تحويلات الخليج تتجاوز 130 مليار دولار.. لماذا تراجعت رغم الصدارة العالمية؟

مدة القراءة: 3 دقائق

في اقتصاد عالمي يعتمد على التدفقات المالية بين الدول، تبرز دول مجلس التعاون الخليجي كقوة محركة لتحويلات العمالة الوافدة، حيث بلغت قيمة الأموال التي أرسلها العاملون إلى أوطانهم 131.5 مليار دولار عام 2023، وفقاً لأحدث تقرير صادر عن المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون. ورغم تراجع طفيف بنسبة 0.4% مقارنة بعام 2022، حافظت دول الخليج على موقعها كأكبر مصدر للتحويلات العالمية، متقدمةً على الولايات المتحدة. فما أسباب هذا التفوق؟ وما الذي يكشفه هذا الرقم عن الاقتصادات الخليجية والعلاقات الدولية؟

تحويلات الخليج تتجاوز 130 مليار دولار.. لماذا تراجعت رغم الصدارة العالمية؟

الخليج: القلب النابض لتحويلات العمالة العالمية

تشكل دول المجلس (السعودية، الإمارات، الكويت، قطر، البحرين، عُمان) نقطة جذب رئيسية للعمالة الأجنبية، حيث يعتمد اقتصادها على ملايين الوافدين في قطاعات مثل البناء، الصحة، والخدمات. ووفق التقرير، تفوقت دول الخليج مجتمعةً على الولايات المتحدة (المرتبة الثانية) في حجم التحويلات الصادرة، وهو إنجاز يعكس:

  • التركيبة السكانية الفريدة: يشكل الوافدون ما يصل إلى 70% من سكان بعض دول الخليج، وفق تقديرات رسمية.
  • الاعتماد على العمالة في خطط التنمية: مثل رؤية السعودية 2030 ومشاريع البنى التحتية العملاقة.
  • الرواتب التنافسية: خاصة في قطاعات الطاقة والتكنولوجيا.
مقارنة تحويلات الخليج والولايات المتحدة 2023

لماذا انخفضت التحويلات بشكل طفيف؟

سجلت التحويلات تراجعاً قدره 0.5 مليار دولار عام 2023، بعد نمو قوي بنسبة 9.2% و3.8% في عامي 2021 و2022 على التوالي. ويرجع الخبراء هذا الانخفاض إلى:

  1. تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي: أثر على قدرة العمال على الادخار، خاصة مع ارتفاع التضخم.
  2. تقلبات أسعار النفط: انخفاض إيرادات النفط في بعض الفترات قلل من فرص التوظيف وزيادة الرواتب.
  3. تغييرات سياسية: مثل السماح للوافدين في السعودية باستقدام عائلاتهم، ما قد يوجه جزءاً من الدخل للإنفاق المحلي بدلاً من التحويلات.
  4. التحول نحو القنوات غير الرسمية: بسبب ارتفاع تكاليف التحويلات الرسمية وتقلبات أسعار الصرف.

التحويلات كنسبة من الناتج المحلي: مؤشر للتذبذب

أظهر التقرير تبايناً في نسبة التحويلات من إجمالي الناتج المحلي لدول الخليج:

نسبة التحويلات من الناتج المحلي
السنة نسبة التحويلات من الناتج المحلي
2020 8.1%
2022 6.0%
2023 6.2%

ويفسر هذا التذبذب بعاملين رئيسيين:

  • ارتفاع الناتج المحلي: بسبب تحسن أسعار النفط ومشاريع التنويع الاقتصادي.
  • زيادة عدد الوافدين: مع انطلاق مشاريع جديدة مثل "نيوم" و"مشروع القدية" في السعودية.

الأهمية الاقتصادية: شريان حيوي للدول المرسلة والمستقبلة

  • لدول الخليج: تُعد التحويلات تدفقاً لرأس المال إلى الخارج، لكنها تعكس اعتماداً على العمالة الوافدة التي تدعم النمو.
  • للدول المستقبلة (مثل الهند، مصر، باكستان، الفلبين): تشكل هذه الأموال مصدر دخل حيوي، حيث تفوق قيمتها الاستثمارات الأجنبية والمساعدات في بعض الدول.
  • عالمياً: وفق البنك الدولي، ساهمت تحويلات الخليج في تعزيز الاستقرار الاقتصادي للدول النامية، خاصة خلال الأزمات.

مستقبل التحويلات: بين التحديات والفرص

يتوقع خبراء استمرار تحويلات الخليج في الهيمنة عالمياً، لكنها قد تواجه تحديات مثل:

  • الاستثمار في التكنولوجيا: خفض تكاليف التحويلات عبر منصات رقمية.
  • سياسات توطين الوظائف: كما في "السعودة" و"الإمارنة"، والتي قد تقلل أعداد الوافدين على المدى الطويل.
  • المنافسة من دول أخرى: مثل الصين وتركيا في جذب العمالة.

الخلاصة

رغم الانخفاض الطفيف، تظل تحويلات العاملين في الخليج قوة اقتصادية عالمية لا يستهان بها، تعكس عمق الارتباط بين اقتصادات الدول المصدرة والمستقبلة. ومع تحول دول المجلس نحو تنويع اقتصاداتها، قد تشهد هذه التدفقات تحولات جديدة، لكنها ستستمر كشاهد على الدور الحيوي للعمالة الوافدة في صناعة مستقبل المنطقة.

المصادر

  1. التقرير الكامل للمركز الإحصائي لدول مجلس التعاون
  2. تقرير البنك الدولي حول التحويلات العالمية 2024
  3. تحليل وكالة أنباء الإمارات حول التحويلات
  4. تغطية جريدة عمان أوبزرفر

للاستماع للبودكاست اضغط هــنــا 


Share/Bookmark

تحويلات العاملين | الاقتصاد الخليجي | العمالة الوافدة | التحويلات المالية | تأثير أسعار النفط

النشرة البريدية

تعليقات

الموضوعات الأكثر قراءة في" علىّْ الدين الإخباري"

واشنطن تفاوضت مع حماس مباشرة.. وروبيو يكشف موقفها الحقيقي

خسارة تريليون دولار تهز ناسداك.. أسوأ يوم للأسواق منذ 2022

الذهب يصعد والدولار يتراجع.. كيف تؤثر التقلبات الاقتصادية على الأسواق العالمية؟