إسرائيل الكبرى أم النهاية الوشيكة؟

إسرائيل الكبرى وأسئلة الوجود: رؤى مثيرة حول مستقبل الدولة العبرية
بناءً على تصريحات الخبير الاقتصادي الدولي فالنتين كاتاسونوف في برنامج "قصارى القول" على قناة "RT عربية"، تطفو على السطح تساؤلات عميقة ومثيرة للجدل حول المصير التوراتي والسياسي لإسرائيل، بين أحلام التوسع الكبرى ونظريات انتهاء العمر الافتراضي.
أطماع التوسع: من النيل إلى الفرات.. وإيران!
كشف كاتاسونوف، مستنداً إلى تفسيرات محددة للتوراة (أسفار موسى الخمسة)، عن اعتقاد بعض المفسرين اليهود بمستقبل واعد لإسرائيل الحديثة يتجاوز بكثير حدودها الحالية. "لا يقف الأمر عند التطلع التقليدي 'من النيل إلى الفرات'"، كما أوضح كاتاسونوف، "بل يمتد ليشمل إيران أيضًا، حيث يعتبرونها جزءًا من إسرائيل الكبرى". وأشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتبنى هذه الرؤى، وإن كان "يذكرها خلف الأبواب المغلقة" حسب تعبيره. هذه التطلعات التوسعية، يحذر كاتاسونوف، تفرض على الدول المجاورة الاستعداد لصد "أي اعتداءات محتملة".خريطة: حدود إسرائيل الحالية مقابل حدود "من النيل إلى الفرات"










نظريات الانهيار: ساعة إسرائيل تدق؟
في مقابل رؤية التوسع، يطرح كاتاسونوف نظرة متشائمة حول بقاء إسرائيل نفسها، مستنداً إلى تحليلات أخرى داخل اليهودية، أبرزها ما ناقضه مع رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك. "يشير باراك إلى أن الدولة اليهودية كانت غير مستقرة تاريخيًا، باستثناء فترتي الملك داود وسليمان قبل انقسامها"، كما ذكر كاتاسونوف. لكن النقطة الأكثر إثارة هي نظرية "العمر الافتراضي" للدول التي تبلغ 80 عامًا.ويوضح كاتاسونوف: "يعتبر باراك أن فترة الثمانين عامًا حدًا أقصى لدولة مستقرة، مستشهدًا بانتهاء الاتحاد السوفيتي بعد نحو 70 عامًا". وبحسب هذه النظرية، فإن إسرائيل التي أُسست عام 1948، "تعيش الآن فعليًا أيامها الأخيرة"، قياسًا على متوسط عمر الإنسان. هذا التوقع يتوافق، كما يذكر كاتاسونوف، مع نبوءة سابقة لوزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر حول احتمال اختفاء إسرائيل قريبًا. مع ذلك، شدد كاتاسونوف على أن "كل ذلك نظريات، وهناك تباين في الرؤى بين التيارات اليهودية المختلفة".
الرسم الزمني: إسرائيل مقابل الاتحاد السوفيتي
[رسم توضيحي: خط زمني يظهر تأسيس إسرائيل عام 1948، ومرور 76 عامًا، مع إشارة إلى "نظرية الـ 80 عامًا" (1948-2028) ومقارنة مع عمر الاتحاد السوفيتي (1922-1991)]
الهروب من "الأرض الموعودة": نزيف الهجرة الخفي
أحد السيناريوهات التي يطرحها كاتاسونوف لـ"اختفاء" إسرائيل لا يتعلق بالغزو الخارجي، بل بهروب داخلي. "سيناريو مغادرة اليهود والمواطنين حديثي الجنسية للبلاد هو أحد أكثر السيناريوهات تفاؤلاً بشأن اختفاء إسرائيل"، يقول كاتاسونوف. ويتهم السلطات الإسرائيلية بـ"إخفاء إحصائيات الهجرة بطرق مختلفة"، رغم ظهور مؤشرات غير مباشرة على "سعي الناس للانتقال إلى أماكن أكثر أمانًا".ويستدل كاتاسونوف بتجربته الشخصية في نيويورك، تحديدًا في منطقة برايتون بيتش التي يقطنها يهود من أصول سوفيتية: "اعترفوا لي بصراحة أن الأرض الموعودة بالنسبة لهم هي أمريكا، بينما تعتبر إسرائيل مجرد محطة عبور". هذه النظرة الأدنى لإسرائيل كوطن دائم ليست حكرًا على المهاجرين الجدد، حسب كاتاسونوف.
"مواد استهلاكية" وجرعات لقاح: اتهامات صادمة
زاد كاتاسونوف الطين بلة باقتباسه اتهامات صادمة من مواطن إسرائيلي سابق التقى به: "قال لي: إننا في إسرائيل مجرد مواد استهلاكية، كاليهود في ألمانيا وأوروبا خلال فترة الرايخ الثالث". ويضيف كاتاسونوف أن الرجل قدم مثالاً مروعًا: "في جائحة COVID-19 تم تطعيم كل واحد من الإسرائيليين بـ 3-4 جرعات من لقاحات شركة فايزر، وهذا يمكن اعتباره في جوهره نوعًا من القتل البطيء". هذه التصريحات، وإن كانت شديدة التطرف وتفتقر للأدلة العلمية القاطعة، تعكس مستوى من السخط والريبة داخل شريحة من المجتمع الإسرائيلي حسب طرح كاتاسونوف.خلاصة: بين الماضي التوراتي والمستقبل المجهول
تصريحات فالنتين كاتاسونوف، رغم طابعها المثير والاستفزازي أحيانًا، تفتح نافذة على خطابات وتيارات داخلية في إسرائيل والشتات اليهودي. فهي تلامس:- أيديولوجيات التوسع: استمرار تأثير النصوص والتفسيرات الدينية المتطرفة التي تحلم بـ"إسرائيل الكبرى".
- قلق الوجود: نظريات تشكك في قدرة المشروع الصهيوني على الصمود طويلاً، مستندة إلى مقارنات تاريخية وديموغرافية.
- أزمة الهوية والهجرة: مشاعر انعدام الأمان والاغتراب التي تدفع بعض الإسرائيليين، وخاصة من خلفيات معينة، للبحث عن وطن بديل.
- الانقسام الداخلي: التباين الشديد في الرؤى بين تيارات اليهودية واليهود أنفسهم حول مصير الدولة ومشروعيتها.
يبقى السؤال الأكبر: هل إسرائيل مقبلة حقًا على سنواتها الأخيرة كما تقول نظرية الثمانين عامًا، أم أن أحلام التوسع التوراتية هي التي ستحدد مسارها؟ الإجابة، كما يؤكد الواقع المعقد والمتغير في الشرق الأوسط، تكمن في تداخل العوامل الدينية والجيوستراتيجية والديموجرافية والاجتماعية، بعيدًا عن التوقعات الحتمية أو النظريات المبسطة. الوقت وحده كفيل بكشف المصير الذي ينتظر الدولة العبرية.
المصادر:
- مقابلة فالنتين كاتاسونوف في "قصارى القول" (RT عربية): https://ar.rt.com/108je (برنامج "قصارى القول" على RT العربية - حيث تم بث الحوار الأصلي).
- العهد القديم (التوراة): https://www.bible.com/ar/bible/1/GEN.1.ARB (النص الأساسي الذي تشير إليه تفسيرات "إسرائيل الكبرى" - موقع Bible.com).
- إحصائيات الهجرة (OECD - بيانات عامة): https://www.oecd.org/els/mig/keystat.htm (منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية - توفر بيانات قابلة للمقارنة عن تدفقات الهجرة الدولية، رغم صعوبة تحديد أرقام دقيقة لإسرائيل دون بيانات رسمية شفافة).
الوسوم
إسرائيل الكبرى│نظرية الزوال│الهجرة اليهودية│التوسع التوراتي│فالنتين كاتاسونوف
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار