الصين في الصراع الإسرائيلي الإيراني: موازنة دقيقة بين المصالح والنفوذ
تتصاعد حرب الظل بين إسرائيل وإيران رغم الهدنة الراهنة، وفي قلب هذا التوتر تبرز الصين كفاعل رئيسي تُحاول التمشي على حبل مشدود بين دعمها الاقتصادي والعسكري غير المباشر لإيران، وحماية مصالحها الاستراتيجية في المنطقة. فهل تشعل بكين نيران المواجهة أم تطفئها؟
المشهد العسكري: أنظمة دفاعية صينية في الأجواء الإيرانية؟
- ترميم الدفاعات الإيرانية: بعد الضربات الإسرائيلية التي استهدفت منشآت نووية وعسكرية في يونيو 2025، تسارع طهران لاستبدال منظومات الدفاع الجوي المتضررة. وتشير تقارير غربية إلى توريد أنظمة صينية متطورة لإيران، رغم النفي القاطع من السفارة الصينية في تل أبيب .
- تكتيكات الحرب غير التقليدية: تكشف تقارير صحفية عن تورط إسرائيل في عمليات تخريبية داخل إيران، منها حرائق وانفجارات غامضة، ما يدفع طهران للبحث عن تعويض خسائرها عبر حلفائها، خاصة مع تراجع القدرات الروسية بسبب حرب أوكرانيا .
- التجربة الباكستانية نموذجاً: خلال النزاع الهندي الباكستاني الأخير، أثبت السلاح الصيني فاعليته في إسقاط طائرات هندية، ما يثير تساؤلات عن إمكانية تكرار السيناريو في إيران لو اندلعت مواجهة مفتوحة مع إسرائيل .
الموقف الصيني الرسمي: إدانة وحياد مدروس
- اتهام أمريكي مباشر: اتهم المتحدث باسم الخارجية الصينية غوو جياكون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بـ"صب الزيت على النار" بعد دعوته لإخلاء طهران، معتبراً أن التهديدات تزيد التصعيد .
- دبلوماسية مزدوجة المسار:
- ضمان أمن رعاياها: أجرت الصين اتصالات مكثفة مع إسرائيل وإيران لحماية مواطنيها، وأخلت أكثر من 1600 صيني من إيران ومئات من إسرائيل .
- وساطة دولية: قدم الرئيس شي جين بينغ خلال اتصال مع بوتين 4 مقترحات لتهدئة الأزمة، تشمل وقف إطلاق النار وحماية المدنيين والعودة للحل السياسي للقضية النووية .
المصالح الاقتصادية: النفط الإيراني عصب العلاقة
- شريان الطاقة الحيوي: تعتمد الصين على النفط الإيراني الرخيص لتلبية 10-15% من وارداتها النفطية، وهو ما يتم عبر "أسطول شبحي" من الناقلات التي تغلق أجهزة التتبع لتفادي العقوبات. في 2024، حصلت بكين على رقم قياسي بلغ 1.11 مليون برميل يومياً من الخام الإيراني .
- مخاطر التصعيد: أي ضربة إسرائيلية للمنشآت النفطية الإيرانية قد ترفع كلفة الطاقة على الصين، وتهدد استثماراتها الضخمة في مشاريع البنية التحتية بدول الخليج وإسرائيل نفسها، حيث تضخ مليارات الدولارات ضمن مبادرة الحزام والطريق .
جدول: محركات العلاقة الصينية الإيرانية
| المجال | أبرز التعاون | المخاطر الحالية |
|---|---|---|
| الطاقة | - استيراد 1.11 مليون برميل نفط يومياً (2024) | تعطل الإمدادات إذا استهدفت منشآت إيرانية |
| التعاون العسكري | - توريد صواريخ (سيلك وورم) تاريخياً | نفي صيني رسمي لتوريد أسلحة حديثة |
| البرنامج النووي | - دعم فني صيني سابق في مركز أصفهان للأبحاث (1985-1996) | قصف إسرائيلي للمنشآت النووية في 2025 |
حدود الدور الصيني: لماذا تتردد بكين؟
- حسابات الربح والخسارة: تمتلك الصين استثمارات ضخمة في إسرائيل ودول الخليج، وتخشى خسارتها إذا انخرطت عسكرياً لصالح إيران. وفق الباحث يوحنان تسوريف، تفضل بكين تعزيز نفوذها عبر القنوات الاقتصادية بدلاً من المخاطرة بمصالحها .
- أولويات الاستقرار الإقليمي: يخدم تصاعد التوتر مصالح الصين كفرصة لتقويض النفوذ الأمريكي، لكن حرباً إقليمية شاملة قد تعطل مشاريعها في الشرق الأوسط، خاصة أن 18% فقط من طاقتها تعتمد على النفط مقارنة بـ 34% لأمريكا .
- التنسيق الثلاثي الخفي: رغم العلنية في التشاور مع إيران وروسيا حول الملف النووي، لا تزال الصين تحجم عن دعم عسكري صريح، مفضلة التنسيق السري لسد الفراغ الذي خلفه انشغال روسيا .
مستقبل الصراع: سيناريوهات متوقعة
- استمرار حرب الظل: مع استعداد إسرائيل لجولة قادمة "أكثر ضراوة" وفق وزير دفاعها، وإعادة إيران بناء دفاعاتها بدعم صيني غير مباشر، قد تستمر الهجمات المحدودة والعمليات التخريبية .
- صفقة غزة كـ"مفتاح": يشير محللون إلى أن أي تقدم في مفاوضات الدوحة بين إسرائيل وحماس قد يغير ديناميكية الصراع الإقليمي، ويحد من تصعيد طهران .
- تصعيد كارثي: إذا قررت إسرائيل ضرب منشآت نووية أو نفطية إيرانية، قد تدفع الصين لدعم إيران علناً، خاصة بعد تدمير منشأة نطنز النووية جزئياً في 2025 .
الخلاصة: بكين بين نارين
تسير الصين على حافة سكين: من جهة، حليفتها الإستراتيجية إيران التي توفر نفطاً رخيصاً وتمثل بوابة نفوذ في غرب آسيا، ومن جهة أخرى، شركاؤها الاقتصاديون في الخليج وإسرائيل حيث مصالحها التجارية. رغم خطابها الداعم لطهران في الأمم المتحدة، يظل تدخلها العسكري المباشر مستبعداً في الأمد القريب، لكنها قد تدفع ثمن أي حرب إقليمية عبر اختناقات الطاقة وتصدعات طريق الحرير. الأيام القادمة ستكشف إن كانت بكين قادرة على لعب دور "المنقذ" أم ستصبح جزءاً من المشكلة.
مصادر مباشرة:
- تهديد إسرائيلي وصمت إيراني.. هل تشعل الصين نيران المنطقة؟
- الصين تتهم ترامب بـ"صب الزيت على النار" بين إسرائيل وإيران
- انخراط محسوب: أبعاد الموقف الصيني من التصعيد الإسرائيلي الإيراني
الوسوم
الصين وإيران | الصراع الإسرائيلي الإيراني | النفط الإيراني | الدفاعات الجوية | مبادرة الحزام والطريق

تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار