صدمة أسعار الكتاكيت: انهيار بنسبة 82% يهدد بموجة غلاء جديدة للدواجن
القاهرة - 25 يوليو 2025
شهدت أسواق الدواجن المصرية خلال الأسابيع الماضية تطورا مثيرا لأذهان المستهلكين والمتخصصين على حد سواء: انهيار حاد في سعر كتكوت التسمين بنسبة 82%، ليسجل حوالي 10 جنيهات فقط يوم الأربعاء الماضي، مقارنة بمستويات قياسية بلغت 55-60 جنيها للكتكوت الواحد خلال الربع الأول من هذا العام وحتى الشهر الماضي. هذا الانخفاض الصاروخي، رغم كونه بشرى للمربين على المدى القريب، يحمل في طياته تحذيرات من أزمة معروض وشيكة قد تعيد الأسعار للمستويات القياسية مجددا.
المشهد الحالي: من أزمة نقص إلى فائض مفاجئ
- الانخفاض التاريخي: وفقا لتأكيدات لعاملين في القطاع لصحيفة "الشروق"، هبط سعر كتكوت التسمين من 55 جنيهاً في يونيو/يوليو إلى 10 جنيهات فقط في تعاملات 23 يوليو.
- خلفية الأزمة السابقة: عانت مصر في بداية العام من أزمة حادة في توفير كتاكيت التسمين، أدت إلى ظهور سوق سوداء وارتفاع جنوني في الأسعار وصل لـ65 جنيهاً للكتكوت، نتيجة شح العملة الأجنبية واختلال سلاسل إمداد "الجدود" و"الأمهات" وبيض التفريخ.
| الشهر | السعر (جنيه مصري) |
|---|---|
| يناير | 55 |
| فبراير | 60 |
| مارس | 58 |
| يونيو | 55 |
| 23 يوليو | 10 |
مسار سعر كتكوت التسمين (جنيه مصري) خلال الـ 12 شهراً الماضية - ذروة فوق 55 جنيهاً في منتصف 2025 ثم هبوط حاد إلى 10 جنيهات في يوليو 2025
مسار سعر كتكوت التسمين (جنيه مصري)
هذا مثال توضيحي لتأثير الرسم البياني على تنسيق النصوص.
تفسير التناقض: لماذا انهار السعر فجأة؟
يقدم خبراء القطاع تفسيرين متباينين للصورة:
-
تفسير "التخارج والتقليص" (عبد العزيز السيد - رئيس شعبة الثروة الداجنة):
- الخسائر الفادحة: يشير السيد إلى أن سعر كيلو الدواجن الحية في المزرعة ظل مستقراً عند 60-61 جنيهاً لأكثر من شهر، وهو أقل من تكلفة الإنتاج بما لا يقل عن 10 جنيهات. هذه الخسائر أجبرت العديد من المربين على:
- تجنب بدء دورات إنتاج جديدة.
- تقليص إنتاجهم الحالي بنسب قد تتجاوز 50%.
- التخارج المؤقت من السوق.
- مخاوف الصيف: يخشى المربون من ارتفاع درجات الحرارة القياسي المتوقع في أغسطس، والذي يزيد نسبة نفوق الكتاكيت خاصة في المزارع المفتوحة (75% من المزارع)، مما يثنيهم عن الشراء الآن.
- تحذير من نقص مستقبلي: يحذر السيد من أن هذا العزوف عن الإنتاج يعني نقصاً حاداً في المعروض من الدواجن خلال أغسطس، مما قد يدفع الأسعار لارتفاعات قياسية جديدة، رغم تأكيده أن العرض والطلب هما المحكّم الأساسي في ظل ركود السوق الحالي.
- الخسائر الفادحة: يشير السيد إلى أن سعر كيلو الدواجن الحية في المزرعة ظل مستقراً عند 60-61 جنيهاً لأكثر من شهر، وهو أقل من تكلفة الإنتاج بما لا يقل عن 10 جنيهات. هذه الخسائر أجبرت العديد من المربين على:
-
تفسير "الفائض الإنتاجي" (ثروت الزيني - نائب رئيس اتحاد منتجي الدواجن):
- طفرات الإنتاج: يرى الزيني أن السبب الرئيسي هو تحقيق فائض في إنتاج كتاكيت التسمين بنسبة 20% بعد استقرار سلاسل التوريد عقب تحرير سعر الصرف في مارس 2024.
- زيادة طاقات الشركات: استجابة للأسعار المرتفعة سابقاً (55-60 جنيهاً للكتكوت)، قامت شركات الجدود والأمهات (المسؤولة عن إنتاج كتاكيت التسمين) بزيادة طاقاتها الإنتاجية بشكل كبير، مما أدى إلى هذا الفائض الحالي.
- فتح باب التصدير: أكد الزيني أن الحكومة سمحت بتصدير فائض بيض التفريخ والجدود لأسواق أفريقية بعد تشبع السوق المحلية.
- توقعات إنتاج ضخمة: يتوقع إنتاج 1.6 مليار دجاجة بنهاية 2025 (فائض 300 مليون طائر)، وإنتاج 15 مليار بيضة مائدة (فائض 1.5 مليار بيضة).
رسم بياني يوضح: توزيع أسباب انخفاض سعر الكتاكيت (نسبة مئوية) - بناءً على رأيي السيد (تقليص إنتاج/تخارج) والزيني (فائض إنتاج)
المعضلة الأكبر: لماذا لا يلمس المستهلك هذا الانخفاض؟
يشترك الخبيران في الإشارة إلى مشكلة جوهرية تمنع وصول فوائد انخفاض أسعار المزرعة للمواطن:
- فجوة التجزئة: رغم بيع كيلو الدواجن في المزرعة بحوالي 60 جنيهاً، يصل سعره للمستهلك النهائي إلى 80 جنيهاً أو أكثر.
- لعبة الوسطاء: ينتقد الزيني بشدة تعدد الحلقات الوسيطة في سلسلة التوزيع بين المزرعة والمستهلك، والتي تلتهم الفارق وتُبقي الأسعار مرتفعة.
- حل مُهمل: يطالب الزيني بتفعيل قانون منع تداول الدواجن الحية (رقم 70 لسنة 2009)، الذي سيساهم في:
- تقليل الوسطاء.
- خلق احتياطي استراتيجي مجمد للدولة لمواجهة الأزمات.
- ضبط السلسلة وربما تقليل سعر التجزئة.
مستقبل غير واضح: بين فائض اليوم ونقص الغد
يتوقع المشهد القريب تطورات متضاربة:
- انتعاش قصير للمربين: الانخفاض الحاد في سعر الكتكوت يخفف عبء التكلفة على المربين الذين ما زالوا يعملون.
- عاصفة أغسطس المحتملة: إذا استمر عزوف المربين عن الإنتاج كما يحذر السيد، فمن المرجح حدوث نقص حاد في المعروض من الدواجن خلال أغسطس، يقابله ارتفاع كبير في الأسعار للمستهلك، خاصة مع زيادة الطلب في المواسم.
- أهمية التصدير: يؤكد الزيني أن فتح أسواق تصدير مستدامة للفائض (دواجن، بيض مائدة، بيض تفريخ، جدود) هو الحل الأمثل لحماية المربين من انخفاضات الأسعار المدمرة واستقرار السوق المحلية.
الخلاصة
انهيار سعر الكتكوت إلى 10 جنيهات هو صورة معقدة لسوق دواجن مصرية تعاني من اختلالات هيكلية. بين تفسير يراه إنذاراً لموجة غلاء مقبلة بسبب عزوف المربين، وآخر يراه نتيجة نجاح في تحقيق فائض إنتاجي، تظل الحقيقة الأكثر إلحاحاً هي معاناة المستهلك من فجوة أسعار كبيرة بسبب سلسلة التوزيع. بينما تشكل فتحات التصدير أملاً لاستقرار القطاع على المدى المتوسط، يبقى تفعيل القوانين لتبسيط السلسلة وتقريب الفارق بين المزرعة والمواطن هو التحدي الأكبر والأكثر إلحاحاً لضمان عدالة الأسعار.
المصادر:
- الشروق - تراجع أسعار كتاكيت التسمين بالأسواق المحلية بنسبة 82% خلال الشهر الجاري (يجب استبدال هذا الرابط بالرابط المباشر للخبر الأصلي عند نشره - النص الأصلي منشور في 24 يوليو 2025)
- تصريحات عبد العزيز السيد - رئيس شعبة الثروة الداجنة بغرفة القاهرة التجارية (مقابلة مع "الشروق" - 24 يوليو 2025).
- تصريحات ثروت الزيني - نائب رئيس اتحاد منتجي الدواجن (مقابلة مع "الشروق" - 24 يوليو 2025).
الوسوم
الكتاكيت|الدواجن|أسعار التسمين|التخارج الإنتاجي|فائض السوق


تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار