بين المحادثات والفائدة: لماذا صعد النفط وهبط الذهب؟
تحركت الأسواق العالمية يوم الأربعاء في اتجاهين متعاكسين: صعدت أسعار النفط مع تجدد الآمال في تهدئة التوتر التجاري بين واشنطن وبكين، بينما تراجع الذهب متأثراً بتحسن شهية المخاطر وانتظار الأسواق لإشارات جديدة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي. هذا التباين يسلط الضوء على الدور المزدوج الذي تلعبه السياسة التجارية والسياسة النقدية في إعادة تشكيل أولويات المستثمرين عالمياً.
محور الارتفاع: أسعار النفط تعكس تفاؤلاً محدوداً
-
المحادثات التجارية الأمريكية الصينية:
أعلنت الولايات المتحدة والصين عن عقد محادثات في سويسرا نهاية الأسبوع، مما عزز الآمال باحتواء الحرب التجارية التي أضرت بالطلب العالمي على الطاقة. وفقًا لخبراء "آي إن جي"، ساهمت هذه الأنباء في ارتفاع خام برنت بنسبة 0.7% ليصل إلى 62.59 دولاراً للبرميل، بينما صعد خام غرب تكساس الوسيط إلى 59.59 دولاراً . -
تراجع الإنتاج الأمريكي:
أعلنت شركات مثل "دايموندباك إنرجي" و"كوتيرا إنرجي" عن خفض أنشطة الحفر بسبب انخفاض الأسعار الأخير، وهو ما قد يقلص الإنتاج الأمريكي بنحو 800 ألف برميل يوميًا بحلول نهاية 2025. وأشار محللون إلى أن هذا التراجع قد يدعم الأسعار على المدى المتوسط . -
انخفاض المخزونات:
كشفت بيانات معهد البترول الأمريكي عن انخفاض المخزونات بمقدار 4.5 مليون برميل الأسبوع الماضي، بينما تتوقع الحكومة الأمريكية انخفاضاً قدره 800 ألف برميل، مما يضغط على المعروض .
تأثير مخزونات النفط الأمريكية على الأسعار
انخفاض المخزونات
(الأسبوع الماضي)
التوقعات الرسمية
(برميل)
الوجه الآخر: تراجع الذهب مع تحسن المخاطر
-
التفاؤل التجاري يقلص الطلب على الملاذ الآمن:
انخفض الذهب الفوري بنسبة 1.3% ليصل إلى 3,383.88 دولار للأوقية، بينما تراجعت العقود الآجلة للذهب الأمريكي بنحو 1% إلى 3,391.80 دولار. يعزو المحللون هذا التراجع إلى تحسن معنويات السوق مع أنباء المحادثات التجارية، مما قلل الحاجة إلى الأصول الآمنة . -
تأثير سياسة الفيدرالي:
من المتوقع أن يبقي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة دون تغيير، مع تركيز المستثمرين على تصريحات رئيس البنك "جيروم باول" حول التوقيت المحتمل لتخفيضات الفائدة. الذهب، الذي يعتبر تحوطاً ضد التضخم، يتأثر سلباً بأسعار الفائدة المرتفعة، لكن التوقعات بتخفيضات لاحقة قد تدعمه لاحقًا . -
العوامل الجيوسياسية:
رغم التوترات بين الهند وباكستان بعد تبادل الضربات الصاروخية، لم يحدث ذلك تأثيراً كبيرًا على الذهب، حيث طغت الأخبار الإيجابية حول التجارة على المخاوف الجيوسياسية .
الربط بين النفط والذهب: علاقة معقدة
-
التضخم وأسعار الفائدة:
يؤثر ارتفاع أسعار النفط في التضخم، مما قد يدفع البنوك المركزية إلى رفع الفائدة. وهذا بدوره يضعف الطلب على الذهب كأصل غير منتج للعائد. مع ذلك، إذا أدت زيادة التضخم إلى تخفيضات فائدة مستقبلية، قد يعود الذهب للارتفاع . -
الدولار الأمريكي:
كلا السلعتين تتأثران بقوة الدولار. فانخفاض الدولار يجعل النفط والذهب أرخص للمشترين بالعملات الأخرى، لكن الذهب أكثر حساسية للتقلبات النقدية بسبب دوره كملاذ آمن . -
السياق الاقتصادي العالمي:
في فترات النمو الاقتصادي، يرتفع الطلب على النفط بينما يتراجع الذهب على العكس تماماً، في أوقات الركود، يعكس الذهب قوته كتحوط، بينما يتراجع النفط .
مقارنة تطور أسعار النفط (برنت) والذهب الفوري
خام برنت
62.59$ (+0.7%)
الذهب الفوري
3,383.88$ (-1.3%)
علاقة الدولار الأمريكي بأسعار النفط والذهب
(حساسية عالية)
(حساسية متوسطة)
(-0.5% هذا الأسبوع)
التوقعات المستقبلية
- النفط: قد تستمر الأسعار في التعافي إذا حققت المحادثات التجارية تقدماً ملموساً، لكن زيادة إنتاج "أوبك+" (411 ألف برميل يوميًا بحلول يونيو) تشكل خطراً .
- الذهب: قد يشهد ضغطاً قصير الأجل مع تحسن المخاطر، لكن التوقعات بتخفيضات الفائدة ابتداءً من يوليو قد تعيد الزخم الإيجابي .
خاتمة
تظهر التحركات الأخيرة في أسعار النفط والذهب كيف يمكن لتصريحات سياسية أو تلميحات نقدية أن تعيد رسم خريطة السوق في ساعات. المستثمرون لا يتعاملون فقط مع أسعار، بل مع رسائل مضمونة أو محتملة من صناع القرار. ارتفاع النفط يعكس ثقة محدودة في تحسّن العلاقات التجارية، بينما تراجع الذهب يشير إلى استعداد مؤقت لتجاوز المخاوف. لكن أي تحول مفاجئ في لهجة الفيدرالي أو تصعيد جيوسياسي كافٍ لعكس الاتجاهات من جديد.
المصادر:
- ارتفاع أسعار النفط مع ترقب محادثات التجارة
- تأثير السياسة النقدية على الذهب
- بيانات مخزونات النفط الأمريكية
- تقلص الإنتاج الأمريكي
- زيادة إنتاج أوبك+
للاستماع للبودكاست اضغط هــنــا
الوسوم
النفط | الذهب | الفيدرالي الأمريكي | المحادثات التجارية | أسعار الفائدة
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار