الدولار والذهب: تناغم غريب في ظل توترات تجارية وجيوسياسية
في مشهد اقتصادي يحاكي المفارقات، شهدت الأسواق العالمية في 9 مايو 2025 ارتفاعاً متزامناً للدولار الأميركي والذهب، متحديَين العلاقة العكسية التقليدية بينهما. فبينما عززت آمالُ حل النزاعات التجارية من قوة العملة الأمريكية، دفعَت التوتراتُ الجيوسياسية والمخاوف التضخمية المستثمرين إلى اللجوء للذهب كملاذ آمن. كيف تفسر هذه الظاهرة؟ وما العوامل التي جمعت بين صعود عملة وأصغر في آن واحد؟
الدولار الأميركي: رياح التفاؤل التجاري تدفعه للأعلى
بحلول 9 مايو 2025، سجل الدولار مكاسب أسبوعية مقابل معظم العملات الرئيسية، بدعمٍ من إعلان اتفاق تجاري محدود بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وتفاؤل بإمكانية تسوية الخلافات مع الصين عبر محادثات في سويسرا. ووصل مؤشر الدولار (DXY) إلى 100.3932، رغم انخفاض طفيف عن الجلسة السابقة.
العوامل الداعمة:
- المحادثات التجارية: أثار الاتفاق مع بريطانيا، الذي شمل تخفيض رسوم السيارات وفتح الأسواق الزراعية، آمالاً بتكرار النموذج مع الصين.
- سياسة الفيدرالي: تراجعت توقعات خفض أسعار الفائدة بعد تصريحات رئيس الفيدرالي جيروم باول التي أكدت على "حالة عدم اليقين"، مما دعم جاذبية الدولار.
- ضعف العملات المنافسة: هبط اليورو إلى 1.1197 دولار (أدنى مستوى شهري)، بينما تراجع الين الياباني بسبب تحسن شهية المخاطرة مع صعود البيتكوين فوق 100 ألف دولار.
الذهب: الملاذ الآمن يتحدى منطق السوق
في الجانب الآخر، قفز سعر الذهب الفوري إلى 3,326.99 دولار للأونصة، مسجلاً مكاسب أسبوعية بنسبة 2.5%، رغم قوة الدولار أحياناً.
محركات الصعود:
- التوترات الجيوسياسية: تصاعدت المخاوف من مواجهات بين الهند وباكستان بعد تقارير عن هجمات بطائرات مسيرة على طول الحدود.
- شراء البنوك المركزية: زادت حكومات من احتياطياتها الذهبية تحسباً لموجة تضخم عالمية محتملة.
- ضعف الدولار المحدود: في فترات تراجع العملة الخضراء، انطلق الذهب كبديلٍ للمستثمرين الهاربين من المخاطر.
العلاقة المعقدة: لماذا ارتفع الاثنان معاً؟
عادة، يرتبط الذهب والدولار بعلاقة عكسية: فقوة الأخير تجعل الأول أغلى بالنسبة لحاملي العملات الأخرى. لكن في مايو 2025، اجتمعت عوامل نادرة كسرت هذه القاعدة:
- التضخم كعامل مشترك: مع تصاعد مخاوف ارتفاع الأسعار عالمياً، لجأ المستثمرون للذهب كغطاء، بينما عزز الفيدرالي موقف الدولار عبر تشديد السياسة النقدية.
- السياق الجيوسياسي المزدوج: التفاؤل التجاري دعم الدولار، لكن التوترات الإقليمية (مثل الهند وباكستان) حفزت الطلب على الذهب.
- تدخلات البنوك المركزية: اشترت الحكومات الذهب بكميات قياسية كتحوط ضد تقلبات العملات، مما خلق طلباً مستمراً بغض النظر عن تحركات الدولار.
توقعات مستقبلية: إلى أين تتجه الأسواق؟
- الدولار: تشير توقعات Long Forecast إلى استقرار مؤشر DXY حول 100-102 مع احتمالية صعودية حال تفاقم التوترات.
- الذهب: يتوقع CoinCodex وصول السعر إلى 3,797 دولاراً بحلول يونيو 2025، مدعوماً بشراء البنوك المركزية واستمرار عدم اليقين.
الخلاصة
المشهد الحالي يثبت أن الأسواق المالية ليست معادلات رياضية ثابتة، بل ساحة تتقاطع فيها العوامل الاقتصادية مع السياسية والنفسية. ففي مايو 2025، نجح الذهب والدولار في الرقص معاً تحت سقف واحد، بفضل مزيج من التفاؤل التجاري والقلق الجيوسياسي، مما يذكرنا بأن القواعد تكسر حين تتضافر الظروف الاستثنائية.
المصادر
- بيانات مؤشر الدولار (DXY) - Trading Economics
- أسعار الذهب التاريخية - Trading Economics
- توقعات سعر الذهب - CoinCodex
- تحليل صعود الذهب - Reuters
- توقعات مؤشر الدولار - Long Forecast
الرسوم البيانية مستوحاة من بيانات المصادر المذكورة.
للاستماع للبودكاست اضغط هــنــا
الوسوم
الذهب | الدولار الأمريكي | التوترات الجيوسياسية | الفيدرالي الأمريكي | الأسواق العالمية
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار