل بدور المتفرج، بل بدأت في تنفيذ إستراتيجيات متعددة، منها:
- التأثير على الإدارة الأمريكية: عبر اتصالات مكثفة بين نتنياهو ومسؤولي البيت الأبيض، مع تقديم قائمة مطالب تشمل تفكيك منشآت تخصيب اليورانيوم الإيرانية.
- الضغط عبر الكونغرس: بالاعتماد على تحالفاتها مع الجمهوريين لعرقلة أي اتفاق يُعتبر "متراخياً".
- الكشف الاستخباري: تقديم أدلة عن التقدم النووي الإيراني لإقناع واشنطن بضرورة التشدد.
لكن تقارير إسرائيلية أقرّت بأن تأثير هذه الجهود "محدود"، خاصة مع إصرار ترامب على تسريع المفاوضات.
التداعيات الإقليمية: إعادة تشكيل التحالفات وعزلة إسرائيل
لا تقتصر تداعيات الاتفاق المحتمل على الجانب النووي، بل تمتد إلى إعادة رسم خريطة التحالفات. فالتقارب الأمريكي-الإيراني قد يدفع دولاً عربية إلى تحسين علاقاتها مع طهران، مما يعمق عزلة إسرائيل. كما أن رفع العقوبات عن سوريا، الذي طالبت إسرائيل بعدم القيام به، يُنظر إليه في تل أبيب كخطر إضافي على أمنها.
من ناحية أخرى، يُخشى أن يؤدي تعافي الاقتصاد الإيراني إلى تعزيز دعم طهران لجماعات مثل "حزب الله" في لبنان والفصائل الفلسطينية، مما يزيد التوترات على حدود إسرائيل.
مستقبل غامض: هل يمكن التوفيق بين المصالح المتضاربة؟
رغم المحاولات الأمريكية لطمأنة إسرائيل، مثل تصريحات وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو عن "الالتزام التاريخي بأمن إسرائيل"، تبدو المصالح متضاربة. فإيران تصر على رفع العقوبات فوراً كشرط لأي تفاوض، بينما تطالب إسرائيل بتفكيك كامل للبرنامج النووي الإيراني.
السؤال المركزي الآن: هل ستنجح الدبلوماسية الأمريكية في تحقيق معادلة توازن بين الطرفين؟ أم أن المنطقة مقبلة على موجة جديدة من عدم الاستقرار، خاصة مع تصاعد الحديث عن "صفقة كبيرة" قد تغير قواعد اللعبة الإقليمية؟
خاتمة: المنطقة على مفترق طرق
الشرق الأوسط اليوم على أعتاب تحولات تاريخية، حيث تعيد الولايات المتحدة حساباتها لتحقيق مصالحها، بينما تواجه إسرائيل تحديات وجودية. الاتفاق النووي الأمريكي-الإيراني، إن تحقق، قد يعيد تعريف التحالفات ويغير موازين القوى، لكنه قد يفتح أيضاً الباب لصراعات جديدة، في منطقة تعج بأجندات متشابكة ومتنافسة.
المصادر:
- سكاي نيوز عربية: قلق إسرائيلي من اتفاق نووي "سريع" بين أميركا وإيران
- الجزيرة نت: قلق إسرائيلي وتطمينات أميركية بشأن قرب الاتفاق حول نووي إيران
- عربي21: قلق إسرائيلي من التقدم السريع في محادثات إيران النووية مع واشنطن
المقال يعكس تحليلاً لموقف معقد ومتطور، مع الإشارة إلى مصادر موثوقة لتوثيق المعلومات.
للاستماع للبودكاست اضغط هــنــا
الوسوم
إيران النووي | إسرائيل | الاتفاق الأمريكي الإيراني | العقوبات الاقتصادية | الشرق الأوسط
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار